الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيخ العرب همام: شخصية من مصر

محفوظ أبوكيلة

2015 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


همام يوسف أحمد محمد همام (7- 1907- ديسمبر1769)، ولد وعاش في فرشوط بمحافظة قنا حاليا. وهو الإبن البكر للشيخ يوسف زعيم قبائل الهوارة، له ثلاث أولاد درويش وشاهين وعبد الكريم. اختلف المؤرخون على الموطن الأصلى لقبائل هوارة فمنهم من أرجعة إلى الأمازيغ الذين قدموا مع الفاطميين، ومنهم من يرجعة إلى الجزيرة العربية. والثابت إنها عندما جاءت إلى مصر استقرت أولا في البحيرة، وعندما تمردت في عهد السلطان برقوق الذى تولى السلطنة ما بين (1382- 1399) كسر شوكتها ونفاها إلى الصعيد، فاستقرت هناك وتمتعت على مرور الأيام بقدر كبير من الثروة والنفوذ، وسيطر شيوخها على مقاليد الأمور فى فرشوط بسبب تمكنها من الإستمرار فى تولى إلتزام الأراضى لفترات طويلة " الألتزام نظام إبتدعه المماليك يقضى بطرح الضرائب المربوطة سنويا على كافة الإنشطة فى مزاد سنوى يرسى على من يطرح أعلى مبلغ يتولى تحصيله من القائمين على النشاط ويلتزم بتوريدة فى مواعيد محددة ، ويسمى بالملتزم". وبعد تولى الشيخ همام رئاسة هوارة ، مضى قدما في توسيع إلتزاماتها وبسط سلطانه على مديرية جرجا التى كانت تمتد آنذاك من المنيا إلى اسوان متخذا فرشوط عاصمة لها.
وقد كان البدو الهوارة كمثل القبائل العربية التى وفدت إلى مصروأستقرت بها قد احترفت قطع الطرق والعدوان على حقول وأجران ومواشى الفلاحين، إلا أن قادة الهوارة من الهمامية الذين إحترفوا ولاية إلتزام الأراضى، إحتاجوا إلى إستتباب الأمن والمزيد من الأيدى العاملة فعملوا على تحويل أبناء قبائلهم إلى فلاحين ودمجهم فى حياة الريف المصرى، والتخلق بأخلاق أهله وعاداتهم. مما أدى إلى نجاح الشيخ همام فى تحقيق مساعيه، فلا تحل سنة 1767 حتى تصبح كافة أقاليم الصعيد، من المنيا إلى أسوان، تحت سيطرته وشكل قوة عسكرية من بعض الهوارة والمماليك الفارين، المنهزمين فى معارك الصراع على السلطة بالقاهرة فـ "كان عنده من الأجناد والقواسة عدة وافرة أكثرهم من بقايا المماليك الذين إنضموا لقواته وإنتسبوا إليه، وتزاوجوا وتوالدوا وتخلقوا بأخلاق أهالى البلاد ولغاتهم".
ومضى قدما فى تأسيس كيان سياسى أشبه بدولة. فأنشأ الدواوين لإدارة شئون الأراضى الواقعة فى إلتزامه ولرعاية أحوال العاملين فيها، وأنشأ المجالس التى كانت تعقد فى العديد من المدن والمناطق للتشاور وإستطلاع أراء الناس وكان يحق للجميع حضورها، وكان يستمع إلى شكاوى الأهالى ويحل مشاكلهم ويحقق فى مظلومياتهم... يستوى فى ذلك الجميع، الغنى منهم والفقير، لا يستنكف من محادثة وإنصاف أقلهم شأنا. مقيما للعدل محققا للأمان الذى كان يفتقده الفلاحين فى الوادى والدلتا بسبب إغارة العربان على قراهم لسرقة المحاصيل والمواشى. أو بتسلط المماليك وفرض المغارم والإتاوات عليهم، وإطلاق الخيول لتتغذى على زراعتهم. وكم من أراضى زراعية كانت تدمر بسبب تحولها إلى ميادين معارك وأماكن تخييم لفرق المماليك المتحاربة. وبالإضافة إلى هذه النظم والإجراءات - الشبيهة بالنطم السياسية فى الدو الحديثة - التى وضعها ونفذها الشيخ همام، كان يولى عناية فائقة فى تطوير وصيانة الترع والجسوروالخلجان، وتوفير التقاوى والمواشى للفلاحين. كما إهتم بتمهيد وتأمين طرق التجارة وقوافل الحج الأفريقية سواء الذاهبة إلى القاهرة والسويس، أو المتجهة إلى ميناء القصير الذى إنتعش فى عهده. مما أدى إلى ازدهار الزراعة والتجارة والخدمات وتحقيق الرخاء للأهالى.
فى هذه الأثناء كانت القاهرة تشهد صراعا عنيفا على السلطة بين أمراء المماليك، ، إلى أن تولى على بك "المشهور بعلى بك الكبير" شياخة البلد عام1760. ومضى بعدها فى تثبيت مركزه بالتخلص من منافيسه من كبار المماليك من أمثال عبد الرحمن كتخدا وحسين بك كشكش وصالح بك شاهين. وأخذ فى تعزيز قوته العسكرية حتى بلغ عدد مقاتليه ستة آلاف مملوك. ومضى فى تكوين التحالفات ونسج المؤامرات للقضاء على كافة القوى المنافسه له. ويلتقى على بك بمن تبقى من كبار المماليك الذين ينازعونه سلطانه فى معركة حاسمة دارت رحالها شمال بنى سويف فى سنة 1767 ، ليدخل القاهرة وقد ثبتت أقدامه فى إمارة مصر ورياستها. وملك الديارالمصرية وما يتبعها من الأقطار الحجازية، والبلاد الشامية.
وكان الصدام بين الرجلين محتوما، فحشد له على بك الكبير ثلاثة جيوش وأرسلهم إلى الصعيد، أسفرت المعارك التى خاضوها أينما حلوا مع الموالين لشيخ العرب همام، كان آخرها الإنتصار الساحق لجيوش على بك الكبير بأسيوط . وبعد أن أقامو بها أياما ارتحلوا إلى قبلى بقصد محاربة همام والهوارة. وإجتمع كبار الهوارة مع من إنضم إليهم من الامراء المنهزمين، لكن على بك الكبير تمكن من إغواء اسماعيل أبو عبد الله ابن عم همام وقائد جيشه، وإستماله ومناه برياسة البلاد. حتى ركن إسماعيل إلى قوله وتقاعس وتثبط عن القتال وخذل طوائفه، ومنيت هوارة وحلفائها بهزيمة منكرة. ولما بلغ شيخ العرب همام ما حدث ورأى فشل القوم خرج من فرشوط وتركها بما فيها من الخيرات وذهب الـى جهـة اسنـا فمات في 7 ديسمبر 1769، ودفن في بلدة تسمى قمولة، مكمودا مقهورا. ووصلت قوات المماليك فرشوط فلم يجدوا مانعا فملكوها ونهبوها واخذوا جميع ما كان بدوائر همام وأقاربه وأتباعه من ذخائر وأموال. وقد رثاه الجبرتى بقوله "الجناب الأجل والكهف الأظل، الجليل المعظم والملاذ المفخم الأصيل، ملجأ الفقراء ومحط الرجال الفضلاء والكبراء. شيخ العرب الأمير شرف الدولة همام بن يوسف بن احمد بن محمد بن همام إبن أبو صبيح سيبة ... عظيم بلاد الصعيد ومن كل خيره يعم القريب والبعيد" ذكرى شيخ العرب همام بقيت وحفظتها ذاكرة أهل الصعيد وبثوها في كلمات مواويل حزينة يغنونها كلما هيجت مرارة الواقع شوقهم الي عدل همام ورخاء أيامه ويبدأ أحد الموايل مناشدا إياه:
قوم ياهمام وإسعى وروح سنار
وإزرع وقوت عيالك.
فرشوط قادت عليك نار
والبيه عدى وجالك.
هياك ياباب هياك
بس ضبتك غيروها.
تسعين أوضة وشباك
فى تلا ليك كسروها.
.....................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف سيؤثر تقدم اليمين الشعبوي في الانتخابات الأوروبية على مس


.. يوسف زيدان يتحدى علماء الأزهر ويرفض تجديد الخطاب الديني | #ا




.. جهود أميركية مستمرة لإبرام هدنة في غزة على وقع عمليات إسرائي


.. اندلاع حريق شمال هضبة الجولان إثر عبور طائرتين مسيرتين من جه




.. نتنياهو أسير اليمين…وأميركا تحضّر للسيناريو الأسوء! | #التاس