الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


12 عام داخل شرنقة بريمر (2)

محمد عنوز

2015 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


فكما بينت الوقائع لم تتم الإستفادة من المدة التي وفرتها المادة 61 من قانون إدارة الدولة، وذهبوا بنا إلى التصويت على مسودة وزعت من خلال وكلاء المواد الغذائية، في حين أتفقت الإطراف السياسية على إشراك 25 شخصية غير منتخبة كممثلين للمحافظات التي قاطعت الإنتخابات آنذاك وخلصت إلى مسودة أخرى، وهذا دليل أخر على أن العملية داخلة في تلك الشرنقة التي غدت بيئة خصبة لإنتاج أزمات تتحكم بمصير البلاد وتدفع بإتجاه إرتهانه وإضعاف قدراته ومؤشرات هذا الحال يدركها المُنصفْ من دون جدال .
وبقدرة القيّمين على العملية السياسية أصبح الإستفتاء مستوفي الشروط من ناحية العدد المطلوب، أما من ناحية " إطلاع " المواطنين على مضمون نصوصه، فهذا لا إعتبار له، المهم تمرير الدستور، وليس جدوى الدستور، وهكذا اصبح لنا دستور " دائم " وتضمن ونص المادة ( 142) التي تستحق منا التوقف عندها والتأمل فيها ( اولاً : يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنةً من أعضائه تكون ممثلةً للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي، مهمتها تقديم تقريرٍ الى مجلس النواب، خلال مدةٍ لا تتجاوز أربعة أشهر، يتضمن توصيةً بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور، وتُحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها.
ثانياً : تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعةً واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها، وتُعد مقرةً بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس.
ثالثاً : تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب وفقاً لما ورد في البند (ثانياً) من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها، خلال مدةٍ لا تزيد على شهرين من تأريخ اقرار التعديل في مجلس النواب.
رابعاً : يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً، بموافقة اغلبية المصوتين، واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو اكثر.
خامساً : يستثنى ما ورد في هذه المادة من احكام المادة ( 126 ) المتعلقة بتعديل الدستور، إلى حين الانتهاء من البت في التعديلات المنصوص عليها في هذه المادة ).
فأين ديمومة هذا الدستور؟! والتعديل مطلوب بذات الدستور، ولم يتوصل الفرقاء إلى إتفاق لتعديل ما يستحق من تعديل، فبماذا نَصِفُ مضمون المادة (142) بعد أكثر من (9) أعوام؟! في حين المادة تنص على تشكيل لجنة تقدم تقرير خلال (4) أشهر، وبعد ذلك يتطلب التصويت على التعديلات في المجلس ويستفتى عليها الشعب !!!!!!!
أين نجد الجواب على عدم تنفيذ نص هذه المادة ؟؟؟ هل هناك ما هو أهم وأسمى من دستور البلاد الذي يجب أن يجسد إرادة أغلبية المواطنين ؟؟؟ علماً نحن لدينا الجواب الآتي : إن عدم التنفيذ ناتج طبيعي لوجود العملية السياسية في شرنقة بريمر، شرنقة تمثيل الموكونات وليس حقوق المواطنة كضمانات، وسوف لن يتم التعديل رغم إنه إلتزام دستوري لأن الشرنقة أقوى من الدستور في واقع الحال، والأطراف السياسية تنظر للدستور بقدر ما يوفره من مساحة للنفوذ وجمع المال.
ومن خلال المتابعة فإن جهود مجلس النواب تتركز في مناقشة القوانين، والخلافات مستمرة حول هذا القانون أو ذاك دون الوقوف عند تعديل القانون الأسمى، الدستور، لا بل جلبوا لنا بدعة التصويت بسلة واحدة، وهذا منطق البيع والشراء وليس المنطق الموضوعي الذي يستند على متطلبات المرحلة والمشتركات وقواعد العمل الديمقراطي وحرية التعبير التي منها حرية التصويت، وقدر تعلق الأمر بتأخير التعديل المطلوب للدستور، يذكرنا هذا بعملية الإصلاح القانوني التي أرادها صدام حسين عام 1976، حيث بذلت كل الجهود لتعديل جملة من القوانين آنذاك، القانون ( المدني، الجنائي، التجاري، .... ) وتم ترك " الدستور" المؤقت دون تعديل أو إلغاء وصياغة دستور جديد ليكون دستور دائم، حيث بقيت صلاحيات السلطة كما هي ، وجرى إقرار مفهوم خطير ومنافي لاسس القانون الدستوري وعموم فقه القانون بشان الدولة، وهوجعل السلطة واحدة لها وظائف ثلاث ( تشريعية – تنفيذية – قضائية )، وليس سلطات ثلاث، كل سلطة مستقلة عن الأخرى.
وللعلم، سيبقى أجمل وأفضل تعديل للدستور محكوم بنص الفقرة (رابعاً)، من المادة المذكورة أعلاه، التي صيغتها تعطينا صورة ساطعة عن الشرنقة، فالتعديل ينبغي أن يعبر حاجز ثلثي أعضاء مجلس النواب، المجلس الذي لم يعقد جلسة واحدة بكامل أعضاءه، حتى جلسة أداء اليمن الدستورية لم يحضرها جميع الأعضاء.
فإذا تجاوزنا كل ما تقدم، فكيف نتعامل مع اليمين الدستوري الذي يؤديه النواب الوارد في المادة (50) من الدستور النافذ ؟؟؟ وهو ( اُقسم بالله العلي العظيم، أن اؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية، بتفانٍ واخلاص، وان احافظ على استقلال العراق وسيادته، وارعى مصالح شعبه، وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وان أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة، واستقلال القضاء، والتزم بتطبيق التشريعات بامانةٍ وحياد، والله على ما اقول شهيد ).
هل يتذكره النائب ؟؟؟ وهل يلتزم به ؟؟؟ فإذا كان الجواب نعم وهذا ما نأمله، نتسائل، أين يسهر النائب على سلامة أرض الوطن وسمائه ومياهه ...؟؟؟ وكيف يجسد إلتزامه بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد ؟؟؟ نحن نعلم بأننا سوف لن نحصل على جواب !!!
لقد اصبح عدم الحضور للجلسات عرف نيابي عراقي بإمتياز، إلى درجة تأجيل اكثر من جلسة بسبب عدم إكتمال النصاب، وأليس مثل هذه المواقف تعتبر مصاب حقيقي يضاف إلى المصائب التي تقع على رؤوس المواطنين في كل ساعة ولا نقول كل يوم !!!
وفي ذات الوقت لم نشهد طيلة الدورات التشريعية لمجلس النواب وجلساته المتعددة أي موقف جدي يعالج هذه الحالة التي لا تنسجم مع طبيعة أوضاع البلاد والجهود التي تتطلبها تلك الأوضاع غير الخافية على القاصي والداني، فالبلاد تحتاج عمل ليل نهار وليس لبضعة ساعات بالشهر الواحد، عمل تتجلى من خلاله روح التضحية والإيثار لا روح التكسب وتجنب الأضرار، يتناسب مع حجم تضحيات الشعب ونزف الدماء، وحجم ثروات البلاد وأموال الموازنات، وحجم الزمن بقياس السنوات.

10/ 4/ 2015
ملاحظة : لنا مقال كتب بتاريخ 19 / 9 / 2007
بعنوان : ( نصاب أم مصاب )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |