الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الانطباع

أيمن الدقر

2005 / 9 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الحقيقة غير مهمة..المهم هو الانطباع..
ثبت أن المثل الأمريكي السابق هو السائد حتى في السياسة الأمريكية.. وليس أدل على هذا إلا تطابق القرار والفعل الصادر عن صقور الإدارة الأمريكية مع هذا المثل.. وإلا بماذا نفسر هذا الاهتمام المفاجئ والسريع بمقتل الشهيد رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، حيث تم تشكيل لجنة تحقيق دولية لم يسبق أن شكلت بهذه السرعة، واستلمت مهامها، واتهمت من اتهمت، وحققت مع من حققت واستدعت شهوداً، وكأن هذه اللجنة تمتلك ناصية الحقيقة قبل البدء بالتحقيق..
ورافق كل هذا حملات إعلامية مضللة ذات لون أمريكي وطعم إسرائيلي، وتسابق (المترهلون وعهرة السياسة) لكيل الاتهامات هنا وهناك لعلهم يتكسبون من كعكة صقور البيت الأبيض التي وعدوا بها في لبنان.
ولذر الرماد في العيون واللعب على وتر الحقيقة، تنتشر بين الحين والآخر تصريحات تفتعل التناقض بهدف الإيحاء بصدق الادعاءات الأمريكية، وكان آخرها تصريحات كوفي عنان المتناقضة مع التصريحات التي صدرت من بعض أعضاء اللجنة في بيروت..
هل حقاً القرار الذي ستتخذه اللجنة غير مسيّس كما صرح ميليس؟
إن المتتبع لما يجري في المنطقة وبمجرد تشكيل لجنة تحقيق دولية يدرك أن الهدف من اللجنة هو تسييس قرارها وفقاً للمصالح الأمريكية الإسرائيلية، فكم من حادثة اغتيال سياسي وقعت لأشخاص (بوزن الحريري أو أكبر) ولم تشكل لجان من أجل التحقيق فيها..
إن اتهام أربعة من قادة أجهزة الأمن في لبنان حيث يعمل كل جهاز على حدة، يؤكد أن اتجاه التحقيق سياسي وغير مبني على منطق الأمور، إذ إن أي عملية اغتيال تقتضي (المخطط، الوسيط، المنفذ) وهي تتم من خلال وسيط واحد (وليس أربعة وسطاء) وذلك حفاظاً على سرية العملية، وفي أغلب الأحيان يتم تصفية الوسيط والمنفذ، من أجل سرية العملية أيضاً.
إن اللجنة التي تعمل بالمستوى الذي وصفت به (دقة، موضوعية، سرية، الخ..) لا يمكن أن تقع في خطأ كالذي حصل عندما طلبت كشف حسابات البعض من (سوريا ولبنان) ومن ضمنهم (الوزير الياس المر والصحفي شارل أيوب) ثم تعود لتلغي قرارها بذريعة أنه تم اتخاذه خطأ!!
وإن اتهام الصحفي (شارل أيوب) والوزير (الياس المر) الذين أعلنا أكثر من مرة موقفهما المتوازن من العلاقات السورية اللبنانية يجعلنا ندرك مدى التسييس لهذه القضية.. كذلك فإن اللجنة التي تصف نفسها بالنزاهة والعقلانية والتي ارتكبت هذا الخطأ البسيط، لم تنتبه إلى أنها ارتكبت خطأ فادحاً بعدم استماعها لوزير الداخلية اللبناني السابق (سليمان فرنجية) وهو الذي صرّح على شاشات الفضائيات بأن أحد أبناء عائلة الحريري طلب منه أن يصف الانفجار برواية ارتآها (ذلك الشخص) مناسبة لوصف عملية الاغتيال، فلم تسأل اللجنة الوزير اللبناني عن اسم الشخص وأسباب ذلك الطلب، رغم أنه قد ينحو بالتحقيق إلى جانب آخر... وهذا بدوره يجعلنا نوقن بأن الهدف من اللجنة أصلاً هو سوريا..
إن جملة أخطاء واضحة للعيان ارتكبتها لجنة التحقيق الدولية لا يمكن تفسيرها إلا بأن مهمة هذه اللجنة تسييس الحدث، والتستر على الجناة الحقيقيين الذين يملكون التقنية العالية التي ارتكبت بها الجريمة، ورفع حدة الضغوط على سوريا لجرها إلى معسكر الصقور الذي يرى في (إسرائيل المستقبل) زعيمة للشرق الأوسط الكبير.. ولذلك عملت (ماكينة) الإعلام الأمريكي على خلق انطباع عن الحقيقة حسب أهواء الصقور وبعيداً عن الحقيقة ذاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟