الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية -وجع- الجزء الثالث

سيف كريبي

2015 / 4 / 21
الادب والفن


بدأت إرتعاشة طفيفة تتملك جسدها المنتهك على الأريكة ..
إنتفضت معتدلا لعل مكروها أصابها كي أسارع إليها إلا أنها كانت بوادر إستيقاظ ملكة عريني.. إستيقظت ونظرت بعين حزينة إلى نافذتي فوجدتني مراقبا حارسا قد نال منه التعب بعينان محمرتان بالسهر ووجه شاحب إرتسم عليه عناء ليلة طويلة من العذاب .. ظللنا نتبادل النظرات وكأن العيون تتخاطب في إنسجام .. عيناها تتوسلان الرحمة وعدم كشف سترها وعيناي تجيبان باكية كيف لي أن أكشف ستري وعرضي آه لو تعلمي أنك من أمتلكت الوجدان والكيان فتجيب بكلمات متقطعة .. كيف .. كيف وأنا العاهرة التي نهشت بكارتي نهشا .. كيف .. كيف وقد فقدت شرفي على طاولة مجون وأمام ناظريك رأيت عهري وفجوري .. صرخت عيناي صرخة مزقت أوصالي لست عاهرة بل عاهر من إغتصبك .. لست فاجرة بل الفجور هو أنيابهم الحيوانية التي زرعت في جسدك الطاهر .. أنا لم أرى أمامي عاهرة بل رأيت ملاك طاهر عابرا لسبيل هذه الدنيا سلام على عهر أزقتهم والبقاء لنقائك سيدتي .. فإذ بشفتيها تبتسمان إبتسامة تراقص فيها الحزن بالفرح وإقتربت من النافذة وقالت لي .. أهلا سيدي ما بك وجه شاحب وعينان بالكاد مفتوحتان .. فجاوبت بجرأة لم أعهدها في شخصي لا تقلقي سيدتي كان لي غزال جريح خلد للنوم فجلست ليلي أحرسه حتى إستيقظ وتداركت .. نهارك سعيد .. فإبتسمت في خجل .. نهارك سعيد يا حارس الغزال .. إلى اللقاء ..
فتداركتها قبل أن تقفل النافذة هل يمكن أن أزور الغزال لأطمئن على جراحه .. فأجابت الغزال وسط ربوعك زره متى شئت .. وأقفلت النافذة
ذهبت في خطوات متسارعة غيرت ملابسي ونزلت درج العمارة متلهفا للقائها حتى بلغت عتبة الباب الخشبي العتيق تلاقفت أنفاسي وطرقت الباب وإنتظرت ورأيت تلك الجميلة تقول لي تفضل يا حارس الغزال وتعتلي فاها إبتسامة رقيقة
دخلت البيت أبحث في شغف عن تلك الأريكة التي صارت محراب أشواقي .. بلغت الغرفة .. جلست وجلست أمامي قائلة عذرا سيدي لم أحضر لك لا شاي ولا قهوة إنتظرني وهمت بالقيام .. فقاطعتها قائلا لا داعي لذلك إجلسي وإرتاحي لقد إرتويت بلقائك "قلت ذلك وقد إعتلتني حرارة تكاد تذيب عقلي من الخجل والحياة مستغربا الجرءة التي تملكتني"
فعادت وإعتدلت في جلستها قائلة ها قد إرتويت يا سيدي فما تحمله جعبتك من كلام فاض من بين رموش عينيك .. فقلت وأنا بالكاد أبتلع ريقي جلست ليلي أترقبك كي لا يصيبك مكروه أعذريني على تطفلي ولكن شدة قلقي عليك جعلتني أراقبك سيدتي فهل أنت بأحسن حال اليوم؟
فأجابت لا داعي للإعتذار فأنا يجب أن أشكرك أنك أتيت متلهفا لمساعدتي وأعتذر إن إعتبرتك مثلهم ولكن حالي لا يختلف عن البارحة أنا فقط مستاءة لقلة حيلتي فأنا وحيدة في هذه الدنيا وليس لي سند وطلبي الوحيد منك أن تكون لي سترا فلا تشهر بعاري يا سيدي ..
فقلت وقد بانت علي ملامح الغضب لا تقول عار مرة أخرى أنت بالنسبة لي أطهر نساء الأرض ..
فأبتسمت في حياء وقالت شكرا سيدي ..
شعرت لوهلة أني قد أطلت المكوث لديها مما قد يسبب لها بعض المتاعب مع الجيران ونحن مجتمع شرقي لا يرحم فطلبت المغادرة .. ودعتها على أمل اللقاء مرة أخرى وغادرت البيت وأنا تغمرني سعادة لا مثيل لها اليوم كان لقائي بقاتلتي اليوم كنت أتلاقف أنفاس سجاني وأرى كل تفاصيله ..
اليوم لا جدار بيننا ولا أسوار اليوم اليوم لامست ينابيع الحنان المنهمرة من قلبها
اليوم يمحى كل الألم والشوق وتكتب حروف السعادة على دفتر الحياة ..اليوم يومي ويومها إما سنين بين حدود ربوعها وإما ممات .. اليوم تزهر أشجار الأرز في ربيع قلوبنا
ويهب نسيم الجبال العليل على صحراء وحدتي ليجعلها واحة تفوح بريحها
أصبحت الأيام تمر مسرعة ويتسارع معها نبض القلب تجاه سجانتي .. وكل مغيب شمس يحمل معه أحلى ليالي السهر على نافذة العشاق ولكن ملكة عريني لم تجهر بحبها ولايزل سجين ضلوعها هذا إن وجد أساسا.. صحيح أننا صرنا أقرب ولكن القلب أخذه الطمع فلم يكتفي بالقرب لسد رمقه من عطش السنين بل صار يريد الخلود في سبات أبدي بين ربوع قلبها .. لا زال حاجز المجتمع الشرقي وخوفها ونفورها من الرجل يتملكها ولكن لا لوم عليها لبؤة جريحة وأنا لم أصارحها بحبي لها .. وقد عجزت عن تبليغ ما يختلج القلب ويذيب شرايينه .. صار قلبي يتخبط ويكاد يخترق ضلوعي ليخرج من قفصه صارخا أحبك يا من إمتلكت الشريان والوريد أحبك يا من نضبت فيك كل حروف العاشقين ولم يزل في جعبتي المزيد .. لم أعد قادرا على لجم وجداني فقد هام القلب وانهمر فيك الكيان ..
لست صبورا على مصارحتها فلا سمك يترعرع خارج ينابيع المياه وكم عاشقا في غياهيب الصبر تاه .. قررت أن أجمع كل حروفي وكل مستحقاتي من حبر العاشقين لأقرر لقاء إما أعبر فيه جسر حبها أو أحمل كلماتي وأحرفي وأحرق كل قصائدي وأغادر الزقاق .. لقاء .. إما خلود وإما فراق
كان حينها الظلام حالك وهي لم تفتح النافذة بعد وكنت أتردد ذهابا وإيابا مرتبكا متى يحل طيفها على سراب وحدتي كيف نتفق متى اللقاء .. ذهني صار عاجزا ن التفكير وإرتعاشة مريبة تنتابني تأخذني إلى المجهول أين يقطن اللا مصير .. وإذ بنافذتها تفتح وهي تبتسم إبتسامة عريضة مبادرة بالسؤال .. أيرتبك الحارس لهذه الدرجة عذرا فالغزال كان يراقب عبر النافذة مرتابا من إرتباك لم يعهده في حارسه منذ أول لقاء فما السبب ؟
تاهت مني كل الكلمات وتسمرت في مكاني بنظرة لم تفارق عيناها .. فكررت السؤال .. فقلت يا سيدتي الفاتنة أريد لقائك غدا في المساء في منزلك لقد قارب الكأس على الفيضان ولم أمتلك من الصبر إلا قليلا .. إرتسم على وجهها سماة التعجب وقالت بصوت بالكاد سمعته ستجدني في البيت أنتظر قدومك وأتمنى أن يكون الخبر الذي ستزفه لي خبرا سارا فلم يعد جسدي ولا عقلي قادرين على مجابهة الصدمات أكثر أرجوك .. فقلت وقلبي ضاق بي ذرعا سأتركك الليلة وغدا لنا لقاء .. صمتت قليلا وإستدركت قائلة .. آمل أن يكون خيرا .. فقاطعتها مرتبكا لا شيء غير الخير أترككي بين أحضان القمر الغائب الحاضر يجب أن أخلد للنوم الآن .. وأقفلت النافذة وإتجهت إلى فراشي أين إستلقيت هائما أعد الساعات التي أصبحت تراقص السنين طولا أنتظر يوما جديدا أجهل مايحمل في طياته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل