الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذبحة اليمن مستمرة و بعدها إلى الشام

بدر الدين شنن

2015 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


قرار مجلس الأمن رقم ( 2216 ) تحت الفصل السابع ، الذي جاء حسب الطلب السعودي ، وغطى ومرر عدوان " عاصفة الحزم " بقيادة السعودية على اليمن ، بذريعة إعادة الشرعية للرئيس " عبد ربه " المستقيل وحكومته المستقيلة ، دون أن تعترضه نسبة التصويت ، أو " فيتو " . يذكرنا بقرار مماثل لمجلس الأمن صدر قبل نحو ربع قرن ضد العراق ، بذريعة إعادة السلطة والشرعية لأمير الكويت " جابر الصباح " الهارب .
وإذا كلن من المفهوم شكلاً ، أن العراق قد قام باحتلال الكويت الدولة المستقلة والعضو في الأمم المتحدة ، علماً أن الكويت جزء من العراق ، جرى اقتطاعه من قبل أرض العراق عنوة ، من قبل الاستعمار البريطاني ، ونصب عليه أمير عائلة آل الصباح تحت حمايته أميراً على ما سمي في حينه محمية الكويت البريطانية ، فإنه من غير المفهوم على الإطلاق ، أن يتدخل مجلس الأمن الدولي في صراع داخلي في اليمن ، وهو بلد مستقل عريق ، وعضو في الأمم المتحدة ، ولا يهدد أمن أي دولة مجاورة أو بعيدة ، ولا يمس الأمن الدولي بشيء ’، وينحاز إلى رئيس مستقيل ، رفض العودة عن استقالته في الداخل ، والبدء بحوار يمني ـ يمني ، لا يجاد حل توافقي للخلافات اليمنية ، وعاد عن استقالته تحت حماية .. وبناء على طلب .. المملكة السعودية في الخارج ، ليعود إلى اليمن ديكتاتوراً قزماً على أجنحة الطيران الحربي السعودي وحلفائه .

ما يشي أن هناك .. تقاطعات .. وصفقات .. وتبادل مصالح .. إقليمية ودولية ، تكمن خلف هكذا قرار مجحف بحق الشعب اليمني في تقرير مصيره حسب ميثاق الأمم المتحد ة ، وذلك لتجاهله العدوان السعودي الواضح المعلن على اليمن ، الذي أوقع عشرات آلاف القتلى والجرحى والمشوهين وشرد مئات الآلاف من اليمنيين العزل ، والذي تطاول على السيادة اليمنية بكل وقاحة ، بذريعة ساقطة من تلقاء ذاتها ، وهي إعادة الشرعية لرئيس عميل لها ، مستقيل فاشل قبل الاستقالة .. وبعدها .. إلى الحكم .

إن هذا القرار قد قدم دلالات قديمة جديدة ، متعلقة بالمطامع التوسعية السعودية القبلية المذهبية المتخلفة ، وبدورها في تنفيذ مخططات الإمبريالية العالمية حول الشرق الأوسط ، وحول الطاقة ومعابرها وتسويقها ، وفتح الأوضاع في اليمن ، وفي الخليج ، والمشرق العربي ، على آفاق خطيرة ، وبخاصة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان والأردن .

في السبعينات من القرن الماضي سمى أحد المفكرين العرب المملكة " الإمبريالية البدوية " وهو لم يقصد بذلك الإساءة للأخوة البدو ، وإنما كأسلوب قبلي في التعامل مع زمن ، دخلت العلوم والتكنولوجيا الإلكترونية والفضائية ، في بنية المفاهيم السياسية ، وفي برمجة عقول السياسيين ، وبالتالي صارت جزءاً أساسياً في رسم مسارات وخرائط الدول الكبرى . وقد تبين لاحقاً ، أن صاحبنا ليس وحده من لاحظ هذا التناقض في البنية السعودية ومن ثم في دوا لخليج كافة ، بل إن أولي الأمر في المملكة والخليج قد لاحظوا ذلك أيضاً ، وتراكضوا على طريقتهم ، لحل هذا التناقض ، دون انتظار الزمن المديد لبلوغه ذاتياً . فقاموا باستقدام وشراء ما ينقصهم ، من خبراء وتكنولوجيا ، وأرسلوا بعضاً من أبنائهم للدراسة في الخارج .
بعد أكثر من جيل ، ظهر العمران الطابقي الحديث ، والمدن اللافتة بخدماتها ، والشوارع العصرية . وظهرت البنى التحتية المناسبة . كما تم استحضار وشراء الفضائيات ، والميديا بأنواعها ، لتعمل بأمرتهم وتوجهاتهم . وبنوا جيشاً من الصحفيين والإعلاميين والمثقفين " والمفكرين " ورجال الدين ن ، للعمل في الداخل والخارج ، حسب المنهج المذهبي المقرر " شرعاً " ، ولتلميع سمات بلدانهم وأشخاصهم .

ومع تراكم عائدات النفط توسعت الطموحات والتحركات المتنوعة لتحقيقها ، وتعززت العلاقات مع الدول الخارجية المرتبطة معها بعلاقات اقتصادية ، عمادها الطاقة وعائداتها ، التي انتشرت على شكل استثمارات في قارات العالم ، وانتشرت معها المساجد والأئمة المدربين عندها ، للقيام بالدعوة المذهبية ، وإنشاء ، واحتواء التنظيمات الإسلامية ، وإعطاء صورة مشرقة للمملكة .. " وللإمبريالية البدوية " .

بيد أن كل هذا لم يكن كافياً ، لتطمئن المملكة ، إلى بناء ورسوخ عظمتها . لقد كانت تفتقد إلى القوة العسكرية لتسريع الوصول إلى أهدافها . فبعد أن ظهرت القوة العسكرية المتطورة ، في سوريا ومصر والعراق ، شعرت بانكماش حجمها ، وابتعدت الآفاق أمام طموحاتها . فلجأت إلى استقدام وشراء القوة العسكرية أيضاً ، لمواجهة من تراهم خصومها ومعوقين لمساراتها .
لم يعد سراً أن المملكة شجعت إسرائيل بواسطة أميركا وغيرها ، على عدوان حزيران 1967 ، لإسقاط جمال عبد الناصر والنظام التقدمي في سوريا . وأنها استأجرت المرتزقة والقبائل لمقاتلة الجيش المصري في اليمن ، الذي جاء اليمن لمساعدة النظام الجمهوري الجديد ، وذلك لإعادة الإمام البدر الهارب إلى عرشه المنهار . وقد أصبح من المعروف والموثق ، أن المملكة كانت وراء حرب صدام حسين الغبية الشوفينية على إيران ، التي تحررت حديثاً من استبداد الإمبراطور محمد رضا بهلوي ، الصديق الحميم لإسرائيل والدول الاستعمارية ، وقدمت هي ودول الخليج الأخرى مئات المليارات من الدولارات لتغطية نفقاتها . وأن المملكة فتحت عام 1991 أراضيها ومواقعها العسكرية وخزائنها المالية لقوات " عاصفة الصحراء الدولية " بقيادة أميركا ، لإعادة أمير الكويت إلى قصره وإلى حراسة آبار البترول . وأن المملكة كررت نفس الجريمة عام 2003 ، في احتضان ودعم القوات الأميركية البريطانية التي هاجمت العراق ، بذريعة " أسلحة الدمار الشامل " لإسقاط صدام حسين الذي فكر بالانتقام ممن خدعوه وابتزوه من دول الخليج في حربه مع إيران ، ولتدمير الجيش العراقي ، وتدمير وتقسيم العراق .

غير أن المملكة بعد تجربة حروبها المأجورة ، قامت بإعادة النظر في أسلوب استخدامها القوة . وتوجهت لبناء قوتها العسكرية الخاصة . وحسب الأرقام المتداولة إعلامياً ، أنفقت المملكة في العشر سنوات الماضية نحو ( 200 ) مليار دولار على التسلح . وفي عام 2014 وحده أنفقت ( 8’80 ) مليار دولار . وصنفت نتيجة ذلك ضمن الدول الخمسة عشر التي تتصدر الإنفاق العسكري في العالم .
وقد أدى هذا الكم من تراكم التسلح ، إلى انتفاخ إحساس القوة والقدرة لدى المملكة وحفزها على الاعتماد على نفسها ، لاحتلال مكانة إقليمية معترف بها .. وليست ممنوحة لها . ، تعزز بها مكانتها المالية والاقتصادية ضمن المنظومة الدولية . وإذا أضفنا التسلح الكبير المتسارع في السنوات الأخيرة ، إلى أنها تمتلك أكبر احتياطي للبترول وسادس احتياطي الغاز في العالم ، وخامس أكبر مساهم في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتملك حق النقض فيه ، وأنها العضو الرئيس في مجلس التعاون الخليجي , وجامعة الدول العربية ، ورابطة العالم الإسلامي ، ومنظمة التعاون الإسلامي ، وعضو هام في منظمة تصدير البترول " أوبك " ، وعضو في مجموعة دول العشرين الأغنى في العالم ، وأن الناتج الإجمالي للمملكة أكثر من ( 930 ) مليار دولار في العام . نجد أن من تداعيات الإحساس بالقوة المالية والعسكرية والبترولية ، أن يفكر أولو الأمر في المملكة ، بتأديب الشعب اليمني المتمرد على عميلها " الرئيس عبد ربه " وحكومته ، وأن تكون مؤهلة للتعامل بمختلف الوسائل ، مع مراكز القرار الدولي ، وتقديم الطلبات إلى مجلس الأمن الدولي ، والحصول على التصويت في المجلس لصالحها .

إن مختلف الأنظار الآن ، بعد تمرير عدوان معلن في مجلس الأمن الدولي ، إلى البحث في خلفيات القرار ( 2216 ) ، وارتداداته ، في لعبة إعادة بلورة القطبية الدولية ، وفي تقاسم الطاقة ، والنفوذ ، والمصالح الاستراتيجية ، بين الكبار في العالم . ما يلفت بداية ، إلى أن العالم وكأنه قد بات متفهماً ، في السياسة الدولية ، نشوء تحالفات ، للقيام بالعدوان ، والتدخل في شؤون الدول الأخرى ، بذريعة دعم الشرعية المنهارة ، أو انتزاع شرعية مستحقة مغضوب عليها ، أو بذريعة أن ما يجري من صراعات داخلية ، في هذه الدولة أو تلك يهدد الأمن القومي لدول التحالف ، سواء كانت دول التحالف مجاورة للبلد المستهدف ، أو هي بعيدة عنه آلاف الكيلو مترات .
كما تتوجه إلى ما بعد تمكن المملكة من التحليق في مجلس الأمن ، وهي من رفضت " حرداً " عضويته غير الدائمة في العام الماضي ، وإلى التداعيات الدولية في مجريات المشرق العربي ، ومناطق أخرى في العالم ، واحتمالات الصراع في اليمن والثمن الذي سيدفعه الشعب اليمني ثمناً لرفضه هذا الظلم والإجحاف بحقه ، وإلى تحرك ومروحة المساحة والقدرة المادية والمعنوية ، للتنظيمات الإرهابية المسلحة ، في العراق ، وسوريا ، ومصر ، واليمن ، ولبنان وغيرها ، التي تدعمها المملكة ودول خليجية أخرى ، وإلى ردود فعل " حلف المقاومة " ، والخطوات القادمة للمملكة تحت تأثير انتفاخ العظمة ، واستمرار تحالف " عاصفة الحزم " أو استبداله بصيغة أخرى أكثر طواعية للمملكة ، وبخاصة إلى احتمال انتقال فعاليات " عاصفة الحزم " إلى دول أخرى وأولها سوريا .

الأمر الذي ينذر ، بأن تتجه " عاصفة الحزم " ، إذا استقرت الأمور في اليمن لصالح المملكة ، إلى بلدان أخرى هو أكثر من احتمال . وقد ذكر أحد الإعلاميين السعوديين المطلعين على موقعه في تيوتر ، أن " عاصفة الحزم " ستطاول سوريا . وتدور في أوساط الائتلافيين في المعارضة السورية ، معلومات " تبشر من حولهم ، بقدوم هذه العاصفة إلى دمشق ـ عوضاً عن حلف الناتو ـ . ومنطق الأمور يقول ، إن حدث ذلك ، فإن مكرمات هذه العاصفة السعودية لن تتوقف في سوريا ، بل ستتجه إلى لبنان وغير لبنان .

بيد أن كل هذا التقافز السعودي لدور " إمبراطوري " بذريعة نصرة الشرعية الدستورية ، والديمقراطية ، وحقوق الإنسان المهدورة في بلدان أخرى ، وتجاوز كل ذلك في المملكة ، يحمل تناقضاً قاتلاً لا حل له ، إلاّ بزوال المملكة ذاتها . وهو أن الخلفية المذهبية التكفيرية المتعصبة ، وعقلية القبلية المتخلفة ، و" بنية المملكة " القائمة على فتاوى المفتي البعيد عن الواقع وضروراته ، الذي يطالب ، بتدمير الكنائس في كل دول الخليج والجزيرة ، ويحرم التظاهر من أجل غزة ، ويمنع الحج بدون تصريح ، ويحلل عدوان " عاصفة الحزم " وذبح الشعب اليمني ، ويعتبر من يختلف مع المملكة عدو " للدين " والأمن والاستقرار ، بديلاً للدستور ، ومؤسسات التشريع البرلمانية ، والقضاء المدني المستقل ، تتعارض جذرياً مع حركة انتقال المملكة إلى مستوى دولة ندية للدول الحضارية المتطورة التي تطمح أن تكون شريكتها في منظومة عالم العولمة . كما تتعارض مع مستويات الشعوب المشرقية الحضارية العريقة منذ آلاف السنين ، التي تتوجه بوصلة عاصفتها نحوها ، لإخضاعها والتحكم بها واستعبادها فيما هي ـ أي المملكة ـ قائمة على استعباد المرأة وحرمانها من حقوقها الأساسية الإنسانية ، وعلى عداء صارم للمؤسسة الدستورية البرلمانية التي تمثل الشعب ، وحق الشعب في للديمقراطية والحرية ، ويتجلى ذلك بتحريم النقابات المهنية والعمالية وتجريم إقامة أحزاب سياسية ، واعتبار المواطنين رعية .. رعاع .. قطعان بشرية ، وتحلل حق العائلة المالكة بالتصرف بثروات ومقدرات البلاد دون رقابة قانونية وشعبية .

ورغم كل مظاهر وادعاء القوة والنفوذ ، ورغم التسويغ الدولي المخادع .. اللافت ، لدور المملكة الإقليمي التدميري .. يبقى أن من يملك القدرة على الإجابة على سؤال اللحظة السياسية التاريخية الراهنة .. هي الشعوب العربية .. وخاصة في اليمن ، والعراق ، وسوريا ، ومصر ’ ولبنان . وهي تملك القدرة على تحويل ارتدادات " عاصفة الحزم " إلى حيث انطلقت منها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -كل مكان نذهب إليه نجده أسوء من الذي قبله-| بي بي سي نيوز عر


.. الملك سلمان يوجه باستضافة 2000 فلسطيني من ذوي الضحايا والمصا




.. هيئة المواصفات السعودية تصدر بياناً رسمياً حول ما أثير عن وج


.. التقدم في العمر يزيد التوتر؟.. الجمهور العراقي يرد على السؤا




.. مشاهد للدفاعات الجوية الإسرائيلية خلال محاولتها التصدي لصوار