الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين احضان الجمهورية الاسلامية والمظلة الامريكية

سمير عادل

2015 / 4 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


زيارة رئيس الورزاء حيدر العبادي الى واشنطن ولقائه مع اوباما واجتماعه مع ممثلي الشركات الامريكية النفطية العملاقة، والتقائه مع رئيسة صندوق النقد الدولي وانتقاده للجمهورية الاسلامية في ايران ومطالبتها بأحترام سيادة العراق، والاعلان عن عدم ارتياحه لظهور قائد فيلق القدس قاسم سليماني تتزامن مع عدم قدرة القوات الامنية في القضاء على دولة الخلافة الاسلامية، والحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن بدعم امريكي غير مشروط. وعليه ان الزيارة المشارة اليها لها دلالات سياسية اهمها بأن حكومة العبادي غير قادرة على قهر دولة الخلافة الاسلامية، بدعم الحرس الثوري الايراني ومليشيات الحشد الشعبي وحدهما، وانها اي حكومة العبادي لا يمكنها الاستمرار بالمماطلة والمراوغة حول تحويل الشروط الامريكية الى حيز التنفيذ الواقعي، والتي تتضمن تنازل التحالف الشيعي الذي يهيمن على السلطة السياسية في العراق منذ الغزو والاحتلال عام 2003 عن قسم من امتيازاته، الى ما فرض في القاموس السياسي الجديد وهو "عرب السنة"، سواء بتشكيل الحرس الوطني او ما يسمى بتسليح العشائر والتي بالنهاية سيفضي الى تشكيل او اقامة الاقليم السني. واثبتت الوقائع بأن عناصر الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني لم تتمكن في ايقاف تقدم المعارضة السورية "ثوار الكونترا الجدد"، بالسيطرة على اراضي شاسعة وانتزاعها من النظام السوري، واكثر ما استطاعت ان تفعله تلك العناصر هو الحفاظ على سلطة بشار الاسد والحيلولة دون سقوطها، كما ان تجربة تحرير مدينة تكريت من عناصر داعش هي الاخرى بينت دون تدخل القوة العسكرية الامريكية، لا يمكن لجيش العبادي وحشده الشعبي والمستشارين العسكريين الايرانيين في فرض التراجع على داعش وطرده من المناطق التي يسيطر عليها.
اما المسألة الاخرى التي كان العبادي يسعى لتحقيقها في زيارته الى واشنطن، هو الاعلان بأن حكومته مستعدة لتنفيذ البرامج الاقتصادية التي تطلبها المؤسسات الاقتصادية والمالية الامريكية من العراق، واهمها تحرير الاقتصاد الذي قال عنه العبادي بكلمة مختصرة في منتدى لغرفة التجارة الامريكية بأن البيروقراطية مثل الارهاب وعلى القطاع الخاص السيطرة على الاقتصاد، وقد سبقه قرار وزير الكهرباء قبل الزيارة المذكورة عندما اعلن رفع سعر الوحدة الكهربائية، وهي رسالة تأكيد واطمئنان الى المؤسسات المالية الامريكية بأن العبادي عازم على تحرير الاقتصاد العراقي، بما يقتضي سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤسسة التنمية الامريكية، التي ترسم السياسات الاقتصادية للبلدان التي تمنحها القروض والمساعدات على حساب افقار الطبقة العاملة والكادحين وعموم المجتمع. اي ان العراق جاهز للالتحاق بالسوق الرأسمالية العالمية وجاهز للاستثمار والاستغلال، حيث الايدي العاملة الرخيصة وشروط عمل مجحفة وقوانين تحد من المطالب العمالية في تحسين معيشتها....
اما المسألة والتي لا تقل اهمية عن الاخريات هي ان حكومة العبادي ترى في واشنطن الحليف الاستراتيجي الاقوى من بقية القوى الاقليمية في حمايتها وابقائها، وكانت "عاصفة الحزم" السعودية في اليمن رسالة واضحة لتقول بأن سلطة الاسلام السياسي الشيعي في العراق، لن تكون بمنأى عن الخطر عندما تكون تحت مظلة الجمهورية الاسلامية وبعيدا عن احضان واشنطن الاستراتيجية، لذلك انتقد العبادي ظهور الجنرال الايراني في ساحات القتال في العراق وطلب من ايران احترام سيادة العراق.
وتعليقنا على انتقاد العبادي لظهور سليماني، هي كلمة تملق من العبادي الى البيت الابيض اكثر مما هو تحدي لملالي طهران، فالعبادي نفسه لم يبدِ عن انزعاجه لظهور سليماني مع هادي العامري رئيس مليشيات بدر قبل اكثر من شهر عبر شاشات الفضائيات ووسائل الاعلام المختلفة في ساحات الوغى، ويكشف هذا الانتقاد عن ان العبادي كان متيقنا حينه بقدرة الجنرالات الايرانيين بسحق داعش ولم يرف له جفن عن ما اذا انتهك سيادة العراق بقدر مبالاته في حماية السلطة السياسية للتحالف الشيعي التي كان يهددها تمدد داعش. وليس هذا فحسب، بل اضاف على انتقادات العبادي مزيد من السخرية هو عندما وصف بعض الصحف عن طريق اقلام بعض كتابها الليبراليين زيارة العبادي الى واشنطن بالوطنية، ولذلك كانت ناجحة في حين خلت من مادة الوطنية عندما كان يحتمي بالمظلة الايرانية قبل الزيارة المشارة اليها، ناسين عن عمد غزو واحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية هو الذي كان وراء الخراب والدمار الذي يعيشه العراق اليوم، بينما اعتاشت الجمهورية الاسلامية على ذلك الخراب الذي اسفر عن الاحتلال.
ان سحب العراق من احضان الجمهورية الاسلامية في ايران بعد سنوات من حكم نوري المالكي ودفعها تحت المظلة الامريكية والحاقها سياسيا واقتصاديا بواشنطن لن تنقل العراق الى بر الامان ولن يهزم داعش فيه، بل ان المرحلة الامريكية ستكون اقسى واشد حيث ستتوسع رقعة الفقر والعوز بشكل اكبر مما هو عليه الان، وستتكاثر على ارضه عشرات الدواعش ولكن بلباس طائفي جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ