الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لوزان والاحتلال الإيراني لسوريا

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2015 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية



يضيف إطار التفاهم بشأن النووي الإيراني، خاصّة جديدة، لطهران التي ترى فيه مكسباً جديداً ينضاف الى سجلّها القومي، من حيث إرغام الغرب على الاستجابة لمطالبها، في مفاوضات لوزان الأخيرة. تتثمثل هذه الخاصية بأن الاتفاق المتوقع إبرامه في حزيران القادم، يمنحها وقتاً مهماً من اجل إعادة ترتيب أولوياتها الاستراتيجية في المنطقة،خاصة بعد انطلاق عاصفة الحزم قبل أسابيع، وهو ما يعطيها قدرة على الملائمة مابين التحديات التي تواجه تمددها في اليمن، والحفاظ على مكانتها ودورها القائم في كل من سوريا والعراق.
من شأن هذا الاتفاق، أن يكرس الوجود الايراني في المنطقة، طالما أنه ليس مرتبطاً بأية قضايا أخرى، خارج المسألة النووية. والواقع ان واشنطن، بدرجة أساسية -على خلاف الاتحاد الأوروبي- كانت تسعى بوضوح للتوصل الى اتفاق محدد، يجعل من المسألة النووية الإيرانية، مؤشراً على صوابية السياسة الخارجية الجديدة للبيت الأبيض، المتمثلة باحتواء الخصوم، وحلّ المشكلات الدولية عبر التفاوض، دون اللجوء الى الحرب، أو استخدام القوة، وهو واحد من أسس استراتيجيات الديمقراطيين الأمريكيين الذين يأخذون بالدبلوماسية حتى لحظة استخدام القوة العسكرية، بخلاف الجمهوريين تماماً.
وفي سبيل إحراز تقدم يُحسب لواشنطن، كانت إيران على استعداد للتفاوض بحيوية في مختلف ملفات النووي، سياسياً وتقنياً، غير أنها نجحت في إبقاء القضايا السياسية والأمنية المتعلقة باستراتيجتها الاقليمية، وتصدير الثورة، وتدخلاتها الواسعة، بعيداً عن طاولة المناقشات، بل وخلف الأبواب المغلقة، الأمر الذي منح كل الأطراف تركيزاً في مسائل نووية، وعلاقات ثنائية ومصالح متعددة لإيران مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي كانت تواصل انتهاج سياسات أكثر دموية وبشاعة في الشرق الأوسط، خاصة في العراق الذي تسيطر على صناعة القرار فيه، وفي سوريا حيث تعزز وجودها كقوة احتلال مباشر.
المشهد السوري اليوم، مع حلول ذكرى الاستقلال، يوضح مدى إهدار نظام الأسد لقيمة الاستقلال الوطني لسوريا، الذي تحقق قبل 70 عاماً بالتضحيات الكبرى، وعمل البعث وحلفائه، وسلطته الأمنية – العسكرية، منذ 1970، على تفتيت بذور الدولة الوطنية السورية، وصولاً الى الارتماء في أحضان الخميني وسلطة ملالي قم، دون أي اعتبار للسيادة الوطنية التي يتحدث النظام عنها من حين لآخر.
الاحتلال الإيراني في سوريا، لم يكن وليد اللحظة. لقد استجلب النظام الأسدي التدخل الخارجي لمواجهة الثورة السورية، مثلما فعل مطلع الثمانيات عندما استقوى بطهران في مواجهة بغداد، وأحداث الثمانينات في سورية، وواصل طاغية دمشق تمكين ايران من تغلغل نفوذها الثقافي والديني، عبر أكثر من عشرين عاماً، إلى أن وضع الأسد الإبن كل مقادير الدولة السورية، مع تورثه السلطة، بين يدي ملالي قم، وأصبحت إيران هي القوة الأساسية الفاعلة والمحركة في سورية، عبر المؤسسات الأمنية، وتطورت لاحقاً مع انطلاقة الثورة السورية، الى وضع يدها بصورة مباشرة على المؤسسة العسكرية، وهي التي تقوم اليوم على وضع خطط الحلّ الأمني والعسكري، الذي اختاره النظام السوري منذ مارس/آذار 2011.
يبدو حجم الميليشيات الإيرانية، والعراقية، التي تأتمر بقاسم سليماني، إضافىة الى حزب الله اللبناني، كبير جداً، الى درجة الانتشار العسكري، على قوس المنطقة الحدودية مع اسرائيل، وصولا الى حدود شبعا اللبنانية، في ظل استراتيجية إيرانية لفرض سياسة الأمر الواقع في سوريا والعراق.
لم تكتف إيران باحتلال سوريا، وتسيير السلطات الحاكمة في دمشق كأتباعٍ لها، وتقديم الدعم والاسناد العسكري والسياسي الكامل بالتنسيق مع موسكو وأطراف أخرى، لكنها أيضاً لعبت دوراً فعالاً وكبيراً في نشوء داعش، والسماح بعبور المقاتلين عبر أراضيها الى العراق وسوريان والتغاضي عن المال والسلاح وعمليات الامداد اللوجستي التي يقوم بها تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي، وممارساته التي تخدم سياسات إيران في التدخل في المنطقة، وسعيها الحثيث لتعويم نظام الأسد.
طالما أن المجتمع الدولي يتغاضى عن دور إيران في سوريا والعراق، ولا تثيره جرائم الأسد الذي يذبح السوريين بالبراميل المتفجرة والغازات السامة، والحصار والتجويع، فإن طهران لن تتوقف عن تعزيز احتلالها لسوريا، خاصة وأنها في المرحلة المقبلة، سيحقق لها الاتفاق النووي، انفراجاً اقتصادياً سينعكس على أدائها السياسي في المنطقة، من خلال إعادة اندماجها وتجديد علاقاتها مع الغرب والمجتمع الدولي، وسيمنحها مزيداً من القوة لاستمرار دعم نظام الأسد، والإصرار على أن تكون شريكة أساسية في جرائم الإبادة الجماعية التي ينفذها يومياً بحق السوريين.
الثورة السورية اليوم تواجه عدوين حليفين، هما نظام الاستبداد الأسدي، والاحتلال الإيراني، الذي يدفع باتجاه تدمير سوريا وإحراقها وإغراقها بالدم، كي يستعيد الامبراطورية الساسانية البائدة، التي لن ترى النور مجدداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العداء لإيران حجة من اجل دمار بلادنا المشرقية
سلام عادل ( 2015 / 4 / 15 - 20:06 )
غسل دماغ المواطن المسلم والعربي بالطائفية والعداء للشيعة وإيران اصبح يستفز كل إنسان يحترم عقله ويحب بلده. أصبحت ايران قميص عثمان لتبرير الخيانة وتدمير سوريا والعراق واليمن وكل القوى المعادية للاستعمار. كل الشر والاحتلال في فلسطين ودمار العراق وليبيا ومع ذلك نقرا مثل هذا المقال العنصري والطائفي والملئ بالمغالطات


2 - تفآءلوا بالخير تجدوه.
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2015 / 4 / 16 - 08:26 )
كان تعليقي رقم اثنين بشارة سارة لك ايها الاخ الكريم عبد الرحمن مطر وللعرب خاصة والمسلمين عامة بالنصر المؤزر التي بدت علاماته تلوح في الافق ولكن الاخوة في الحوار المتمدن رفضوا نشره ر بما لسبب عدم قناعتهم بالبشارة قبل ان يتم النصر. لكن اقول:
تفآءلوا بالخير تجدوه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


3 - المشروع الإيراني
أبو القاسم الشمري ( 2015 / 4 / 17 - 05:08 )
المشروع الإيراني مليء بالسخافات
آخرها تزفييت الشوارع لأن المهدي قادم هذا العام
وكل السلطة لذوي العمائم
وولاية الفقيه
شو الناس بتاكل دين

إن لم ينجح السنة بتحرير سوريا من الفرس المعممين
فسينجح الملحدون ويغدو السوريون بلا دين وملحدين

اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة