الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين النهر والجبل .. رواية تتحدث عن النوبة القديمة

أحمد عبد الرازق أبو العلا

2002 / 12 / 30
الادب والفن


(بين النهر والجبل) .. رواية  تتحدث عن النوبة القديمة                               
                                                      


  في روايته ( بين النهر والجبل ) يكتب الأديب " حسن نور " عن النوبة القديمة بعاداتها الاجتماعية وتقاليدها الموروثة ، عن لغتها المتميزة ، عن أبنائها البسطاء ، الفقراء ، المحبين للخير ن ومنذ أن كتب ( محمد خليل قاسم ) " الشمندورة " 1968 لم نقرأ رواية واحدة عن النوبة ، إلى أن ظهرت في أوائل التسعينات ثلاث روايات أراد أصحابها التعبير عن النوبة برؤي مختلفة ، تكشف الموقف الفكري والاجتماعي والفلسفي لكل واحد منهم تجاه الواقع ، فظهر التفاوت بين الأعمال  الثلاثة .                           
ورواية ( بين النهر والجبل ) واحدة من تلك الروايات ، وكانت قد سبقتها روايتي : ( الكشر ) لحجاج حسن أدول و( دنقله ) لإدريس علي ، وعلي الرغم من الخصوصية التي يتمتع بها المجتمع النوبي ؛ إلا أننا لا نحبذ تسمية الرواية التي تكتب تعبيرا عن هذا المجتمع ، بالرواية النوبية ، كما يصر معظم الكتاب والنقاد علي تسميتها ، لأن النوبة جزء من الأمة متصل بها اتصالا وثيقا لا يقبل الانفصال وإذا كان من الضروري وضع توصيف محدد لهذه الكتابة ، فيمكن أن نقول الأدب الذي يعبر عن المجتمع النوبي ،  رغم ما يحمله هذا التوصيف من بعد إقليمي  يضيق حركة الإبداع ، ويحد رؤاه.                                                               
والكاتب ( حسن نور ) – في الجزء الأول من روايته – يتعرض للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي أحدثها بناء الخزان عام 1902 ، مرورا بالتعليتين : الأولي 1912 والثانية 1933 . وفي الجزء الثاني من الرواية والذي جاء تحت عنوان ( السد) يتعرض للمتغيرات التي حدثت إبان بناء السد العالي عام 1964 ؛ ويرصد انعكاس هذه المتغيرات علي الإنسان المصري في النوبة القديمة ، وكيف أنه أراد أن يغير حياته تلبية لمتطلبات اللحظة الحضارية الآنية  ، وفي نفس الوقت يرصد مظاهر محاولة المحافظة علي التقاليد المتوارثة لهذا المجتمع خشية أن تندثر وتتلاشي .                                                           
   - ومن المعروف أن النوبة ، حتى قبل السد العالي وقبل تعلية الخزان ، كانت منطقة طاردة بسبب مستوي الحياة ، والظروف الطبيعية التي تحكم المكان بالإضافة إلى قلة مساحة الأرض التي يمكن الزراعة عليها . وأحداث الرواية تدور زمنيا أيام حكومة ( إسماعيل صدقي ) في الجزء الأول ، وفي الجزء الثاني أثناء ثورة يوليو وتحديدا في عام 1964 . وحسن نور يحدد في روايته أن كثيرا من شباب النوبة ذهب إلى أسوان للعمل في بناء السد العالي ، وأنهم يحبون عبد الناصر ولا يكرهونه بسبب بناء السد الذي أغرق دورهم .. يطمئنون   أنهم سيأخذون التعويض العيني والأماكن البديلة لأن ( عبد الناصر عرف منذ أن جاء إلى الحكم بحبه للفقراء ، وانحيازه لهم ) كما يصرح بذلك أحد شخوص الرواية ص 153
- والسؤال الآن : كيف تعامل الكاتب مع هذا المجتمع المتميز ؟؟                                         
لجأ إلى الرصد الخارجي للعلاقات الاجتماعية ؛ ذلك الرصد كانت من نتائجه أن تحول العمل إلى عمل تسجيلي ؛ بما احتواه من معلومات وأرقام وتواريخ للأحداث ، واستحضار لبعض العبارات باللغة  النوبية ، والتي وضع لترجمتها  - في الرواية – أكثر من ثمانين هامشا . هذه التسجيلية ليست ضد الرواية لأنها نوع من الكتابة الفنية .. هي نتاج متطلبات خاصة تتعلق غالبا بمضمون العمل وضرورته ، هذه الكتابة أقرب إلى النمذجة الصحفية التي وجدناها في معظم الروايات التي كتبها – علي سبيل المثال – طه حسين ( المعذبون في الأرض ) و( ما وراء النهر ) . هي أعمال سجل فيها ( طه حسين) العذابات التي يتعرض لها الفقراء والبسطاء في مجتمع ما قبل ثورة يوليو 52 ؛ محددا أن فكرة العدالة الاجتماعية ، فكرة صحيحة تؤكدها مواقف بعض رجال المسلمين كأبي ذر الغفاري ، وعثمان بن عفان وعمر بن الخطاب .. وغيرهم .                                                                                                                           
  والكاتب حينما يتعرض لبعض التقاليد الاجتماعية التي يتمتع بها المجتمع النوبي ، يتعرض لها مؤكدا ذلك المنحي التسجيلي فنجده يسجل أكثر من خمس عشرة  ظاهرة اجتماعية وطقسية علي مدار الرواية منها : الطقوس الخاصة بالزواج ، وأغاني الأفراح النوبية والتصرفات الخاصة بالموت ، وموسم جني البلح ، وطبيعة المقايضة فيما يتعلق بالبيع والشراء ؛ ويستحضر من الفلكلور النوبي نماذج كثيرة بالإضافة إلى تقاليد الزواج وأعرافه ؛ والتمسك بالمصرية حين عرض أحد الرجال الهجرة إلى أسوان ؛ والمحافظة علي البيت المعماري في حالة استبدال البيوت بعد بناء السد العالي . وتقديس النيل وعلامة ذلك : أن العريس لابد أن يغطس في مياهه قبل الدخول ، بالإضافة إلى أن واجهات البيوت تكون في مواجهة النيل الذي يذبحون له الذبائح  ويعدون الأطعمة ويلقونها فيه علي أمل أن تتناولها الأرواح الخيرة .                       - أبطال الرواية ( الشيخ عبدون – فاتون – حسيبة – مدينة – محجوب – الغريب – هلال عوض – وسيلة – عواضة – سامحة ) نماذج محبة للخير ؛ متسامحة إلى أقصي حد ؛ يقدسون الحياة العائلية ، مجاملون وقت الشدة .                                                                 
 -وما نأخذه علي اللغة في  الرواية  هو كثرة الجمل والعبارات والكلمات النوبية التي جاءت لمجرد الرغبة في المغايرة دون أن يوظفها الكاتب بشكل مقبول ؛ الأمر الذي دعاه إلى وضع ترجمة لها في هامش الصفحة أو داخل متن الرواية ؛ كان يمكن للغة النوبية أن تفهم من السياق العام نفسه دون ترجمة  كما فعل في بعض المفردات التي تم تكرارها في مواضع مختلفة أعطت المعني  بيسر وبدون حاجة إلى ترجمة مثل : البوسته – العنجريب – الشعاليب – الابريج .. وغيرها       ولأن الرواية اتجهت إلى التسجيلية فقد نتج عن ذلك كثرة التفاصيل التي يمكن الاستغناء عنها ولا يتأثر العمل سلبا ؛ بل علي العكس تماما يكون أكثر تماسكا.                                                                       
     








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي