الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراجع اليورو وارتفاع الدولار

فهمي الكتوت

2015 / 4 / 19
الادارة و الاقتصاد


شهدتْ العملة الأوروبية تراجعا قياسيا أمام الدولار منذ بداية العام الحالي، وبنسبة فاقت كل التوقعات والتقديرات؛ فقد وصل سعر صرف اليورو إلى 1.063 دولار. في حين توقع بنك "جولدمان ساكس" في بداية العام الحالي انخفاض سعر اليورو إلى 1.08 دولار مع نهاية العام 2015، ومع إمكانية معادلة قيمة الدولار بنهاية عام 2016. وقد جاءت النتائج أسرع بكثير من التوقعات. فقد انخفضت قيمة اليورو امام الدولار بنسبة تقدر بحوالي 12% منذ بداية العام الحالي؛ ما يعادل نسبة التراجع الذي شهده العام الماضي 2014 كامل. وهو انخفاض غير مسبوق منذ عام 2005، وقد جاء هذا التراجع في أعقاب تطبيق البنك المركزي الأوروبي إجراءات "برنامج التيسير الكمي" بطباعة أوراق نقدية لشراء سندات مالية بقيمة 60 مليار يورو شهريا حتى سبتمبر عام 2016، وربما يستمر بعد ذلك، إذا اقتضت الضرورة حتى يصل معدل التضخم إلى النسبة المستهدفة 2%، وسيؤدي شراء السندات المالية الى خفض أسعار الفائدة في الأسواق لحفز الاستثمار.
ومن المعروف أنَّ الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها القارة الأوروبية، تُعتبر سببا رئيسيا لتراجع اليورو، وأبرز مظاهرها، استمرار حالة الركود الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع الدين العام، وأما الإجراءات التي أقدم عليها المركزي الأوروبي فهي محاولة لتحفيز الاقتصاد الأوروبي، لكنها تحمل في طياتها مخاطر استمرار تراجع العملة الأوروبية بسبب الإفراط في طباعة الأوراق النقدية. كما أنَّ خفض العملة الأوروبية سيرفع أسعار المواد الخام وكل ما يُدفع بالدولار على الأوروبيين، وبالمقابل يُساهم انخفاض اليورو في تحسين القدرة التنافسية للصادرات الأوروبية، كما يساهم بتنشيط الحركة السياحية في أوروبا.
حذَّر صندوق النقد الدولي من عدم توافر مناخ ملائم في الأفق يُساهم في تحقيق نمو اقتصادي عالمي في الاقتصادات الرئيسية؛ وذلك بتقريره الصادر الأسبوع الماضي، حول آفاق الاقتصاد العالمي والذي استعرض فيه حال اقتصادات الدول الصناعية الغربية بشكل خاص، التي لا تزال تعاني من "موروثات" الأزمة المالية العالمية التي انفجرت في سبتمبر 2008.. مشيرا إلى أنَّ التوقعات بانخفاض النمو تؤدى إلى ضعف الاستثمارات في هذه الاقتصاديات في الوقت الراهن. معوِّلا على انخفاض أسعار النفط في تحسن النمو الاقتصادي.. مُستدركا بأنَّه أثر بشكل كبير على النشاط الاقتصادي في الدول المصدرة للنفط؛ حيث فقد سعر برميل النفط ما يقارب الـ50% من قيمته منذ يونيو 2014، وحتى نهاية مارس 2015.
كما أنَّ ارتفاع أسعار الدولار يترك آثارا سلبية وأخرى إيجابية على الاقتصاد الأمريكي أيضا؛ فمن جهة يوفر أسعارا أفضل للخامات المستوردة من الخارج، لكنه يُسبِّب بعض المتاعب للاقتصاد؛ فمن المعروف أنَّ عملة قوية تضعف القدرة التنافسية للاقتصاد في ظل العولمة الرأسمالية، والانفتاح الاقتصادي وإزالة الحواجز أمام السلع بين مختلف الدول؛ فالمنتجات الأمريكية لن تكون قادرة على منافسة المنتجات الآسيوية -خاصة الصينية والهندية- إضافة إلى المنتجات الأوروبية في ظل تراجع اليورو؛ سواء في الأسواق المحلية الأمريكية او في الأسواق العالمية. فإنَّ استمرار ارتفاع الدولار يؤثر سلبا على إنتاج الشركات الأمريكية، وعلى قطاع السياحة، بسبب ارتفاع تكلفتها على الاجانب. وهناك إشارات متناقضة حول الاقتصاد الأمريكي، بعد النمو الجيد الذي شهده الربع الثالث عاد وتراجع في الربع الأخير من العام الماضي. وهذا ما يفسر تريث اللجنة المكلفة من البنك المركزي الاتحادي تأجيل رفع سعر الفائدة، خشية آثار سيئة على الاقتصاد الأمريكي.
وينطوي على سوء توزيع الثروة؛ استمرار الازمة، وتفاقم الصراع الطبقي في البلدان الرأسمالية، وبين شعوب البلدان النامية وخاصة التي مازالت تخضع للتبعية السياسية والاقتصادية، والمراكز الرأسمالية؛ ففي الوقت الذي يتراجع فيه معدل دخل الفرد، تتنامى الثروة في المراكز الرأسمالية بشكل كبير؛ فقد كشف مُحللو مؤسسة "Credit Suisse" بنك الائتمان والاستثمار السويسري، أنَّ العلاقة مباشرة بين زيادة الثروة وتمركزها وبين دخول الاقتصاد في حالة الكساد، فقد ارتفع متوسط الثروة لأكثر من 19% قبل الانهيار الاقتصادي عام 2006، كما أضيف 31.5 تريليون دولار إلى الاقتصاد الأمريكي منذ عام 2008 وفقاً للتقرير. إذ إنَّ فجوة الدخل يمكن أن تنتج "فقاعات" اقتصادية، وتشكل سببا مباشرا للازمات.
ووفق نفس المصدر، يستحوذ حوالي 0.7% من سكان الأرض على ما قيمته 115.9 تريليون دولار تعادل 44% من الثروة العالمية، تاركين 56% من مجموع ثروات العالم لنحو 99.3% من سكان العالم. ولو أخذنا شريحة أوسع من الأثرياء تشكل 8.6% من أغنى سكان العالم سنجد أنهم يمتلكون ثروات قيمتها نحو 224.5 تريليون دولار تعادل 85.3% من ثروات العالم. وعلى الجانب الآخر فإن 69.8% من أفقر سكان العالم ممن تتراوح ثرواتهم بين صفر و10 آلاف دولار، لا يملكون سوى حوالي 2.9% من الثروة العالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انحني احتراما لعصاميتك المعرفية
غازي الصوراني ( 2015 / 4 / 20 - 11:10 )
بجهده الذاتي الدؤوب استطاع رفيقي وصديق عمري فهمي الكتوب ان يحتل موقعا متميزا في الانتاج الثقافي والمعرفي عموما والاقتصادي خصوصا برؤية تنموية تمتد وتتواصل مع قناعاته ومبادئه الاشتراكية التي تربى عليها وناضل من اجلها عبر حزبه الشيوعي الاردني المجيد...كل التقدير والاعتزاز بانتاجك الفكري المكرس للتحريض ضد بشاعة الراسمالية ليس في بلادما فحسب وانما ايضا على مستو ى الكوكب حيث تقوم الامبريالية بالاستغلال البشع لفائض القيمة لشعوبنا العربية وكافة الشعوب الفقيرة ...دمت رائعا ومتوهجا


2 - شكروتقدير
فهمي الكتوت ( 2015 / 4 / 20 - 15:37 )
الرفيق العزيز صديق العمر غازي الصوراني؛ اعتز بك وبشهادتك، رفيقا وصديقا كاتبا ومفكرا مسخرا رؤيتك الفكرية والسياسية للتحرر الوطني والاجتماعي لشعبنا الفلسطيني. لنا الفخر بأننا أبناء مدرسة فكرية واحدة، دفاعا عن المقهورين والمضطهدين طبقيا وقوميا، لك مني أجمل التحية ولشعبنا الفلسطيني الحرية والاستقلال.

اخر الافلام

.. أزمة غلاء المعيشة في بريطانيا تجعل الناس أكثر قلقا بشأن أداء


.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج




.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب


.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024




.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن