الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على معبر بْزيبيز

فيحاء السامرائي

2015 / 4 / 20
الادب والفن


تأخروا..المسافة من طريق السياحية الى بزيبيز، ساعة ونص تقريباً بالسيارة..فضلنا أن ننتظرهم على الطرف الثاني من المعبر لدى سماعنا بأنهم سيصلون خلال دقائق قليلة.
أفرغنا غرف البيت وسننام كلنا في غرفة واحدة..أمي في انتظارنا، طبخت في قدر كبير ما يكفي لثلاث عوائل وقالت، " عين غطه وعين فراش"..أبي، أمتنع عن مشاهدة التلفزيون، يبرر ذلك بقوله، حتى لا أرى صور النازحيين وحالهم " اللي يبچّي الصخر"، أخجل من روحي وأحسّ بعدم الراحة لأنني أملك سكناً.
اليوم تحدثتُ مع أصدقاء كانوا على وشك الخروج في مظاهرة ضد قضية الكفيل لقيادة عمليات بغداد، ولكن الحكومة سبقتهم وتراجعتْ عن القرار..لم ننم منذ ثلاث ليالٍ، قلوبنا وبيوتنا مفتوحة لهم، نخصص سياراتنا لنقل الأطفال والعجائز والمرضى..يصرّح مسؤول كبير، يجب أن يتم التوزيع بين العاصمة والمحافظات فمن غير المعقول احتواء كل هذا العدد ودخول أكثر من 27 آلاف عائلة لحد الآن سيثقل ويعرقل الحياة اليومية أكثر مما هي عليه..يعلن آسفاً عن وفاة مئة طفل حديثي الولادة من النازحين، ومع ذلك ينبغي على جميع النازحين أن يخضعوأ للتفتيش قبل دخولهم العاصمة.
ليس الآن وقت التدقيق في هويات النازحين يا جماعة.
ثمة أصوات تشمت وتتهم، أنت ترفض الحشد فأنت داعشي، أنت لم تقاوم داعش فأنت منهم، أنت سني يعني أنت داعشي ومن الحواضن..التعميم بأي موضوع خطأ ياجماعة..يكفيهم ضغط داعش لاستخدامهم كدروع بشرية ويكفيهم قصف عشوائي وعدم وجود جيش وفرجة طيران تحالف دولي، وعند النزوح، يلومونهم على ترك بيوتهم وأراضيهم مصرّحين،
" أكيد داعش يدسّ المفخخين بين ذوله النازحين.

تأخروا..اشتدّ الحر والضجر ولم نلمح أحد منهم للآن.
اشتكى أحدهم يوم أمس، قدمي لاتعينني على الوقوف بعد مشي يومين، خرجت حاملاً معي جنسيتي وخوفي فحسب، ولا أطيق ثيابي الآن بسبب تراب الطريق والحر، أما الجوع...
يتحمس وينفعل أحدهم متكلماً بسخرية:
- عيني إحنا نازحينا منا وبينا، ومخيماتنا مو للأجانب لكن إلنا، أكو أحسن من هيچي تنكة؟ يعني زوار ايرانيين فتحنالهم الحدود والمحافظات واحنه الممنونين، مو ذولة أهل بلدنا يا ناس.
يمتدح آخر من مكانه الجهود الانسانية المبذولة وشعارات (الخدمة مع حفظ الكرامة واجب)، و(أفتحُ بيتي لعائلة نازحة) و حملة (أعانك الله ياعراق لدعم أهلنا الكرام النازحين في الانبار)..يتفاخر بأمثلة كمركز الحياة الانساني الكاظمية المقدسة، وموكب حي الدورة قطاع 60 الذي وزّع طعاماً على النازحين، وحملات شبابية بجهود وتمويل ذاتي من طلاب كليات، وناس تتطوع وتشرد الى أماكن مراكز توزيع البطاقة الذكية في بغداد، وحسينيات الشعلة والكاظمية وامتلاءها بأهلنا من الانبار.
- بارك الـله بكل الحهود، أهل الغربية أهل الكرم والجود، وصوانيهم أم العراوي، أشهد باللـه المحافظة الوحيده اللي مابيها فنادق، فتحولنه بيوتهم أيام محننا زمان، واستقبلو نازحين من البصرة بعد قصفها بحرب إيران وخدموهم أحسن خدمه.
ترى كم ستتكرر مشاهد استقبالنا لناس هاربة من كل محافظة؟ وهل أبتلي ناسنا بالتهجير داخل بلادنا؟ وكم من مخيمات سننشأها؟ والى متى ستستمر تلك الحالة، وهناك أطفال بحاجة الى رعاية صحية وتعليمية؟ كيف سنعلّم طفلاً نازحاً كلمة بيت ومفهوم وطن؟

نلمحهم قادمين من بعيد، لوحة مأساة حيّة يعجز أمهر رسام على تجسيدها، نساء وأطفالاً وعجائز وشيوخاً، حاملين صرر على رؤؤسهم، إمرأة حبلى يدفعونها بعربة، بكاءً وصراخاً أكثر خشونة من تراب يصحب موكبهم، يطلب أحدهم برجاء ماءً، يصرخ آخر على طبيب بعد أن تفقد إمرأة وعيها أمامه، رعب وهلع في العيون، قسمات تتساءل، ما ذنبنا؟
نهرع نحوهم بقوارير ماء وربطات خبز، يتلقفها الكبار ويسقون ويطعمون الأطفال، يبكي أحد الرجال بصمت، ماسحاً دمعه بيشماغه.

يصيح أحدنا بألم:
- عمي قسّمو العراق وخرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟