الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المركزية الاثنية

فانينج وليم

2015 / 4 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


* تعاني غالبية المجتمعات البشرية من مرض الذي اطلق عليه المفكرين في علوم الانسانية، بالمركزية الاثنية التي تجعل المجتمعات متناحرة فيما بينهم بسبب عدم الاعتراف بالآخر، وقبول التنوع البشرية التي تمثل سمة الاساسية في تطور الثقافات والحضارة الانسانية.
* ظهر مصطلح المركزية الاثنية اول مرة عام 1906عند عالم الاجتماع الامريكي وليام.ج. سامر، بحسب تعريفه المركزية الاثنية هي المصطلح التقني الدال على تلك النظرة الى الاشياء التي ترى ان مجموعتنا الخاصة هي مركز الاشياء كافة بحيث نقيس المجموعات الاخرى بناءً عليها، لذلك تجد بعض المجموعات الثقافية او العرقية او الدينية تتفاخر وتتباهي بقيمها وتتدعي فيها النقى، وتنظر لقيم الآخرين المختلفين عنهم بنظرة احتقار وتعتبر عوائدها الخاصة هي وحدها الصالحة.
*المركزية الاثنية بصورة عامة يمكن تعريفها على انها انغلاق مجموعة اثنية او دينية حول نفسها دون انفتاح لمجموعات اخرى مختلفة عنها، من منطلق هذا التعريف نجد ان الانغلاق حول الذات يجعل المرء يعتقد ان القيم الثقافية التي تمتلكه انقى وارقى قيم ثقافية، وهذه الروح تجعله يمارس الاستعلاء العرقي او الديني على الآخرين.
* كان يونان القديم ينعت بـ(برابرة)، كل من كانوا خارج الثقافة اليونانية القديمة، كذلك في اوربا الغربية استعملت كلمة "المتوحش" في المعنى نفسه بقصد اقصاء غير المنتمين للحضارة الاوربية.
المركزية الاثنية تتخذ اشكالا كثيرة من اللا تسامح الثقافي والديني وحتى السياسي بين المجتمعات التي لا تعير للتعدد وللتنوع الثقافي قيمة، لذلك تنشب فيما بينهم صراعات دموية يعتقد اي طرف انه يدافع عن قيمه النقية.
* احياناً المركزية الاثنية تكون مدعومة من قبل دولة مثلاً فرض ثقافة اوحادية من قبل الدولة على مجموعات اخرى، على ان هذه الثقافة ارقى من ثقافات المجتمعات الاخرى، وبهذا الفرض تعمل الدولة على اقصاء قيم انسانية لها معنى وقيمة عند المجتمع الذي يعتنقها، وهذا يقود إلى عنف اذا لم تستلم المجتمعات المفروض عليهم الثقافة، حالة السودان نموذجاً. هنالك المركزية الاثنية التي تكون ممارس بصورة رمزية مثل استنتاج نكت او الفاظ عامة تشير للاستعلاء العرقي، مثلا هنا في جنوب السودان هناك مصطلحات تستخدم مثل "جينقي"وهو مصطلح يستخدمه ابناء الاستوائية ضد المجتمعات النيلية، وكذلك عند بعض المجتمعات مصطلحات ماثلة، مثل مصطلح "نيام نيام" الذي يطلقه النوير على ابناء الاستوائية، كل تلك المصطلحات تشير إلى المركزية الاثنية اذا ترجمنا معانيها.
*الواقع الذي يمر به مجتمع جنوب السودان من تناحر اجتماعي في اعتقادي جاء نتيجة طبيعية للمركزية الاثنية عند المجتمعات الجنوسودانية، لان كل اثنية تعتقد في نفسها الكفاءة لإدارة البلاد وتقلل من قدرات الطرف الآخر، لذلك عدم قبول ثقافة الآخر والنظر إليه بإحتقار، قد تقول عزيزي القارئ ان كاتب هذه السطور يغرد خارج السراب لكن هذا هو واقعنا، وما لم نتقبل البعض قد نعيد تجربة السودان القديم.
*في خاتمة هذه السطور علينا ان نخرج من الانغلاق في الاطار الضيق الذي يقودنا الى ممارسة الاستعلاء العرقي ضد بعضنا البعض، وهذا لن يحدث ما لم نعترف بالتعدد والتنوع الثقافي الموجود في جنوب السودان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون