الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس الحواس

عبدالله مهتدي

2015 / 4 / 22
الادب والفن





قصة قصيرة
درس الحواس


"أن تعبر الفردوس في الأحلام وتجني وردة، فهذا أمر جميل، لكن الأجمل منه،أن تصحو والوردة في يديك "
لويس بورخيس





سأل المعلم التلاميذ أثناء درس "حاسة الذوق"، عن عدد حواس الجسم.
انهمك التلاميذ في عد حواسهم إلا تلميذا كان كثير العزلة، صموتا،رفع أصبعه عاليا،مسح المعلم بعينين لامعتين الفصل، ثم أشار إليه بالجواب، قال التلميذ :
-عدد حواس الجسم ستة.حاسة الشم، حاسة اللمس،حاسة النظر،حاسة الذوق، حاسة السمع، حاسة الحلم.
مات التلاميذ ضحكا، غرق التلميذ في صمته، كان كمن يحفرفي جسده عميقا، كي يخفي وجنتيه اللتين علاهما الخجل، وأذنيه اللتين احمرتا...
ران الصمت داخل الفصل، أعجب المعلم بجواب التلميذ، حياه واقفا، صفق كثيرا، نادى عليه، أوقفه جنبه يشيد بفصاحته، اغرورقت عيناه دمعا...انفتحت أسارير وجهه، استعاد توازنه المفقود.

قرر أن يكتب إلى من يهمه الأمر رسالة في الموضوع :
"السيدة الوزارة المحترمة،
بعد التحية و التقدير،
لقد استرعى انتباهي،وأنا أتدارس مع فلذات أكبادنا "درس الحواس"،في مقرر هذه السنة،أن الكثير من المعلومات ، لا تفي بالغرض ، مما سيعرض الأجيال الحالية واللاحقة إلى أعطاب تاريخية فادحة، فأي معنى لحاسة الذوق،في غياب التربية على الذوق؟ولماذا حجزنا حاسة اللمس في تفجير شهوات ما تحت البطن وما تفيد حاسة النظر إذا لم نقم بتنمية بعد النظر؟،ولماذا لم نحفز حاسة السمع على الإصغاء لما يقول المطر للشجر،لما يوشوش به الماء لظله،أو لما تهمس به العصفورة لجديلة شمس شاردة؟
ولعمري،فإنها لكارثةعظمى، تجاهل حاسة سادسة اسمها الحلم، ونكران أثرها في شروق شمس الخيال ، وفي رسم الأفق.
فمن المسؤول عن إصابة حاسة الحلم بالعطالة والعطب؟من قتل هذه الحاسة فحكم على عالمنا العربي بالتيه والفقر والخوف والجوع؟من جعل الخراب يعشش في دواخل أطفالنا،فامتطاهم اليباس،وارتداهم اليأس،وشبت العتمة في رؤوسهم؟
من غير حاسة الحلم يمنح للريح شكل طائر،
وللأرض حجم برتقالة،
وللشجر جسد قصيدة تنتصر على الخراب؟
من يعيد تشكيل الزمن حروفا من ماء؟
من يفتح العين والقلب على اللون والضوء؟
من يركض بنا خلف طفولاتنا التي طمرها الوجع ،وأجلاها الصمت؟
من يعبث بنا فوق سرير الأسئلة لنعيد اكتشاف ذواتنا؟
من يحرس ورد هواجسنا المستحيلة؟
من يبني في دواخلنا متاريس العشق،
وأناشيد الشوق إلى وطن يقتطعه الصمت منا؟
من يهزم الخراب الذي تلوح تباشيره في الأفق؟
من؟ ومن؟ ومن...........؟
لهذه الأسباب،ولأخرى دونتها في أبحاثي الكثيرة حول
حاسة الحلم، ولم تجد طريقها الى النشر بفعل الرقابة
الصارمة،أرجو من السيدة الوزارة المحترمة،
أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية ،في إعادة كتابة
" درس الحواس".
ولكم واسع النظر،

والسلام."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه


.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان




.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو


.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف




.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول