الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليرموك - دير الزور: حصار الإبادة المنظّمة

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2015 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



لايشير المشهد العام في مخيم اليرموك، فقط الى مبلغ الخراب والدمار الذي لاتزال تقوم به أطراف الموت والكراهية " الأسدية والداعشة، وما حولهما ". لكن نظرة واحدة على الأرقام تحدد لك معطيات الواقع المؤلم وفداحة الإجرام الذي يرتكب اليوم بحق مخيم اللجئين الفلسطينيين / اليرموك، ومدى تردي الحالة الإنسانية للضحايا المدنيين المحاصرين منذ سنتين، بوضعية كارثية بشعة تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي، وتغاضيه المتعمد عما يحدث هناك..في المخيم الذي لن ينحني!
مايحدث هو محاولة من كل الأطراف التي تلعب أدواراً متكاملة لإخضاع أهالي المخيم، وفرض الاستكانة عليهم، لصوت القوة الذي يرى في المخيم، شوكة في الحلق، بما يحيل اليه الإسم من معانٍ تتصل بجوهر الثورة، ورفض المذلة، والخروج عن طاعة المستبد أياً تكن صورته. وبما هو عليه: منارة ثقافية وفكرية، وحاضنة للحوار والنقاش والمجادلة بين الأفكار والانتماءات.
جلّ المناطق السورية، تعرضت لحالات مشابهة من الإغلاق الجزئي والحصار، والتدمير، وقد شهدت سورية خلال الأعوام الأربعة، سياسة ممنهجة بارتكاب أبشع أنواع العقاب الجماعي الذي يفرضه نظام الأسد.
مخيم اليرموك، يتلقى عقوبة مضاعفة، لمساندته ثورة السوريين، تحالف فيه نظام الأسد مع بعض القوى والفصائل الفلسطينية الموالية له، في صورة تتطابق تماماً عمّا يقوم به الجيش السوري، من عمليات دموية ضد الذين يفترض به حمايتهم. وقد شهد سكان المخيم أولى الغارات الجوية قبل مايزيد على عامين / ديسمبر 2012، لتبدأ بعدها سلسلة الإجراءات اللاإنسانية، من الحصار المؤقت، وتجويع الناس، وقطع الكهرباء والماء، عن المخيم، بشكل متصاعد، الى ان قام نظام الأسد بفرض حصار كامل على المخيم منذ تموز/يوليو 2013، يضاف الى ذلك عمليات الاعتقال والتصفية الواسعة، بحق المواطنين الفلسطينيين والسوريين في المخيم.
الأرقام الأولية تشير إلى أن قرابة 1100 ضحية قضت جراء العمليات العسكرية البرية والطيران، إضافة الى من قضى تحت التعذيب، فيما طال المخيم دمار كبير، أدى الى تشريد وتهجير جديد لسكانه، فيما يواصل النظام استهداف المخميم بغارات جوية وصلت الى قرابة خمسين غارة، في أقل من أسبوع واحد، هو الأسبوع الماضي. في الوقت الذي يعاني فيه المحاصرون من صراعات الجماعات والتنظيمات المسلحة الكارثية، يستغلها النظام في القيام بأعمال قصف وحشية وبربرية، تحضيراً لبدء عملية اقتحام واسعة للمنطقة، بهدف تطهيرها على حدّ تعبير النظام، من المسلحين الارهابيين، وهو ما كشفت عنه مباحثات منظمة التحرير الفلسطينية، قبل أيام في دمشق. والواقع انه في الوقت الذي تناقص فيه عدد سكان المخيم الى مانسبته 10في المئة، فإن أعداد المقاتلين، الذين يحتلون المنطقة من المسلحين الموالين للنظام السوري والمنظمات الفلسطينية، مثال جبهة النضال وفتح الانتفاضة والقيادة العامة، في ارتفاع مستمر، يضاف إليها مقاتلي النصرة وأكناف بيت المقدس وداعش أخيراً.
الصراع والنزاعات المختلفة على مخيم اليرموك، تفرضه جغرافية الموقع الاستراتيجية من جهة، بحيث لايريد النظام ان يجعل منه خاصرة رخوة، فعمد إلى فرض الحصار، وتدمير المخيم فوق قاطنيه. وإذا كانت داعش والنصرة، قد استولتا على أجزاء كبيرة منه، فإنها تتقاسم مسؤولية الخراب، ومآلات الوضع في المخيم، مع النظام.
الكارثة الإنسانية مستمرة منذ عامين تقريباً، حيث يتعاظم الوجع الإنساني، وتزداد معها الإشكاليات التي تتراكم، نتيجة غياب أي نوع من العناية الصحية والغذائية، مع تفاقم في الحالة البيئية، ولم تستطع أية قوى إقليمية او دولية، دفع النظام السوري لفتح ممرات إنسانية آمنه، تنفيذاً لقرارات مجلس ذات الصلة.
الوضع الكارثي في المخيم، لايقل بشاعة عما يقترفه نظام الإجرام الأسدي، بمعظم المناطق السورية، على وجه الخصوص، رمي البراميل المتفجرة على المدنيين في حلب وإدلب، التي تزداد مع مرور الوقت بكل وحشية وبشاعة، دون اعتبار لأي قيم إنسانية مع استهداف أماكن العبادة من كنائس ومساجد، كما في الرقة والحسكة. وتزامناً مع قصف اليرموك يواصل كلاً من نظام الاستبداد، وداعش فرض حصار شامل على مايزيد عن 300ألف مواطن مدني داخل مدينة دير الزور، الذين يحرمون اليوممن كل موارد الحياة الأساسية، في صورة مماثلة لاستخدام سلاح التجويع، والتركيع، مع استمرار القصف الجوي، الذي يخلف مزيداً من الضحايا.
كل ذلك يحدث، مع تغاضٍ دولي مرير، عن تقديم العون والدعم لفك الحصار عن دير الزور، وعن المدن والبلدات التي يفرض عليها المسلحون الطغاة حصاراً دامياً، مضافاً إليه عجز مشين للمعارضة السورية، حتى عن نقل الصورة الحقيقية لما يجري، لاقناع المجتمع الدولي، بأن ما يتعرض له السوريون والفلسطينيون على حدّ سواء، هو إبادة جماعية منظمة للمدنيين، يقوم به النظام وإيران، وداعش، تستوجب المواجهة العاجلة للتحديات الإنسانية، وإيقاف القتل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحريص على الفلسطينيين عليه ان يصارحهم بالحقائق
زرقاء العراق ( 2015 / 4 / 18 - 19:22 )
لا يختلف اثنان بأن وضع مخيم اليرموك مأساوي على اقل تقدير , ولكنني لم أقرأ حتى الآن اي مقالة عنه تضع الأصبع على الجرح
في بداية هذا المقال , يقول الكاتب المحترم - مبلغ الخراب والدمار الذي لاتزال تقوم به أطراف الموت والكراهية - الأسدية والداعشة، وما حولهما - بما يوحي للقارئ بأن الأسد وداعش يحاصرون المخيم ويقتلون سكانه لكراهيتهم للمخيم ؟؟
لم ولن يفسّر لنا الكاتب المحترم لماذا هذه الكراهية , ولن يقول لنا بأن الفصائل والمنظمات الفلسطينية هي من ابتدأ بالتحرش والأنحياز والقتال
فليس في مخيم اليرموك ثروة نفطية مثلاً ليطمع بها اي طرف وليس لمخيم اليرموك موقع استراتيجي كما يوحي لنا البعض وكأنه قناة السويس
الحقيقة بأن داعش جاء ليهاجم أكناف بيت المقدس وهو فصيل مدعوم من حماس واللذي بدوره سهّل لدخول جبهة النصرة الى المخيم وغيرها من التعقيدات المسؤول عنها الفلسطينيون انفسهم اولاً واخيراً
لا شك بأن هناك القلة من المدنيين داخل المخيم لا علاقة لهم بالفصائل ولكنهم استثناء , اما الأغلبية العظمى فأولادهم وأزواجهم وأخوانهم يقاتلون مع هذا الفصيل او ذاك , وقسم منهم انضّم الى صفوف داعش والنصرة او يأونهم

اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا