الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعرف نفسك تعرف عدوّك

محمد أحمد الزعبي

2015 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


إعرف نفسك تعرف عدوّك !
د. محمد أحمد الزعبي
19.04.2015
نحتت ( بضم النون ) منذ آلاف السنين في معبد دلفي اليوناني الشهير ، ثلاث نصائح للإنسان ، كانت نصيحة " إعرف نفسك " من بينها ، بل وأهمها . ويخيل إلي هنا ، لو أن من أطلق هذه النصيحة ، وأظنه " سقراط الحكيم " يعيش بيننا اليوم في سوريا ، ويرى بأم عينيه وبأم قلبه ما يفعله بشار الأسد وشبيحته في سورية منذ عام 2011 ، بل ما فعله في حلب الشهباء هذا الصباح بالذات ( صباح الأحد 19.04.2015 ) ، لأضاف إلى مقولته "إعرف نفسك " ممقولة أخرى هي " إعرف عدوّك " . هذا مع العلم أن مقولة إعرف عدوك ، تنطوي بحد ذاتها على مقولة إعرف نفسك ، ذلك أن من لايعرف نفسه لايمكن أن يعرف عدوّه .
لقد كان فنجان قهوة / الحليب الذي قدمه بشار الأسد ، لأطفال وأسر حلب هذا الصباح ، هو زخّات من البراميل المتفجرة التي قدمت (بضم القاف) موادها الأولية له من " المجتمع الدولي" ! ، وبالذات من " أصدقاء الشعب السوري " !! ، وذلك من أجل تقديمها كقهوة صباحية لأهلنا في سورية ، بما هم إرهابيون (!!) يستحقون مثل هذه القهوة الصباحية . إن تعبير " إرهابيون " هنا ، إنما هو واقع الحال الإسم الحركي لكل الذين يعارضون " الديكتاتورية " ويطالبون بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في العالم عامة ،وفي الوطن العربي خاصة ، وفي سورية بصورة أخص.

إن ما نرغب أن نشير إليه هنا ، وفي هذا الصباح من صباحات ثورة آذار السورية ، التي دخلت هذه الأيام عامها الخامس ، ودخلت معه أعداد الشهداء والمصابين إلى ما يتجاوز النصف مليون إنسان ، ناهيك عن ملايين النازحين والمهجرين والمشردين والغرقى والمعتقلين والمفقودين الذين تجاوزعددهم العشرة ملايين مواطن سوري، باعتراف منظمات الأمم المتحدة المعنية نفسها ،هو بصورة أساسية مايلي :
1. إن مسؤولية هذه الأرقام الفلكية من الضحايا من الشعب السوري ، إنما تقع أولاً على عاتق نظام عائلة الأسد ، وثانياً على عاتق كل الداعمين لهذا النظام من كل الملل والنحل ، ومن ضمنهم عرّابو الديموقراطية المشروطة ، التي تمثل بنظرنا نوعا من الديكتاتورية المقنّعة ، بل وتمثل تطبيقيّاً ،التأييد المباشر و/أوغيرالمباشرلنظام بشار الأسد الديكتاتوري والقاتل، سواء أدري هؤلاء " العرّابون " أم لم يدروا ، وثالثاً على عاتق الدول الكبرى المتطورة ( دول المصنع والمدفع ) التي احتكرت وتحتكر لنفسها حصيلة آلاف السنين من التراكم المعرفي والعلمي الإنساني ، أي التقنية العالية التطور، وتمنع الآخرين (بالقوة) من الوصول إليها ، وتنصب من نفسها بالتالي " الخصم والحكم " ( في كافة القضايا الدولية ) ، وذلك عبر احتكارها من جهة ،لأسلحة الدمار الشامل (السلاح النووي ) ، ومن جهة أخرى لحق الفيتو في مجلس الأمن الدولي
2. إن الخوف من اليقظة الديموقراطية ، التي يشهدها الوطن العربي منذ بضعة سنوات ، والمتمثلة بما بات معروفا بثورات الربيع العربي ، هو السبب الحقيقي ( بالرغم من كل نواقص هذه الثورات ) وراء هذه الثورة المضادّة التي ابتدأها عبد الفتاح السيسي في مصر، والتي منعت وتمنع ( بالقوة ) الجماهير العربية في مصر وليبيا واليمن وسوريا والعراق من تحقيق أهدافها الوطنية والقومية ، المتمثلة بإقامة مجتمعات مدنية ديموقراطية ، لحمتها العدالة والمساواة في المواطنة ، وسداها الدستور والقانون وصندوق الاقتراع . إن الديموقراطية الحقيقية ، هي العدو الحقيقي لكل الذين لايريدون لشعوبنا أن تنهض وتعتمد بالتالي على نفسها في المأكل والمشرب والملبس والدفاع ، أي عملياً تتحررمن التبعية والاستجداء .
3. تعتبر وسائل الإعلام المختلفة ، ولا سيما الفضائيات الناطقة باللغة العربية ، السلاح الأمضى بيد الدول المتطورة وزبائنها في الوطن العربي ، وذلك في إطار عملية غسل أدمغة المواطنين ، وخداعهم وتضليلهم ، بحيث يختلط في وعيهم العدو مع الصديق ، وتشرع سوسة الفرقة والانقسام تنخر في بنيانهم وبنيتهم ، بحيث ينهار هذا البناء فوق رؤوس الجميع ، وتتحدد مهمة الباقين على قيد الحياة بالتوثيق وإحصاء الخسائرفي الأرواح والممتلكات واللطم وتقديم الشكاوي إلى " الأمم المتحدة " حيث سيبدي أمينها العام السيد بان كيمون بالتأكيد قلقه العميق (!!) مما يجري حوله في البر والبحر والجو من الفظائع التي يندى لها جبين الإنسانية والإنسان . إنه قلق يشكرعليه بان كيمون على أية حال ، رغم أن نتائجه على الأرض صفر على الشمال .
4. في إطارأهداف هذه المقالة ، يرغب الكاتب أن يكرر فكرة طالما سمعها منه العديد من الأصدقاء ألا وهي ، أن الجيوش الإنجلو أمريكية الجرارة ، عندما غزت العراق عام 2003 ، إنما جاءت لهدفين اثنين ، أولهما معلن،ألا وهو تخليص العراق من أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها صدام حسين (كانوا يعرفون أنها غير موجودة) ، وثانيهما مضمر، وهو مايمثل الهدف الرئيسي للغزو الأمريكي للعراق ، والمتمثل في إيقاظ فتنة نائمة عفا عليها الزمن ، ألا وهي فتنة ، سني - شيعي من جهة ، وعربي - كردي من جهة ثانية ، وأكثرية وأقلية من جهة ثالثة ،وتهيئة الظروف الداخلية والخارجية،المدنية والعسكرية لجعلها تنتقل من العراق إلى كافة الأقطار العربية الأخرى ، وبالتالي جعلها تستمرلمدة طويلة (عشرات السنين مثلا ) بحيث يؤدي إيقاظها هذا إلى استنزاف طاقات الدول العربية المحيطة أو القريبة من دويلة " الكيان الصهيوني" عبر تقاتلها مع بعضها بعضا ، وبالتالي شل قدراتها المادية والمعنوية ، وإدخالها مرحلة اليأس من استعادة الأرض التي احتلتها " إسرائيل " عام 1967، وبالتالي محاولة استجداء حلول حفظ ماء الوجه من الغرب والشرق بل ومن الكيان الصهيوني نفسه إذا اقتضى الأمر . إن الوعي على هذه الحقيقة الملموسة والمرّة ، إنما يصب في صالح كل من السنة والشيعة والعرب والكرد ، بل وفي صالح كل من الأكثرية والأقلية في الوطن العربي ، على حد سواء ، ويجنبهم بالتالي الوقوع في الأفخاخ التي ينصبها لهم الأعداء ، الذين عادة مايتنكرون بلباس الأصدقاء .
5. إن السكوت المطبق وشبه المطلق ، للتحالف الأمريكي ـ الروسي ـ الإيراني ( غير المعلن )، عن احتلال الحوثيين لمدينة صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية ، في 21 سبتمبر من العام الماضي ( 2014 ) وفرض الإقامة الجبرية على رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء ، وأيضاًعن تفاخرالحوثيين بتبعيتهم الدينية لنظام ولاية الفقيه في إيران والذي يتناقض نظرياً وعملياً مع مذهبي الأغلبية الساحقة من اليمنيين (الزيدي و الشافعي)، إنما يشي بالموقف السلبي لهذا الحلف من ثورات الربيع العربي ، ذات البعد الديموقراطي والإنساني الذي لاتخطئه العين .
6. إن حيلولة التحالف الذي أشرنا إليه في الفقرة السابقة ، دون انتصار ثورة آذار السورية على نظام بشار الأسد ، طيلة السنوات الأربع التي مضت من عمر الثورة ، وذلك من خلال ، توازع الأدوار بين أطراف هذا التحالف ، وأيضاً من خلال مسك الدول الكبرى فيه العصا من منتصفها وإعادة التوازن العسكري بين الثورة والنظام كلما مالت هذه العصا لصالح ثورة آذار السورية ، إنما يشي بدوره بقرارهذه الأطراف الفاعلة عسكرياً ومالياً إطالة أمد القتال في سورية وذلك بهدف استنزاف مقدرات كافة الأطراف ، لأطول مدة ممكنة . ولعل هذا مايلقي الضوء على إعلان أوباما مؤخراً إلى أن الحرب الجوية مع " داعش " يمكن أن تمتد إلى أكثر من ثلاث سنوات (!) .وهو مايعني أن وجود بشار الأسد على رأس السلطة في دمشق ( على الأقل طيلة هذه السنوات الثلاث) يعتبر شرطاً ضرورياً ، لتحقيق ذلك التحالف المشبوه استراتيجيته الرمادية والضبابية في سورية ، من حيث إطالة أمد هذه الفتنة الطائفية ماأمكن ، وتحت ذريعة واهية ومشبوهة، ظاهرها الرحمة (محاربة الإرهاب)وباطنها العذاب (محاربة العروبة والإسلام) .
7. وأرجو أن تسمح لي قيادات وقواعد ثورة آذار السورية ، أن ألفت نظرهم في ختام هذه المقالة ، إلى أنه إذا كانت : أهداف الثورة هي الحرية والكرامة ، ووسيلتها هي الديموقراطية الحقيقية وصندوق الاقتراع النزيه والشفاف ، وخيارها الوطني هو المحبة والتسامح ، فلابد أن يكون أعداء هذه الأهداف والوسائل والخيارات ( في الداخل والخارج ) هم أعداء الثورة ، و بالتالي أعداء الربيع العربي ، وأصدقاؤها هم أصدقاء الثورة ، وبالتالي أصدقاء الربيع العربي . لابد أن يتصالح حاضرنا مع ماضيينا ومستقبلنا ، أيها الإخوة ، كيما نصبح قادرين على التفريق بين أصدقائنا وأعدائنا ، وبالتالي حماية الأهداف والمبادئ والمثل العليا التي من أجلها قمتم وقامت الثورة ،وفي سبيلها قدمت التضحيات ، إن معرفتنا لأنفسنا هي الشرط الضروري لمعرفة أعدائنا ولكي لانصبح " كالمنبتّ ، لاأرضاً قطع ولا ظهراً أبقى" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل