الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهيد الذي صار طائر النار

عبد الصمد السويلم

2015 / 4 / 21
الادب والفن


صرخ علي إبراهيم فينا قائلا: الشفل المفخخ جاء. وبسرعة تناولنا اسلحتنا واطلقنا النار على مجموعة من الدواعش مكونة من اربع اليات مصفحة ودراجتين بخاريتين تتقدم نحو نقطتنا ونحن نطلق النار عليها من اسلحتنا الخفيفة والمتوسطة دون جدوى. اتصلت بالنقطة الثانية وابلغتهم الموقف وطلبت منهم الدعم والمشاغلة ودون جدوى أيضا لم يقف التقدم اتصلت بالمقر وابلغتهم بدعم جدوى معالجة الشفل المصفح من قبل قذائف ار بي جي 7 والهاون فاتصل بي بعد فترة وطلبوا منا الانسحاب من النقطة وفعلا اثناء انسحابنا واكتشاف العدو للانسحاب تحول الى النقطة الأخرى. كان علي إبراهيم قريبا مني، لاحظت لأول مرة علامات القلق عليه ورايت في و جهه الغضب كله . ولقد جذبني الى علي إبراهيم ليس بطولته وشجاعته وطيبة قلبه بل امر اخر مبهم وهو ضياعه في تامله الصامت في البعيد وحزته المفاجئ الذي يتحكم في كل حركاته وسكناته حتى اصبح في الأيام الاخيره طبعا له . سالت علي إبراهيم عند اقتراب الشفل (( ها علي اشبيك ما شفتك كبل اتخاف))
فاجابني :.(( ليس خوفا لكن لا اريد لهذه الخنازير المتوحشة ان تنتصر)) .علي إبراهيم لايتمتع بمظهر يثير الاعجاب والاهتمام ، انه شاب بسيط الا لمعان بريق عينه يكشف عن عاطفة وذكاء وشجاعة مفرطة، وحتى هذه اللحظة كان علي إبراهيم يراقب وكانه يبحث في عن حل للقضاء على الشفل المفخخ . حاولنا في نقاط 3 مشاغلة العدو واعاقة الرتل لدفع الشفل والرتل للانتقال من نقطة لاخرى بين انسحاب واشتباك لكسب الوقت . كان للعشاء الأخير الذي جمعني به طعم خاص ؛ أجاب اثنائه كل تساؤلاتي.
- ولك علاوي شنو سالفة بس لا تحب .
أومـأ لي براسه ، أغمض عينيه ، إبتسم ،حرك رأسه للأسفل .
-هلو عيني ها خوية وضحكنا .
- يالله من ننزل نخاطبها الك انت بس كول والله دز اكومه لاهلنا بكيفهم ما ينطوها.
قبل ليلة رايته حزينا سالته ما به فقال لي :.
انه الحنين ، انه الإحساس بانه غريب وهو شيء لانعرفه نحن عنه لا نعرف معنى ان تكـون غريبـا في وطنك، سالني كيف يمكن لنا ان نصنع ميزان لقياس الوطنية؟ سالني ما هو الوطن؟ أي جهة تملك العراق؟ تحدث عن لهفة امه في انتظاره عن صراعها مع تنور الطين واحتراق يدها لتقدم له خبرا مطعما بالحب، تكلم طويلا عن نخلة بيته وسدرة طالما صعد عليها وتعارك مع أولاد الجيران الذين يقصونها حسب قوله بالحجارة كي تسقط ثمار النبق والتمر، تحدث عن سفره وهروبه الى الخارج زمن صدام وزمن الاحتلال . عن تحول الوطن الى أوراق جواز سفر مزورة ، تكلم طويلا عن الوطن اللوعة والوطن الحبيبة والوطن الأرض الغريبة والوطن الاسم والهوية. حينها ضم رأسه في راحتيه واخفى وجهه ،ثم أسند ذراعيه على صابونتي رجليه ، وخفض راسه ليخفيها بين قدميه حين إنحنى قليلا إلى الأمـام ، حتى تصورت انه سيسقط فذعرت لما أصابه كانـت أنفاسـه سريعـة ، أجهـش بالبـكاء عويلا متقطعا، وسرعان ما تمالك نفسه ، إقتـربت منـه فـي حيـرة مما يجري سالته ماذا اصابك ؟ و حين ضممت رأسه الي ،بدأ يهدأ عائدا من حزنه وصمته الثقيل ، الغامض وكأنـه صمت عصور و دهور، حتى خرج من حزنه قائلا :ــ والله لقد رايت شمرا في الشفل المفخخ ورايت عابسا يصرخ : والله لا امكنهم من أبا عبد الله . وسرعان ما ذهلت حين رايته يقفز ليحمل عجينة TNT وباقي معدات التفجير بسرعة النسر المنقض على فريسته وهو يصرخ مهرولا الى العدو الزاحف كالذئاب الوحشية هيهات منا الذلة والتفت بسرعة الينا وهو يقول غطوني وفعلا قمنا بتغطية تقدمه ناريا ورايناه يقفز متعرجا كالفهد متنقلا بسرعة تارة وزاحفا تارة أخرى حتى وصل الى الشفل فالصق العجينة المتفجرة فيها واشعل الفتيل وكان اخر ما سمعناه منه السلام عليكم يا أبا عبدالله واخر ما رايت علي إبراهيم هو طائر من نار يحلق عاليا في سماء العراق. ووجدتني اصرخ :. لبيك ياحسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل


.. كلمة أخيرة - شركة معروفة طلبت مني ماتجوزش.. ياسمين علي تكشف




.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب