الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام والديمقراطية.. الخطاب القرآني والانفصال السياسي

عزة رجب
شاعرة وقاصّة ورائية

(Azza Ragab Samhod)

2015 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


د. عزة رجب: الإسلام والديمقراطية.. الخطاب القرآني والانفصال السياسي


المواطن العربي يملك أن يدير الدولة بفكر مبني على إسلامه الصحيح أفضل من إدارة الدولة له بتوجهها الاقطاعي القائم على ترسبات فكر الملكية أو الجمهورية، وهذا بديهي جداً لمواطن يملك أفكاره الصحية التي تعكس توجهاته الفكرية بوضوح شديد ومن هذه الأفكار:
- أنَّ الإسلام أطاح بنظام الإقطاع الجاهلي القائم على استعباد الناس واسترقاقهم وامتلاك أجسادهم وعقولهم واستحقار المرأة وممارسة العنصرية النابعة العرق واللون والقبيلة والجنس، وحيث كانت إدارة المجتمع الجاهلي عبارة عن رأسمالية تدير المجتمع بفكر إقطاعي.
- أنه يدرك حدود الدين التي شرعها القرآن الكريم، وهذا يؤهله لإدارة ذاته بناء على توجهات إسلامه، في ظل نصوص قرآنية قد تُجرمه أو تدعو لمحاسبته أمام أعراف مجتمع المسلمين الذين يعيش معهم.
-أنَّ فطرته التي جُبل عليها (وهى الإسلام) تقوده لئلا يستسيغ من الهرم السلطوي ــ صاحب التوجهات الليبرالية أو العلمانية أو الجمهورية (متعددة الأشكال وأدوات الحكم) أو الملكية القائمة على الاقطاعية ـــ بأن تُوجه له حياته بحجة التمدن والعولمة الثقافية والحضارة فهو يملك مفاتيح إدارة الدولة وصناعتها كحضارة، قبل تواجد كل تلك الأدوات بعقود طويلة.
- إنها جعلتْ منه مواطناً منفصلاً عن واقعه تماماً، وهذا الانفصال أدخله في إمباتية الهرم السلطوي منذ أن بدأت الإدارة العربية تتوجه لحكم الاقطاع وتوطِّن لوجود الملكيات ومن ثم الجمهوريات بأدواتهما المختلفة تماما عن طريقة الإسلام.
لهذا نحن نعتبر المواطن العربي في حالة تمرد دائم على الأنظمة بسبب:
- لا يحتاج بالدرجة الأولى إلى تصريفات أو مصطلحات يتم استيرادها له وقولبتها عليه كي يُصدِّر الفوضى لحياته بتلقي الخطاب منها، فهو يرى نفسه مؤهلاً نفسيا و إنسانياً وفكريا كي يمارس إسلاماً صحيحا بناء على الخلفية الفكرية التي حملها القرآن الكريم.
- أنه إلى حدٍ ما، لا يعيش مثل المواطن الأوروبي الفاقد للقانون التشريعي الديني كالذي يُلزمه الإسلام في نصوص القرآن الكريم، إذ أن العقائد التي تؤمن بها الشرائع الأوروبية لا تعدو كونها اصحاحات أو أناجيل لا تنظر لحياة الناس في أوروبا ولا تعتبر مصدراً تشريعيا بل توثق علاقتهم بالرب بناء على نصوص تمَ تحريفها أو توجيهها وقامت على فكرة الوضعية من القساوسة والرهبان والكنائس، ثم كثرت حولها الملل حتى صار لكل جماعة منهم ملة، ما يختلف بينها هو القائم على التسمية من إنجيل لوقا إل يوحنا إلى متى..إلخ وهي بهذا لا تُوحد لغة الخطاب الديني ولا لغة المنهج الحياتي القائمة عليه ولا تنظم حياة الناس وعلاقاتهم ببعض.
- أنه يعرف تماماً أن السلطة السياسية للدولة جعلت من المواطن العربي حالة فصامية تزدوج على نفسها بناء على مصادرتها لسلطة الدين نفسها، لأنها سلطة سيست الدين، وقامت بتوجيه فتاويها بناء على أيدولوجيات ترسخ لحكم الإقطاع أو الأحزاب، وعليه فإن فكرة الدولة المُسيسة بتلك التوجهات يمكنها أن تختار إسلاماً يليق على مقاس سياستها، فقد تتجاهل الكثير من الحدود، وقد تسمح بالكثير من الممارسات غير متوافقة مع روح الإسلام، وبالتالي تجعل المواطن العربي في حالة إرباك فكري مبنية على الاضطرارية في التعامل.
فمثلاً بين جواز التشريع الإسلامي، ووجوبه، يقع فكر السلطة السياسية، إذ بين الحاجة المُلحة للحياة الكريمة يجد المواطن العربي نفسه مضطرا لارتكاب مخالفات ضد الخطاب القرآني والاسلامي بسبب توجه السلطة السياسية و إدارتها، ومن هذا على سبيل المثال لا الحصر، طريقة إدارة المصارف القائمة على الربح الربوي هي فكرة أوروبية نابعة من التوجه الفكري للاقتصاد الأوروبي الذي يتنافى مع الاقتصاد الإسلامي القائم على مبدأ عدم القبول بفكرة الربا من أصلها، فهنا تحصل عمليه الفصل بين الخطاب القرآني الذي يثق فيه المواطن العربي كمصدر تشريعي وبين الخطاب السياسي الذي يُسبب للمواطن العربي نوعاً من الأزمة الفكرية حول ثقافة التعاطي مع الهرم السلطوي.
من هنا نحن ندرك أن المواطن العربي يعيش في دولة عربية لها سماتها الآتية:
- الانفصال الفكري بين سلطة الدولة السياسية وسلطة المنهج القرآني القائم على تنظيم حياة المواطن كمسلم.
- الخلط في التوجه الإداري بين إدارة العقل العربي كعقل قام على تنظيم أولويات حياته وفق التشريع القرآني وبين عقل يبحث عن الحضارة القائمة على مبدأ الديمقراطية (هنا يقع الإشكال الثقافي في الفكر العربي).
- التناقض الشديد بين النص القرآني وما يقوم به من توجيه لحياة المواطن العربي وبين التغاضي السياسي للسلطة عن كثير من الأمور المُرتبطة بحياة المواطن بسبب توجهاتها الحزبية أو السياسية فهي لا تنظر كثيرا في اعتبارات الدين و أهمية النظر في مصدر التشريع، بل تحاول توجيه الدين وفق سياستها ولعل في هذا مغالطة كبيرة.
- الدولة العربية نفسها تحولت من دولة كانت لها الصدارة في توجيه ثقافة العالم بناء على قيمها الاسلامية السمحة وعقيدتها الإنسانية إلى دولة تريد أن تستثمر النجاح الغربي في تحقيق الديمقراطية دون النظر في اعتبارات مهمة منها طبيعة الدين وخطابه.
- طبيعة المواطن العربي نفسه الذي يأنف أي توجيه معارض لإسلامه ولايقبل أن يخرج عن أنماط السلوك التي تحددها الحرية الإسلامية مقابل قناعته بتوجهات الحزب أو التيارالسياسي في هرم السلطة.
- الخلط الكبير بين الحاجة للديمقراطية للتخلص من عودة نظام الاقطاع كما حصل في التجربة الأوروبية وبين الحاجة لتحقيق مبدأ الرضا عن إسلام يتفق مع حاجاتنا وتوجهاتنا السياسية بدون إخلال بقيمه المثالية وبدون صدام مع السلطة السياسية.
وباختصار نحن نعاني من عدم القدرة على التفريق بين فكرة الديمقراطية الأوروبية التي قامت ضد سلطة الدين وهيمنته وتوجهت لفصله عن سلطة الدولة والجيش لتحقق نظام الإدارة الناجح في الدولة، وبين الديمقراطية العربية التي ننشدها، كونها تختلف عن تلك تماماً لأن المواطن العربي يعتز بسلطة الدين المربوطة بسيكولوجية لغته العربية والإسلام وبتعاملاته الحياتية في كل شيء، تلك السلطة التي حررته تماماً من نظام العبودية، ومن هيمنة الفرد على الجماعة ومن شعوره بالاسترقاق، ومن ظلم الطبقات، والجهل بقيم العدالة والمساواة، بحيث سمت به وبإنسانه.
هذا يوضح لنا بجلاء أنَّ المواطن العربي أقدر من دولته على إدارة عقله.
هل هذه الاشكاليات خلقتها السلطة السياسية مع الدين وراح المواطن ضحية نتائج تخبطها؟ أم أنها إشكالية واقعة من قبولنا لفكرة الديمقراطية الغربية دون النظر في اعتبارات اختلافنا عنها؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل الكاتبة جادة أم تستهزئ
حمادي البهائي ( 2015 / 4 / 22 - 12:49 )
أنا عندما قرات البداية تصورت ان الكاتبة تسوق المقدمة من باب السخرية و لكن تبين لي انها ببغاء تردد ما لقنوه لها في للابتدائي و في الكتاتيب ، انها تصدق بوجود -الدولة العربية كانت لها الصدارة في توجيه ثقافة العالم بناء على قيمها الاسلامية السمحة وعقيدتها الإنسانية - لاحظ كلمة السمحة و الانسانية - هل يوجد عاقل هذا الكلام يعني الفتوحات و الغزو و سبي النساء هي قيم سمحة ناتجة من عقيدة إنسانية و على هذا القياس داعش ذو عقيدة سمحة و البغدادي يقوم بالعمال إنسانية ، وجود مقال الكاتبة في هذا الموقع يبدو نشازا ، المفروض ان تنشره في مواقع الإخوان المسلمين و موقع اردوغان و غيرهم


2 - ببغاء اخرى
الطيب عبد السلام ( 2015 / 4 / 23 - 02:51 )
سبقني الزميل حامد البهائي باقتباسه الذي كنت اود التعليق عليه الدولة العربية نفسها تحولت من دولة كانت لها الصدارة في توجيه ثقافة العالم بناء على قيمها الاسلامية السمحة وعقيدتها الإنسانية إلى دولة تريد أن تستثمر النجاح الغربي في تحقيق الديمقراطية دون النظر في اعتبارات مهمة منها طبيعة الدين وخطابه-

و قد اسمعت اذ ناديت حياً و لكن لا حياة لمن تنادي


3 - ننتظر رد الكاتبة على اسئلتنا
صباح ابراهيم ( 2015 / 4 / 23 - 18:40 )
هل يمكن لكاتبة المقال ان تذكر لنا في حقل التعليقات عن نوع الثقافة العربية المعتمدة على القيم الاسلامية السمحاء التي نقلت الى الغرب وكانت سببا في تقدم العلوم والاختراعات والاكتشافات التي يفترض ان يتقدم بها اصحابها العرب والمسلمون على غيرهم في العالم الغربي لكونهم رواد التراث الثقافي والديني الاسلامي . ولماذا بقى العرب والمسلمون في مؤخرة دول العالم في العلوم والاختراعات والاكتشافات ، وحصلوا على الدرجات الاولى في الامية والفقر والجهل والمعالجة ببول البعير والرقية الشرعية والايمان بالسحر وغيره من الخرافات ؟
لماذا الفتن والحروب والاقتتال بين المسلمين انفسهم في الدول الاسلامية مثل العراق وسوريا وليبيا ومصر وافغانستان وباكستان واليمن والصومال واختصارا بين السنة والشيعة ؟
ننتظر اجابة الكاتبة من وحي القيم الاسلامية السمحاء .

اخر الافلام

.. حادث مفاجئ جعله رئيساً مؤقتاً لإيران.. من هو محمد مخبر؟ | ال


.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني في تبريز| الأخبار




.. نتانياهو -يرفض باشمئزاز- طلب مدعي الجنائية الدولية إصدار مذك


.. مقتل الرئيس الإيراني: هل تتغيّر علاقات طهران بدول الخليج وال




.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس -إبادة جماعية- نحن نرفض ذلك