الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فُرصَة أمريكا لفرض حلّ للقضية الفلسطينية

منعم زيدان صويص

2015 / 4 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


موقف الأمريكان من الأزمة السورية يكتنفه الغموض منذ سنوات، ويظهر إلى الآن أنهم لا يدعمون، بل يعارضون، النظام، ولكنهم، من الناحية الثانية، لا يؤيدون المعارضة بفعالية. في البداية كان موقفهم واضحا من النظام ورددوا القول: لن يكون لبشار الأسد أي دور في مستقبل سوريا، "فقد خسر شرعيته." كان وضع بشار الأسد ضعيفا وكأنه سينهار خلال عام. غير أن دعم حزب الله ومشاركته الفعالة في الحرب ضد المعارضة السورية المسلحة، وتأييد إيران المادي والمعنوي، والدعم الروسي بالأسلحة والعتاد، جعل انهيار النظام شبه مستحيل. ودخلت أمريكا وروسيا حربا بالنيابة، من خلال أوكرانيا وسوريا، تذكِّرنا بالحروب بالنيابة التي كانت شائعة بينهما أيام الحرب الباردة.

ولكن ظهور الإسلاميين التكفيريين قلب الموازين، فهم أعداء الجميع، ولو أن بعض الدول، في المنطقة وخارجها، شجعوا ودعموا بعض هؤلاء التكفيريين في البداية لتحقيق مصالح معينة. فبالإضافة إلى أنهم أعداء النظام، هم أعداء إيران وحزب الله من ناحية سياسية ومذهبية، وهم أعداء روسيا لأن منظمات من نفس فصيلتهم تحارب الروس في الشيشان والجمهوريات المسلمة الأخرى التي هي جزء من الفدرالية الروسية، وهم أعداء الأمريكان لأن منظمتهم الأم، القاعدة، عدوتهم في أفغانستان وباكستان. ولهذا بدأ الأمريكان وحلفاؤهم في أوروبا يلمحون أنهم لا يستطيعون أن يرسلوا أسلحة فعالة ومتطورة للمتمردين السوريين المعتدلين لأنها قد تصل إلى أيدي الإسلاميين المتطرفين، الذين ربما يكونون، في نظرهم، أسوأ من النظام. وقالوا أنهم سيدعمون الجيش السوري الحر والإسلاميين المعتدلين، ولكن ثبت أن هذا الجيش ضعيف جدا، وأن الإسلاميين المعتدلين لا وجود عملي لهم، فدول الخليج الناشطة في هذا المجال تؤيد منظمات لا تختلف عن داعش إلا بالاسم. واستمرت الحرب، وبعد سنوات من القتال وملايين اللاجئين، وصمود الأسد، بدأ الأمريكان يعترفون أن بشار الأسد يمكن أن يكون "مشاركا" في البحث عن حل، ولكن موقف أمريكا ظل مبهما وظلت تصريحات المسئولين الأمريكان متناقضة.

لا شك أن أمريكا لا تريد التدخل بإرسال قوات برية، لأن هذا ليس من مصلحتها. فالزمن الذي كانت فيه الولايات المتحدة تغزو الدول وتنتصر قد انتهى، فالأمريكان لا يستطيعون التغلب ولو على منظمه إرهابية واحدة، إلا إذا فعلوا ذلك من خلال حرب بالنيابة، والوقت ليس ببعيد عندما سينشغلون، هم وأوروبا، بمحاربة نفس النوع من الإرهاب في عقر دارهم. ولكن الولايات المتحدة لا تريد للحرب أن تنتهي- على الأقل ليس بعد - فلو كانت تريد نهاية للحرب لمنعت أصدقاءها، وخاصة تركيا وبعض الخليجيين، من مساعدة تنظيمات المعارضة، ولمكّنت النظام أن يبقى في الحكم. ولكن من الواضح أن الولايات المتحدة لا تريد الأسد جزءا من الحل طالما أن إيران وحزب الله من مؤيديه، وطالما أن نظامه يتخذ موقفا معاديا للأمريكان وحلفائهم في المنطقة، ناهيك عن العامل الأوكراني وموقف أوروبا من روسيا. وإذا استطاع محور سوريا الأسد-إيران-حزب الله أن ينتصر فسيكون هذا الانتصار مدويا وسيساعد هذا إيران أن تتحدى الغرب ببرنامجها النووي، وسيبقى هذا المحور يهدد إسرائيل ويقوى موقف معارضي الاتفاق النووي في الولايات المتحدة، وأعني بذلك الكونغرس، الذي يعتمد عليه نتانياهو في موقفه من الاتفاق، وهو في الحقيقة لا يريد أي اتفاق حول هذا الموضوع.

صحيح أن الحرب السورية ودخول حزب الله فيها أعظم خدمة قدمت لإسرائيل منذ سنوات عديدة، ولكن اليمين الإسرائيلي لا يريد حزب الله أن يختفي تماما لأن ذلك معناه أن التهديد الإيراني بالنيابة سيزول وبذلك سيزول رمز العداء لإسرائيل، ومعنى ذلك تراجع تأييد العالم المادي والمعنوى لها، وخاصة إذا أخذنا بالاعتبار الانتقاد العالمي المتنامي لسياساتها تجاه القضية الفلسطينية. فمنذ أن هدد أحمدي نجاد ونصر الله بإزالة إسرائيل من الوجود بدأت القضية الفلسطينية في الإنحدار وتغاضى العالم عن ظلم إسرائيل وسحقها للشعب الفلسطيني. ولم نرَ تراجعا في التأييد العالمي لإسرائيل إلا بعد سقوط أحمدي نجاد وانخفاض حدة تصريحات القادة الإيرانيين وبدء تقاربهم مع الغرب لحل قضية برنامجهم النووي وإنها العقوبات.

أوباما يريد أن يخلص إسرائيل المدللة من نفسها لأنها وصلت قمة نجاحها منذ مدة وبدأت بالتراجع. جيشها ليس كما كان في السابق، لأنه ليس من جيل المهاجرين العتاة الذين أوجدوا إسرائيل. والكتلة الفلسطينية في الضفة وغزة تحقق انتصارات معنوية بكسب عطف العالم وتأييده، وأحيانا تصمد في مواجهات عسكرية، والإسرائيليون يشعرون بذلك، واليمين الإسرائيلي يرى أن دولته في خطر، والبرهان هو التصريح التحريضي العنصري لنتانياهو خلال الانتخابات بان "العرب في إسرائيل يذهبون إلى صناديق الإقتراع زرافات ووحدانا." إسرائيل كانت دائما تنتصر بشكل كامل في حروبها مع العرب ولكن حروبها الأخيرة في جنوب لبنان وغزة لم تنجح، وأثر هذا على معنويات جيشها وشعبها، وكانت محل انتقاد العالم. في نظر اوباما لقد حانت الفرصة التي لن تعوض لفرض حل للقضية الفلسطينية على المنطقة.

الأمريكان يريدون إنها حزب الله، ويريدون أن يفككوا المحور الذي ينتمي إليه، وبذلك يستطيعون حل النزاع العربي الإسرائيلي و تحقيق ما سمته كوندوليزا رايس قبل عدة سنوات بالشرق الوسط الجديد، عندما اعتقدت، في عام 2006، أن إسرائيل أوشكت أن تقضي على حزب الله. وأوباما سيحاول أن يفعل ذلك مستغلا ضعف سوريا وحلفائها وغياب كل مقاومة عربية. وحتى تنفذ أمريكا هدفها بإنهاء القضية الفلسطينية يجب أن يزول الأسد، وينحل محور سوريا-إيران- حزب الله، وتأسيس دولة فلسطينية منزوعة السلاح. وعموما، ستقبل الأنظمة العربية هذا الحل لتتخلص من الفوضى التي تعصف بها، فغاية ما تريده تحقيق الاستقرار.

ومع أن إسرائيل لا تريد ذلك لأنها لم تعتد أن تعيش بدون تهديد، فالتهديد معناه استمرار الدعم والتعاطف معها، ومعناه أن يكون جيشها واحتياطيوه دائما على أهبة الاستعداد، غير أنها لن تجد بُدّا من القبول بهذا الحل لأنها مهددة عل المدى البعيد. إيران حتما لن تهاجم إسرائيل، وإذا أرادت أن تحاربها فليس الوقت الراهن مناسبا، لأن العرب المحيطين بالدولة العبرية لن يساعدوا إيران، فها هي تجد الآن، وخاصة بعد الحرب على الحوثيين، أن معظم العرب يعادونها ربما بنفس القدر الذين يعادون به إسرائيل، ولذلك لن تجازف بحرب مع إسرائيل تلحق بها أذى كبيرا ولا تربح حتى رضا العرب والفلسطينيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة