الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصان طروادة الشرق أوسطي

نوري بريمو

2005 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


تجتاز منطقتنا الشرق أوسطية هذه الأيام مرحلة إنتقالية غاية في الدقة والحساسية كونها باتت تزدحم يوماً بعد آخر بمختلف الأزمات والتحديات بشتى أشكالها وخلفياتها ومراميها الخفيّة منها والعلنية ...!؟،والتي تجري على قدم وساق بين أطراف عديدة لها غايات وأهداف متخالفة أو متناقضة في أكثر الأحيان ،والتي قد تؤدي حسب درجة حديّتها وطبيعتها إلى تجليات وتداعيات مختلفة يصعب على المرء التكهن بنتائجها في الأفق المنظور ،حيث أنّ ما حدث في العراق وفلسطين والسودان ولبنان وما قد يحدث في بلدان أخرى تنتظر دورها...!؟،من مسلسلات دَمَقْرَطة يتم خوضها بمنتهى الجديّة من قبل أقطاب كانت وستبقى متنافسة لا بل متناحرة ولا يمكنها أن تلتقي أو تتصالح البتة ـ كونها مختلفة عن بعضها طِباعاً ومنبتاً وأهدافاً ...!؟ ،ما يجعل كلاً منها يستخدم كل ما بحوزته من أسلحة وأوراق قوّة ـ مباحة أوغير مباحة ـ في سبيل التغلّب على الآخر ودحره وهزيمته مها كلّفها الأمر..!؟،أما أبرز تلك الأقطاب المتنافسة فهي :
1 ـ الأسرة الدولية القادمة إلينا بسياستها الجديدة الرامية بحمية إلى رسم خارطة ديموغرافية جديدة لشرق أوسط جديد ،تلبي ـ أي تلك الخارطة ـ مصالح الغرب وتحمي أمنه وتقي حضارته من شرور الإرهاب...،وتحقق في نفس الوقت لشعوب هذه المنطقة المستَبَدّة عبر الزمن ،قدراً من الإنفراج والديموقراطية وحقوق الإنسان .
2 ـ السلطات الإستبدادية الحاكمة التي يبدو أنها ستبقى تتمسك بكرسي الحكم الذي هو أقدس مقدّساتها على الإطلاق ،من خلال الإستمرار في تعزيز قبضتها الأمنية للإستفراد بالداخل وقمعِه ،والإستجداء من الخارج بإتباع أساليب المراوغة والدبلوماسية المرنة التي قد تقيها الإستهداف الخارجي الذي يتربص بها.
3 ـ الجماعات الأصولية السلفية التي ستبقى مصرّة على مواصلة نشر دعوتها ((التكفيرية)) أي حملاتها الإرهابية العنفية اليومية التي تستهدف كل من يقف في طريقها من أجانب أو أنظمة أو حتى مواطنين عاديين بسطاء...!؟،والتي تبعث ـ أي تلك الحملات ـ القشعريرة في الأبدان والنفوس وتؤدي الى الشعور بالتخوف الحقيقي من مستقبل العالم برمته.
4 ـ قوى المعارضة الديموقراطية التي باتت منكمشة في فِخاخ كماشة ثلاثية المخالب أي (الأقطاب الثلاثة الآنفة الذكر)...!؟،والتي يبدو أنّ صبرها سوف ينفذ وسوف لن تقف محتارة في المبادرة إلى إختيار الخيار الذي من شأنه أن يخدم شعوبها ،متحدية بذلك تهمة (الإستقواء بالخارج) التي قد لا تلقى للوهلة الأولى أي قبول لدى الشارع الذي ليس بوسعه تفهم خيار تفضيل التدخل الخارجي الزائل مهما طال على الحكم الإستبدادي الباقي إلى الأبد فيما إذا لم تجرف به القوى الخارجية .
5 ـ الشعوب المحكومة التي أصبحت أشبه ما تكون بكرة قدمٍ يتم التقاذف بها ودحرجتها ما بين هذا القطب أو ذاك ،لكن من المؤكد بأنّ هذه الدحرَجَة لن تدوم طويلاً...!؟،لأنّ هذه الشعوب سوف تتأهّب وتهبُّ دفاعاً عن نفسها لتتحوّل في نهاية المطاف إلى حصان طروادة هذه المنافسة التي سوف لن تنتهي إلاّ لمصلحة الشعوب التي هي صاحبة المصلحة الحقيقية في أي تغيير ديموقراطي قادم.
إنّ هكذا لوحة شرق أوسطية متأزِّمة يسودها عدم استقرار (سياسي ـ مجتمعي) ناجم عن هكذا صراعٍ حادّ متعدّد الأقطاب ،توحي إلى أنّ شعوب المنطقة ستدفع فاتورة مكلفة من الخسائر بشتى أنواعها...!؟،لكنّ ما هو قادمٌ إليها من تغيير ديموقراطي يخلّصها من جَور السلطات الإستبدادية ،سوف يُنسيها تكاليف تلك الفاتورة مهما كانت باهظة ،فحريّة الشعوب وعيشها الكريم لا يمكن أنْ يُقَدَّران بأي ثمن أو تضحية...!؟،خاصة وأنّ هذا القادم الجديد بما يحمله معه من منفرجات سياسية جديدة ...،قد طال إنتظاره وترقُّبه من قبل هذه الشعوب التي لم تنعم يوماً بطعم الحياة الحرّة الآمنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديموقراطي الكوردي في سوريا ـ يكيتي ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات