الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر الحضارات فرحة ناقصة

طاهر مسلم البكاء

2015 / 4 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق




الناصرية مدينة هادئة وادعة تغفو على اكتاف الفرات المطرزة بالنخيل والخضرة ، تشتهر بين مدن العراق كونها مدينة الأدب والشعر والفنون لما ولدت من المشاهير الذين تميزوا في الوان الثقافة المختلفة ،ورغم المحن والحروب التي مرت بها فأن الفرات سائر وكأن شيئا ً لم يحدث، يحكي قصة حضارة عمرها الاف السنين ،حيث المدن الآثارية التي تحيطها وتصوغ ،مع سحر وجمال اهوارها ،قلادة نفيسة صنعها الزمن وابدعها عنفوان التاريخ .
عام 1991 دمر العدوان الأمريكي الأطلسي محطة الكهرباء الوحيدة فيها ،والتي بنتها الشركات الروسية عام 1979 في عهد احمد حسن البكر ،ثم عطفت الطائرات الحديثة فدمرت الجسور المقامة على الفرات والتي كانت تربط جانبي المدينة ، كانت الدول المغيرة تكيل حقدا ً أعمى رسم على ارض المدينة وطرزبأمتزاج دماء مئات الشهداء من ابنائها مع ترابها ،فتركوا ذكرى مريرة لايمكن ان ينساها الناصريون لعنجهية القتل وتكبر السلاح الحديث الملعون .
حكاية جسر الحضارات :
رغم ثروات العراق الهائلة فأنه بقي يعاني من آثار تلك الحرب الهمجية وبقيت جسور الناصرية تعاني رغم الأعمار ،فالمدينة بحاجة الى جسور حديثة ،وعندما سمع اهل الناصرية ان جسرا ً سينشأ في قلب مدينتهم بالتعاون مع فرنسا وان شركة فرنسية هي التي ستكون المنفذة ،لم يخفوا فرحتهم بذلك وازدادت امالهم بالمستقبل رغم ما واجهوا من محن .
انشأ العراقييون الجسر الذي جاءت أجزاءه المختلفة من فرنسا ،وكان جميلا ً في شكله وفي توسطه المدينة وفي تخفيفه للزحام السابق على الجسور القديمة فكان المعلم الغربي الوحيد الذي انتصب في المدينة منذ تخريبها في الحروب الأمريكية - الغربية في عام 1990 وفي الكرة الثانية عام 2003 .
الفرحة ناقصة :
اثير الكثير من الكلام حول صفقات انشاءه ، فالبعض وصمه بالفساد والآخر فسرالأمر بسوء التخطيط ،غير ان الأمر لايحتاج الى متخصص ،فالآنسان البسيط يستطيع ان يقول لك ان جسرا ً حديثا ً يتسع لمركبتين ذهاب ومثلهن اياب كان يمكن ان يكون بتصميم افضل بحيث يتجاوز شارع النهر لا أن ينزل قبله وبالتالي يحصل زحام وتصادم كان يمكن تفاديه ،وبدأت تظهر حقائق لايعرفها المواطن العادي وهي ان ثلاث تصاميم وضعت للجسر واننا قد أخذنا هذا التصميم الهزيل الذي يوصم رونق الجسر بهالة من قلة الصنعة وخطأ التصرف ، انه يترك في قلب المواطن حسرة وأي حسرة عندما ترى افواج السيارات وهي تتوقف وتتزاحم امام الجسر في استدارة يجب ان يديرها شرطة المرور !
ومما يزيد الطين بله ان ليس هناك اي اهتمام او احتفاء بالجسر الجديد ،فهو عندما يعبر الى الصوب الثاني فلا يوجد شارع رئيسي مستمر يربط الجسر بالشارع الرئيسي في صوب الشامية بل انك تصطدم بحي سكني انشأ حديثا ً مما يثير المزيد من علامات الأستفهام والغرابة ،وان عليك ان تتجه اما الى اليمين او الشمال سالكا ً شارع النهر القديم الذي احتفظ بحالته المتعبة القديمة ،وكان يمكن اكساءه على الأقل .
ومع ان الشركة المنفذة هي فرنسية ،غير اننا لم نرى كادر اجنبي يسهر على التنفيذ طيلة سنوات الأنشاء ، ولانعتقد ان شركة فرنسية تترك الركاز الأنبوبية التي كانت تسند الجسر ايام الأنشاء وسط النهر ،حيث قطعت اجزائها العليا فقط وتركت مثبته وسط قاع الفرات !
انها صورة من صور العراق اليوم والتي ان تم البحث في المزيد منها سنرى الكثير من العجائب ، ولاغرابة فهو بلد الف ليلة والسندباد وعلي بابا و...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جندي تونسي في هجوم على دورية عسكرية قرب الحدود الليبية


.. فرنسا: لـماذا تـوصف الانـتـخـابـات الـتـشريـعية بالتاريخية؟




.. خسارة لا يمكن تصورها.. عائلة في غزة تروي الكابوس الذي عاشته


.. د. حسن حماد: البعض يعيد إحياء الخلاف القديم بين المعتزلة وال




.. التصعيد في لبنان.. تحذيرات دولية ومساع اقليمية لمحاولة تجنب