الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كنبض القلب أو أقرب تحية إلى محمود درويش

يوسف العادل

2005 / 9 / 26
الادب والفن


لم يستطع الهزيع الأخير من العمر،ولا امرأة تدخل الأربعين أو تخرج منه بكامل مشمشها، ، أسر هذا الحصان.
ماتزال آلهة الخصب تتسقط قرابينها على ظلال حوافره، يضرم في العناقيد شمس تموز،ويوقف حقل قمحٍ على قدميه، ومن بين أصابعه يطير الحمام.
في ديوان الشاعر محمود درويش( كزهر اللوزأ و أبعد) ما إن تلج الروح الجيشان الخفي لنهرٍ يجر البراري إلى ظمأٍ آخر، تشف الدلالات بانسياب المعاني، على مهلٍ كوجدٍ عتيقٍ، لمن يرضعون الغمام.
ليس من السهل أن تتعقب جراء الانكسار، بين تضاريس أحلامه التي يتسع فيها المكان كحصيرة جدةٍ طاعنةٍ بامتداد الحكاية بين عرائش المساءات.
لمحمود نمر يفيض المدى على راحتيه اندفاعاً، و سراندلاع أغاني الحصاد.
ذات يومٍ، في باحة أحمد المنسي كنا صغاراً ، نردد أناشيده ، عن نحلة الجرح القديم، و تفاصيل البلاد وفراشتيه، وصفيحه الضيق المتمزق الحالم، وخرجنا مع الأزرق من قصيدة تل الزعتر، ولجأ القلب إلى شتات الشعر الذي استدرجنا فيه محمود درويش إلى متسع من الحرية والعشق والثورة ،وانعتاق النصال من عقدة الخوف، لكنه الجلاد تخطف كل البريق المتاخم لفرح القلب، وصب المكان بكأس الحصار، وأنشد نخب الدمار العميم.
وكان لمحمود على هذه الأرض مايستحق الحياة، ومشى الشعر في المخيم حاملاً زبد خيبة العواصم والرصاص البرتقالي، يركض خلف وجع الروح في القصيدة، وتركض خلفه القصيدة لعلها تستعيد سفر جلة نهدت لتمد المكان إلى آخر التخوم.
وهاهو الآن محمود درويش(في ديوانه الجديد) يعيد إلينا تفاصيل فرحٍ طفل، يجدد فينا الوثوب إلى قافلة البرق، فنزداد وثوقاً بالمضي إلى غدنا في الحياة، نعبر معه ، أنهر منفاه ، والسواقي الصغيرة، فالقطا يرد الماء .
تتراكض صغار المعاني الرشيقة في زوا ريبه،وخلف سياج الكلمات التي ترفرف في البال، تتداخل الطقوس، فترى وشم التفاؤل على ظاهر يد اليأس.
لديه القمر الفضولي الغبي، والجفاف، والمعنى المجروح بنصل البلاغة، والضباب المستعصي على زهر اللوز، لديه الكسل، والهزائم في حروب الحب، وينسى شفاه الفتاة التي امتلأت عنباً.
يتذكر ضوء الكواكب في أطلس البدو، ورائحة الخس بين الأصابع,
يلتبس الفجر، الأزرق ، كثير التثاؤب لديه .
يقارب بين الجرافة التي تعدل المكان وتقص جدائل زيتونة، لتناسب قصة شعر الجنود، وبين طفل تورط في حكمة الشيخ.
يفزع محمود من طريقة ارتداء الظل للحصى والقطا،ولم يجد حتى في صفحات الكتاب المقدس عدلاً كافياً لفرح الشهداء بحرية المشي فوق الغمام. أفرغته الطريق الطويلة من جسده.
في داخله شرفة لا يمر بها أحد للتحية، وفي خارجه عالم لايرد التحية.
******
وفيما يعيد ترتيب المساء، بما يليق بخيبته وغيابها،و يخترع أملاً للكلام، ويبتكر جهةً أو سراباً يطيل الرجاء، ترى الحياة ممكنة لديه على الجسر،كذلك اخضرار وجه الحجر،وهسيس القيامة في حبة الرمل،وصوت الزلازل في حافر الظبي، يحمل الوجود على راحتيه بحلمٍ ورفقة أنثى، يمشي ولو في الهزيع الأخير، ولوخذلته الدروب ، السماء، يطير إلى أي أين.
لديه معجزة العشب، وانفلات الريح من أسقف في الطريق إلى شمال الغريب.
يدافع عن شجرٍترتديه الطيور،وعن قمرٍلم يزل صالحاً لقصيدة حب.
في وسعه أن يغير حتمية الهاوية.
*****
........يد تسكب البرق في قدح الشاي
تحلب ثدي السحابة
تستدرج الناي
يد تتحرش بالموج في جسدي
يدها همسة تلمس الأوج خذني
تقول لماذا تحك الغيوم أعالي الشجر؟
أقول:لتلتصق الساق بالساق تحت رذاذ المطر.
*****
حين كنا فتيين، كنا لهاث يدين على زغب المفردات
وإغماءة المفردات على ركبتين
نغفو كزوجي يمامٍ على كرمةٍ ترتدي البيت.
*****
كما ترى ، ليس من السهل أن تخرج من طقوس هذا العالم الشعري الذي يتداخل فيك، ولن تخرج منه أقل صحواً في عتيق الجرار، ولن تخرج أقل عشقاً، فقلق الأرض يشد الجذور لنفرد على المدى كامل الأجنحة،ولن تخرج كما جبلك الشعر أول مرةٍ ، ستشب على طوق هذا الزمان،وتمعن في المضي على راحة الريح،لعلك تدرك العاصفة،ولن تخرج أقل ورداً، ستشتد فيك غرائز الفجر وستعرف لماذا لا تخجل الأبدية حين تمنح عانتها للجميع هنا في الربيع السريع.
لن نقول لمحمود وداعاً ولا لشعر الألم، فبدر أيلول يشد الخريف على خصر منفى فيزهو الصفيح بين دفاتر أنثى،تهاجر في شبق الحلم،بكامل خضرة أغصانها المزدهاة،وبالبهاء العجيب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس