الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معن بشور والتكامل القومي مع الإرهاب الصدامي والأصولي

جورج كتن

2005 / 9 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


معن بشور من بقايا مجموعة الرموز العربية للعهد الصدامي من سياسيين وإعلاميين عرب أمثال: عطوان وشبيلات والبكري وحسيب ...، التي تحالفت مع النظام العراقي السابق، واستمرت في الدفاع عنه رغم اتضاح مدى الضرر الذي ألحقته سياساته بالعراق والمنطقة، وما سببته من كوارث طالت المواطنين من كافة الفئات.
بشور بشكل خاص يراهن على عودة البعث للحكم في العراق، ليستمر في دعم المؤتمر القومي العربي الذي يترأسه، فمصلحته تقتضي معاداة العملية السياسية الديمقراطية الجارية في العراق، ففي مقاله "فراريج العراق" المنشور –بالنهار, 12 أيلول- يعتبر أن الغرض الحقيقي للعملية "مساعدة الرئيس بوش على مواجهة المعارضة المتصاعدة لسياسته في العراق", متجاهلاً ما يجري من تطبيق لبرنامج مجلس الأمن حسب قرار 1466 الذي حدد مراحل العملية, التي وصلت حالياً للتحضير للاستفتاء على الدستور منتصف الشهر القادم، لتليها انتخابات لمجلس تشريعي حسب بنود الدستور الجديد.
يفضل بشور تجاهل القرارات الدولية لأنه يعتبرها مجرد استنساخ لقرارات الكونغرس الأميركي عندما تأتي مخالفة لتصوراته, كما في القرارات حول العراق ولبنان وسوريا والسودان، بينما يتمسك بالشرعية الدولية فيما يخص المسألة الفلسطينية ويطالب بالضغط على إسرائيل لتطبيقها.
ولكي يقلل بشور من أهمية العملية السياسية العراقية كان لا بد له من تجاهل خروج 8.5 مليون ناخب من شتى أنحاء العراق, عدا المناطق الموبوءة بالمسلحين, للمشاركة في انتخاب ممثليهم للجمعية الوطنية, وهي مشاركة تمت بكثافة رغم التهديدات الإرهابية بقتل أي مرشح أو مقترع, مما شكل انتصاراً كبيراً للشعب العراقي الذي أثبت جدارته بالديمقراطية التي حرم منها لعقود طويلة.
يكتفي بشور عند ذكر هذه الانتخابات التاريخية بأنه "شارك فيها عراقيون" –دون ال التعريف- " ظانين أنها ستقودهم إلى خروج الاحتلال" فخاب ظنهم, متجاهلاً أن خروج الاحتلال مرهون باستكمال العملية السياسية وبتزايد الاعتماد على القدرات العراقية لمواجهة الإرهابيين دون الحاجة لمساعدة القوات متعددة الجنسية. وحسب قرار مجلس الأمن فالحكومة العراقية المنتخبة مخولة طلب خروج القوات في الوقت الذي تراه مناسباً, وهذا أمر يعلمه العراقيون الذين شاركوا في الانتخابات. وحتى الأقلية التي قاطعت عادت للاعتراف بخطأها، وبأنها ستشارك في الاستفتاء والانتخابات القادمة. ولم يبق معارضاً للعملية السياسية سوى بقايا البعث والزرقاويين والمتضررين العرب من قيام نظام ديمقراطي وبشور.
وليدلل على صحة موقفه يسوق حججاً واهية من قبل أن الحكومة العراقية الحالية تشكلت بعد تعثر! أو أن أحزاباً ووجوهاً شاركت في العملية السياسية سابقاً اعترضت على ما يحصل! فهو رغم إعلانه عن نفسه كعروبي "ديمقراطي" يتناسى أن الاعتراض أو عدم الاشتراك حق ديمقراطي, فقد اعتاد على القرارات الجماعية الفورية للأنظمة الاستبدادية التي لا تقبل بمشاركة أطراف مختلفة لكي لا "تتعثر" قراراتها التي يصدرها فرد وينفذها الجميع.
يلجأ بشور لمخيلته ليقول أن الدستور ستسقطه "المقاومة" كما أسقطت مشاريع سابقة، أي كما فشلت عملياً في منع الانتخابات السابقة, وإذا بدا الاستناد إلى المخيلة ضعيفاً يخمن بشور أنه يمكن "إسقاط الدستور عبر الاستفتاء ذاته إذا أجمعت القوى المناهضة للاحتلال على المشاركة في التصويت", دون أن ينتبه إلى أن المشاركة التي يتحدث عنها هي جزء من العملية السياسية التي يسفهها ويعتبرها, متناقضاً مع الوقائع, منافية لإرادة الشعب.
من الواضح أن بشور متفائل بانتصار مجاهدي المقاومة البعثية الزرقاوية، مما جعل الخروج من المستنقع العراقي "الشغل الشاغل للإدارة الأميركية "، علماً أنه يفضل في أمكنة أخرى وحسب الحاجة, أن يقول أن أميركا عازفة عن الانسحاب من العراق–مداخلة ندوة جريدة البعث, أيلول2004-. و"المقاومة" برأيه حركة شاملة لكل العراق, يبرئها من أعمالها الإجرامية كقتل المدنيين والهجمات على المساجد والحسينيات والكنائس...، فقوات الاحتلال هي التي تقتلهم؟! والزرقاوي برأيه غير موجود. والمقاومة أنهكت قوات الدولة الأعظم وستغير موازين القوى ليس في العراق والمنطقة فحسب بل في العالم بأسره !! ولا بأس من تأكيد ذلك بأرقام خيالية عن 50 ألف جريح من القوات الأميركية!! ومن إظهار بوش بلا إرادة وأن النصائح الإسرائيلية المسمومة هي التي قادته للحرب وتبقيه في العراق!!
والمقاومة برأيه لم تعد تنظيمات بل "يقودها تنظيم محوري"، دون تحديده. ويحق لنا أن نستنتج أنه يقصد حزب البعث إذ أنه يمدحه في مقالات متعددة كحزب عريق يضم الملايين من الأعضاء، والحرب ضده هي حرب صهيونية كما كانت ضد عبد الناصر وضد الحركات الإسلامية المجاهدة. ويسعى لتنظيفه من جرائمه، فيقول في فضائية الجزيرة إن ضحايا صدام في مذابح الشمال والجنوب "يستحقون القتل لأنهم خونة". ويتحسر على العراق الذي كان برأيه آمناً في ظل صدام, متناسياً تسببه بثلاث حروب كارثية وعبثية، فالأمن المغمس بدماء الشعب أفضل إنتاج لأنظمة الاستبداد العربية.
ولا يمكن أن نلومه لتأييده النظام السابق، الذي رغم فاشيته رفع الشعارات التي تغنى بها بشور في المؤتمرات القومية التي يرأسها, حيث تجد الأحلام القومية من يدغدغها، إذ يمكن تجميلها بمفاهيم "ديمقراطية" دون التوقف عن مديح الأنظمة الاستبدادية "القومية", فالعراق قبل سقوط البعث, برأي بشور, حقق انتصاراً في بناء قاعدة تكنولوجية وعلمية!!
وهو يشيد بدور سوريا الإقليمي والقومي وبالوجود السوري في لبنان، ويرى أن " ليس هناك أي شكوى حول هذا الوجود" !!–من مداخلة ندوة البعث-, متجاهلاً المظاهرات التي نظمتها أحزاب لبنانية ضد الوجود السوري خلال السنوات الأربع المنصرمة, والمعارضة الواسعة لفرض التمديد السوري للحود، قبل أن تنفجر "شكوى" الملايين بعد اغتيال رفيق الحريري، التي كان من الممكن أن يتنبأ بها سياسي محنك مثل بشور, لولا انحيازه للأنظمة "القومية" الاستبدادية، ودفاعه عنها مع اعترافه الخجول بشوائب لحقت بممارساتها.
وعندما يعي بشور ضعف التمسك بالأحلام القومية وصعود "الصحوة الإسلامية"، فإنه يندفع للمساهمة في بلورة "العلاقة التكاملية بين العروبة والإسلام", ففي مقال له لنفي سقوط الفكر القومي العربي، يتبنى مقولة عفلق: "العروبة جسد روحه الإسلام", ويعتبر العلاقة التكاملية بينهما عنصر التوحيد الرئيسي في المنطقة، ولا يستثني من أفضالها غير المسلمين إذ يقحمهم في اعتبار الإسلام ثقافة وحضارة لهم، دون أخذ موافقتهم على هذه المقولة التضليلية.
كما ينفي بشور الظلامية والتخلف عن التيارات الإسلامية، وهو في تكامله معها متأكد أن الشعب الباكستاني سيرد على اللقاء الباكستاني- الإسرائيلي مؤخراً، وربما تلبي الحركات الجهادية الباكستانية دعوته هذه للعمل. ويساهم بشور في مؤتمرات قومية-إسلامية مشتركة، ليصل إلى رفض عزل المعركة في العراق عن "بعدها الإسلامي" كعنصر تعبئة وحشد, وبذلك يمهد لقبول "مجاهدي" قطع الرؤوس والسيارات المفخخة وفسطاط الكفر وتصفية الروافض...كأبطال مقاومة، ففي مرحلة انحطاط الفكر القومي يمكن الإقدام على تجريده من علمانيته للتحالف مع قوى الجريمة المنظمة والإرهاب الأصولي بالاعتماد على التنظير للتكامل بين العروبة والإسلام.
نأمل إلا تنجرف أطراف الحركة القومية العربية إلى مواقف بشور، فإن تجديد الفكر القومي ومراجعته لمنع أفوله النهائي لا يكون بإلباسه ثوباً ديمقراطياً مع الاستمرار في تأييد الأنظمة الاستبدادية والقوى الأصولية الإرهابية، وتشويه العملية السياسية الديمقراطية الجارية في العراق بحجة مقاومة المحتل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |