الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من علاقة بين التصعيد في البصرة والتحالفات الجديدة ..؟!

هادي فريد التكريتي

2005 / 9 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


افتعلت القوى التي تحكم البصرة ، إلقاء القبض على جنديين بريطانيين بملابس مدنية ، وأيا كانت الأسباب ، فالشرطة أولا هي المسؤولة عن اعتقالهما ، والقضاء ثانيا هو الجهة التي يبت بأمرهما ، ولا يستحق الأمر كل هذا التصعيد والتحريض ضد القوات البريطانية ، وقد تناست قوى الحكم لطائفي في البصرة ، أن القوات البريطانية ، المتعاونة مع القوات الأمريكية ، هي التي ساعدت على تحرير العراق وتسنم القوى الطائفية مقاليد الحكم والسيطرة على المدينة ، ولولاهم لظل حتى اللحظة العراق كله ، يرزح تحت حكم الطاغية والنظام الساقط ، ولظلت هذه القوى كذلك حتى اللحظة حبيسة معسكراتها في إيران ، إيران التي تدعم وتحرض وتمد مثيري الفتنة بكل وسائل القوة والإستقواء على العراقيين .
لقد نبه الكتاب الوطنيون والمثقفون البصريون ، والمنظمات الحزبية والمهنية ، ومنظمات حقوق الإنسان ، الحكومة في مختلف مراحلها على خطورة الوضع ، وما يجري في العراق بشكل عام ، والبصرة بشكل خاص ، مدللين بالوقائع على التدخل الإيراني في كل شؤون المدينة ، من خلال سيطرة رجل المخابرات والكوادر العسكرية الإيرانية على تنظيمات ما يسمى " بجيش المهدي " و" قوات بدر " ، إلا أن الحكومة لم تكن قادرة على فرض سيطرتها ، ليس على البصرة لوحدها ، بل على كثير من مدن العراق الأوسط والجنوبي ، التي هي خارج سيطرة عصابات البعث والقوى الإسلامية المتطرفة من وهابيين وزرقاويين ، وذلك بسبب تداخل سلطة الحكومة مع سلطة ونفوذ المشرفين على هذه المليشيات والتي هي أكثر فاعلية ومضاء من كل الحكومة وأركان الحكم ، بشقيه القومي ـ الكوردي والطائفي ـ الشيعي ، فهذه المليشيات ، مهمتها بالأساس منذ تشكيلها وحتى اللحظة تنفيذ المخطط الإيراني في العراق للسيطرة على ناسه ومياهه ونفطه ، وفي اللحظة التي نحن فيها ، ترمي السياسة الإيرانية إلى تخريب العراق ودمار شعبه بما يهرب إليه من سموم المخدرات ، وإلى إفشال كل ما له علاقة بالعملية الديموقراطية ، سواء ما جرى منذ سقوط النظام وحتى اليوم ، أو التي ستجري يوم 15 تشرين أول بالاستفتاء على الدستور ، والتحضير للانتخابات القادمة ، التي تتهيأ لخوضها كل قوى الشعب العراقي، والذي سيغير الكثير من الوقائع العراقية على الأرض ، والتي لن تصب في مصلحة إيران ولا لمصلحة القوى التي تعمل لمصلحة إيران ، كما يتوقع الكثيرون من أنها لن تكون بالمقابل لمصلحة الحكومة الحالية ، التي أثبتت عدم قدرتها على معالجة الوضع المتدهور ، أمنيا واقتصاديا واجتماعيا ، في المدن الخاضعة بالكامل للسيطرة التي يحكمها الائتلاف الشيعي ، والتي تثير ميليشياته الصعوبات ضده ، مفضلين المصلحة الإيرانية ، ومساهمتهم في خلق المشاكل للمواطنين وتعقيدها ، وجعل الأوضاع المتدهورة في العراق تزداد سواء ، غير عابئين بالنتائج السلبية التي ستلحق بحكم الائتلاف ، طالما يخلق هذا صعوبات بوجه القوات ـ متعددة الجنسية ـ الأمريكية والبريطانية.، التي تراهن عليها السياسة الإيرانية في مواجهتها لإفشال سياسة هذين البلدين في العراق والمنطقة .
افتعلت " حكومة البصرة " اعتقال جنديين بريطانيين ، وخلق مصادمات بين الشرطة المحلية والقوات البريطانية أدت إلى حرق دبابتين من القوات متعددة الجنسية ، البريطانية ، ومطالبين برحيل هذه القوات ، عشية إعلان قوى سياسية عراقية عن تشكيل " تحالف القوى الوطنية والديموقراطية " يهدف إلى صياغة موقف موحد من الدستور والاستفتاء عليه ، كما يهدف دعوة القوى الوطنية والديموقراطية لتأييد مشروعه ، وتوحيد المواقف فيما بين هذه القوى بشأن الانتخابات القادمة ، ومن المساهمين في هذا المشروع : الحزب الشيوعي العراقي ، والحزب الوطني الديموقراطي ،والحركة الاشتراكية العربية والتحالف الوطني الديموقراطي والتجمع القاسمي الديموقراطي ، إضافة للقوى الكوردستانية ، المتمثلة بالاتحاد الوطني الكوردستاني، والحزب الوطني الديموقراطي الكوردستاني ، حليفا قائمة الائتلاف الشيعية في الوقت الحاضر ، وهذا ما سيؤثر إيجابا على التشكيلة البرلمانية اللاحقة ، لصالح القوى الوطنية والديموقراطية ، وبما أن القوى التي سيضمها هذا " التحالف " ذات تاريخ وطني عريق على الساحة العراقية ، فستكون نتائجه ذات تأثير سلبي مباشر على السياسة الإيرانية في المنطقة وفي تحجيم القوى الطائفية ، التي يعتورها اليوم التمزق وعدم خضوع من يمثلونها في المحافظات لقرارات الحكومة.
ما يميز هذه الفترة التي تسبق الإستفتاء والانتخابات ، هو تنوع وكثرة اللقاءات بين أعداد كثيرة ومختلفة من القوى السياسية الوطنية والديموقراطية والليبرالية والقومية والدينية ، من الطائفتين الشيعة والسنة ، هدفها تشكيل جبهة عريضة بوجه الائتلاف الشيعي ـ الطائفي ، وستعقد هذه القوى مؤتمرا لها يوم 25 أيلول ، الهدف منه " تجاوز المرحلة التي تمر بها البلاد وتداعياتها الخطيرة التي أوجدت انقساما طائفيا ومذهبيا في العراق " وقد صرح السيد توفيق الياسري أحد رموز هذا المؤتمر بالقول " المؤتمر نتاج فهم مشترك بين الحركات والأحزاب السياسية التي تلتقي مع علاوي في دائرة واحدة ، هي دائرة التيار الليبرالي لإيجاد وعاء تلتقي به الأطراف التي تشترك في الرؤى والتوجه .." وقد أُطلق كذلك تسمية " كتلة الوسط والآعتدال " على هذا المؤتمر لأنه كما قال السيد هاشم الشبلي وزير العدل السابق وعضو الحزب الوطني الديموقراطي ( الجادرجي )" دعوة إلى التوازن السياسي لا سيما أنها وسط بين كتلتين إحداهما تمثل التطرف العرقي والأخرى تميل إلى التطرف الديني " وقد علق السيد جواد المالكي ـ أبو إسراء ـ عضو كتلة الائتلاف الشيعية ، والشخصية الثانية في حزب الدعوة " أن فاعلية " كتلة الوسط والاعتدال " تتوقف على عوامل مهمة تتمثل في مدى الدعم الشعبي الذي ستحظى به " إلا انه لم يخف قلقه من أن هذه التحالفات إن استطاعت أن تتجاوز همومها ومطالبها الذاتية ، وتطرح الهم الوطني وما يحيط بالبلد من مخاطر نتيجة للسياسة الطائفية وتوجهاتها نحو إيران، ستسحب البساط من تحت أقدام الائتلاف الشيعي الذي يراهن على كل سلبيات المرحلة الراهنة ، التي تفرق الشعب ولا توحده ، ويعتبرها أمرا لا مفر منه السيد المالكي حيث يقول لجريدة الحياة " إن الاستقطاب الطائفي والعرقي بات أمرا واقعا وله امتدادات لدى السنة والشيعة والأكراد على حد سواء ، ونظام المحاصصة والتخندق مثل الحلول الطافية على السطح ، والتي من الصعب اختراقها ومعالجتها ، ... والكتلة ـ الوسط والاعتدال ـ ستبقى محدودة المساحة إذا ضمت عناصر سلبية وبعثيين سابقين .." والسيد المالكي ينسى أو يتناسى أن المحاصصة والتخندق وتقسيم العراقيين إلى شيعة وسنة وطوائف وأعراق وقوميات ، كانت كلها حبال فتلها حزب الدعوة طائفيا منذ تأسيسه ، ولاحقا لعبت عليها قوى الإسلام الطائفي المتحالف معها ، والتي لم تستطع تقديم البديل الأفضل والأمثل لحل المشاكل العراقية ـ وحزبه يساهم في قيادة الائتلاف في البرلمان والحكومة . وعندما تطرح على السيد الجعفري الأزمة التي تفتعلها ( حكومة البصرة ) مع القوات البريطانية ، تصدر حكومته بيانا مضللا متجاوزا الأزمة ، كما يتجاوز واقع البصرة حاليا ، ومنذ اشهر وليس الآن ، هي خاضعة لحكومة الولي الفقيه الإيرانية ليقول " ليست هناك أزمة سياسية بين الحكومة العراقية وحكومة المملكة المتحدة ، كما يشاع في وسائل الإعلام ، بل هناك حوارا مباشرا بين الحكومتين ، وهناك تحقيق جاري من قبل وزارة الداخلية العراقية بشأن تلك الأحداث .." أي حوار يعني السيد الجعفري ، هل هو حوار حرق " دبابات الحلفاء " التي جاءت بكم إلى الحكم لتستوزروا ؟ أم حوار اعتقال الجنود البريطانيين من قبل الشرطة وتسليمهم إلى المليشيات التي تأتمر بأمر إيران وجهاز مخابراتها ؟ أثبت الواقع أنكم غير قادرين على تعيين شرطي أو عزله أو نقله من مكانه أن لم توافق إيران ؟ وهل يعتقد السيد رئيس الوزراء أن السيد بيان جبر صولاغ وزير داخليته قادر على فهم ما وراء اللعبة التي افتعلتها شرطة " حكومة البصرة " وما تهدف إليه ، لذلك فقبل أن يسأل ، إن كان قادرا على توجيه سؤال لمسؤول في البصرة ، أو أن يحقق مع أي كان ، يسارع السيد الوزير بالإجابة نيابة عن الجميع ، فيقول لا فض فوه ، عن قناعة وثقة " لا أصدق الرواية البريطانية بشأن ما حدث في البصرة ؟؟" هذا كل ما قاله ( مختصر مفيد ) طيب إذا كنت لم تصدق الرواية البريطانية فما هي الرواية الإيرانية التي تصدقها وتريد أن تسمعنا إياها ؟
استقرار العراق وتحسن أوضاعه الأمنية ، هوبما ستكشف عنه نتائج الاستفتاء على الدستور والانتخابات القادمة ، إن تكللت بنجاح ، فمجيء حكم عراقي وطني ، يتمتع بثقة الشعب العراقي بعيدا عن الطائفية والمحاصصة ، هو ما يعزز وحدة الشعب العراقي واستقلال العراق ، وهذا ما يثير المخاوف الإيرانية ويزيد من قلقها ، مما يعجل بأن تدفع بعناصرها المتواجدة بكثافة في البصرة وبقية المدن الجنوبية ، على التشدد ضد كل مظهر من المظاهر الديموقراطية ، و ضرورة إبقاء المشاكل الأمنية والحياتية ، التي يعاني منها المواطنون قائمة ، لإطالة أمد الإرهاب وإضفاء حالة دائمة من القلق تسود الشارع ، والخوف من القتل والتهجير مهيمنا ، كما حصل سابقا في البصرة نفسها ، وكما يحصل الآن من افتعال لتوتير العلاقات مع القوات الدولية البريطانية ، الغرض منه زعزعة الثقة بهذه القوات ومن ثم المطالبة برحيلها ، كما هو واقع فعلا ، ليخلو الجو للمخابرات الإيرانية وقواتها العسكرية في دعم ومساندة المليشيات الطائفية ، من قوات بدر وجيش المهدي ، لأن تمارس إرهابها ضد المواطنين تمهيدا لتهيئة أجواء التزوير للانتخابات القادمة، التي تضمن لها غلق المنطقة بوجه القوى الوطنية والديموقراطية ، لتسرح وتمرح إيران في المنطقة .. فالطائفية ومن ورائها إيران ، لا يقلقهما مثلما هو وجود قوى سياسية تتنافس ديموقراطيا على نيل ثقة المواطن ، وفق برنامج وطني يحقق للشعب مطالبه العاجلة التي يشكو منها ، ويسعى لتوفير أجواء الأمان والطمأنينة للمواطن ، وهذا ما سينعكس سلبا على الحكم الإيراني الذي يفرض هيمنته بوسائل التضليل والتزوير على مناطق عربستان المحرومة من حقوق المواطنة الحقة التي يتمتع بها أبناء القوميات العراقية والتي ضمنتها لهم مسودة الدستور رغم كل عيوبها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح