الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات في المغرب بين المشاركة والمقاطعة :نحو عقلية جديدة -3-

خالد الصلعي

2015 / 4 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الانتخابات في المغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة-3-
**************************************************
لا ننسى اننا شعب يعيش خارج الزمان والمكان .
المقالان الأولان حول ضرورة المشاركة السياسية للشباب المغربي ، والانخراط بكثافة في الانتخابات الجماعية المقبلة ، حاولت فيهما مناقشة القضية في اطارها الايديلوجي الرافض لعملية المشاركة في الانتخابات من منطلقات عقدية حيث أصبحت الايديولوجيا كتفاعل فكري عبارة عن نصوص مغلقة أ أو قوالب ذهنية جامدة ،لا تقبل المناقشة والحوار والتعديل والتكييف ، حفاظا على نسبة الجمود الهائلة التي يبدو قد أصبحت عادة مغربية وعربية راسخة في السلوك اليومي .
وفي هذا المقال سأحاول رصد بعض التجارب الحية لمجتمعات تؤمن بضرورة التغيير من منطلقات تفاعلية ومن ممارسات تطورية . ولنا في تجربة حزب العدالة والتنمية التركي نموذج يمكن أن يمنح الفاعل السياسي بعضا من أمل التغيير والتقدم والازدهار ، انطلاقا من دينامية الديمقراطية التي تتحصن بها اعتى الديكتاتوريات العربية ، بما في ذلك ديكتاتورية النظام المغربي . فالحزب التركي هو سليل الحركة الاسلامية التركية بقيادة أبيها الروحي نجم الدين أربكان الذي رغم كل المضايقات والمؤامرات التي تعرض لها من قبل الجيش والنخبة العلمانية ، استطاع تلامذته في النهاية أن يظفروا بالحكم ويحتكروا ديمقراطيا قيادة البلاد الى يومنا هذا . ورغم التعارضات التي تقف في وجه تجربتهم فان المنصف لا يمكن أن يتجاهل ما حققه حزب العدالة والتنمية لتركيا من انجازات تجاوزت رهان الاقتصاد والسياسة الى رهان الحلم الامبراطوري .
ولم يكن للحركة الاسلامية أن تصل الى نتائجها باعراضها عن المشاركة الانتخابية ، رغم العداء التاريخي بين النظام التركي الذي كان قائما تحت هيمنة العسكر وبين الحركة الاسلامية .
وها نحن اليوم نتابع النتائج المبهرة التي حققها حزب سيريزا اليساري باليونان ، وحزب "نستطيع" الاسباني ، ولم يكن لهذين الحزبين الفتيين أن يحققا مكتسباتهما خارج عملية المشاركة السياسية من باب الانتخابات ، ومن باب التفاعل البيني مع أطياف وشرائح مجتمعهما ، بعد أن فضحا كل تناقضات الأحزاب الحاكمة ، او الأحزاب المحتكرة للعمل السياسي كما يحتكر أصحاب اللاهوت الدين ويفسروه حسب مصالحهم ورغباتهم .
وللتذكير فقط فحزبا سيريزا ونستطيع ، هما حزبان يساريان ، أو لنقل بلغة أكثر دقة هما حزبان تشكلا من عناصر يسارية لم تتوافق مع الاختيارات المحافظة لليساريين التقليديين . فسيريزا اليوناني هو ائتلاف اليسار الراديكالي بين مجموع اليساريين اليونانيين باختلاف مرجعياتهم ، حيث نجد تيار الخضر مع تيار الشيوعيين مع الأقل جذرية وراديكالية ، وهو نفس ما ينطبق على حزب "نستطيع " أو حسب بعض الترجمات "قادرون " ، الاسباني .فهو تنسيقية تؤلف بين مختلف القوى اليسارية على أرضية اجتماعية ، بعد الفساد الاقتصادي والسياسي الكبير الذي شهدته اسبانيا في ظل التقاطب الثنائي بين الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي .
اما حزب العدالة والتنمية التركي فهو كما سلف وكما هو معروف ،ذو مرجعية دينية . بمعنى ان اليساريين المغاربة والاسلاميين يفقدون أي سند أو مبرر للغياب عن التفاعل السياسي الميداني والمؤسساتي .
ومن ينتظر أن يتحول المجتمع المغربي الى مجتمع مثالي ، أو النظام المغربي الى نظام فاضل فانه يفتقد الى الحس السياسي الاختراقي . ويعيش مثالية أفلاطونية محضة . ويترك الساحة فارغة امام أعدائه او من يصارعهم ، وهنا يأخذ الصراع منحاه الدونكيشوتي العدمي .
المشاركة السياسية من داخل المؤسسات حق كل مواطن مؤهل لخوض غمار التجربة الميدانية من داخل المشهد الذي يسهل انتقاده من الخارج .أما الاسقاطات التي يجدها البعض كحائط قصير فان الجميع يعلم تاريخها وحقائقها . لكن رغم ذلك تبقى تجربة منظمة العمل الديمقراطي شاهدة على بياض يد المناضل الكبير بنسعيد آيت يدر .
الدعوة الى المقاطعة هي دعوة الى الجمود ، وهي دعوة تصب في صلب وجوهر رغبة المخزن المغربي . لأن المقاطعين يقدمون له خدمات كثيرة ، منها الحفاظ على نفس الخريطة السياسية التقليدية التي يرعاها ، ومنها أن جانباكبيرا من تهديد مصالحه يبقى بعيدا عن المنافسة والمناوشة ، ومنها تمكينه من قوة مستقبلية اضافية تكفيه عناء بذل الجهد والاشتغال اليومي في ضبط جغرافية المعطيات السياسية ، وبتالي فهو يشتغل وهو خامل على مستوى مراقبة العمل السياسي .
هكذا تظل القوى الداعية للمقاطعة خارج الزمان والمكان ، بغيابها عن اعطاء نموذج اقتحامي وتفاعلي واختراقي لسياجات العمل السياسي بالمغرب ، وترسيخه في نفس الأيادي واللوبيات التي أوصلت المغرب الى ما هو عليه اليوم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قذائف إسرائيلية على غزة في أول أيام العيد بالرغم من إعلان -ه


.. جزيرة إيطالية توفر إقامة مجانية لثلاث ليالٍ ولكن بشرط واحد




.. حريق هائل يدمر فندق ماريسفيل التاريخي في ولاية كاليفورنيا


.. جبهة لبنان – إسرائيل.. مخاوف من التصعيد ودخول إيران ومساعٍ ل




.. هل تنضم إيران إلى حزب الله في حرب شاملة مع إسرائيل؟| #الظهير