الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جامعة بيرزيت من ديكارت وديفيد هيوم إلى سيد قطب وابن تيمية !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2015 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ليست وظيفة الفكر أن يعلن الشر الكامن في الموجودات، بل أن يستشعر الخطر الكامن في كل ما هو مألوف، وأن يجعل من كل ما هو راسخ موضع إشكال --- ميشيل فوكو
-----------------------------------------------------------

فاز الإخوان المسلمون في انتخابات مجلس الطلبة للعام 2015 في جامعة بيرزيت، معقل الحركة الوطنية واليسارية في الوطن المحتل، حيث كانت النتائج على النحور التالي:
حركة فتح 19 مقعد
تحالف الديمقراطية والحزب وفدا مقعد واحد !
الجبهة الشعبية 5 مقاعد
حركة حماس 26 مقعداً
أي أن اتحاد فتح وقوى اليسار معاً لا يشكل الأغلبية المطلوبة لتشكيل المجلس.
---------------------
العنوان الأصلي لهذا المقال كان يتناول النماذج السياسية المتوفرة لدى الشعب الفلسطيني في إمارة غزة وسلطة أوسلو، فجاءت نتائج بيرزيت لكل تعيد حسابات المراقبين لقراءة زلزال حصول الإخوان المسلمون على نتيجة تؤهلهم لتشكيل مجلس الطلبة، في جامعة يفترض أن تدرس الفلسفة كمتطلب جامعي. تلك الفلسفة التي كانت ومازالت أم العلوم الطبيعية والإنسانية.
لقد كنت طالباً في هذه الجمعة في يوم من الأيام، وقد تعلمنا ما قاله أغلب الفلاسفة في الكون والحياة والأديان، فكيف يجتاح فكر سيد قطب التفكيري طلبة بيرزيت ومن أي نافذة دخلوا ؟ مجرد سؤال.
وقبل أن أجيب على هذا السؤال أود الإشارة إلى أنني مثل الجميع ذهلت من مشاهد " الكاسيات العاريات " وهن يحملن راية الكتلة الإسلامية، لأعيد التساؤل: هل يمثل إخوان بيرزيت نمط جديد من الإسلام السياسي، أم أنها البراجماتية ومسايرة الأجواء العلمانية ؟؟!
لو أعدت ترتيب شريط ذكرياتي في الجامعة، لشاهدت الجيتو المغلق لطلبة الكتلة، فهم لا يهتمون بحضور محاضرات مادة الدراسات الثقافية Cultural Studies بدعوى أنها مواد تعلم الإلحاد، بينما كانوا يهتمون بتوزيع ودراسة كتبات حسن البنا وسيد قطب، وبالذات كتاب " معالم في الطريق " الذي يحرض المسلمين على هجرة المجتمع الكافر من أجل الإعداد والتجهيز لغزوه ومن ثم فرض الشريعة الإسلامية. الكتاب هو مجرد امتداد لأفكار أبو الأعلى المودودي من شبه القارة الهندية، الذي كان يعتبر أن المجتمع الكافر هو مجتمع عبدة النيران وعبدة الأبقار، ولنا أن نتخيل كيف ينظر هؤلاء إلى المختلفين معهم عقائدياً !
مؤخراً بدأت كتابات وفتاوى ابن تيمية تغزو عقول شباب حماس في غزة، ويكفي أن نلقي نظرة على موقف ابن تيمية من الدروز، حيث قال عندما سئل عنهم: " وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية أيضًا رحمه الله: ردًّا على نبذ لطوائف من الدروز :

كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون، بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين، بل هم الكفرة الضالون، فلا يباح أكل طعامهم وتسبى نساؤهم وتؤخذ أموالهم فإنهم زنادقة مرتدون لا تقبل توبتهم، بل يقتلون أينما ثقفوا ويلعنون كما وصفوا، ولا يجوز استخدامهم للحراسة والبوابة والحفاظ، ويجب قتل علمائهم وصلحائهم لئلا يضلوا غيرهم، ويحرم النوم معهم في بيوتهم ورفقتهم والمشي معهم وتشييع جنائزهم إذا علم موتها، ويحرم على ولاة أمور المسلمين إضاعة ما أمر الله من إقامة الحدود عليهم بأي شيء يراه المقيم لا المقام عليه، والله المستعان وعليه التكلان. "
المصدر:
الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء
http://www.alifta.net/fatawa/fatawaDetails.aspx?BookID=3&View=Page&PageNo=1&PageID=697&languagename=
وبالتالي فإن اعتبار انتشار الفكر الداعشي بين طلاب وطالبات بيرزيت هو مسألة وقت ليس إلا !
على أني لا أريد استبعاد فكرة أن تحولات فكرية قد طرأت على الإخوان المسلمين في بيرزيت، دفعتهم للإيمان " المؤقت " بالديمقراطية لكي يستمتعوا بمنجزات الحضارة الغربية الكافرة كسلم للوصول إلى مبتغاهم، مع العلم أنهم لو حكموا لما آمنوا بأي انتخابات ولا من يحزنون، لكن قد يداهمنا البعض بالتجربة التونسية، وهنا نقول أليس من باب أولى أن ندرس تواجد المسلمين في البلاد الديمقراطية المتطورة حيث يكفرون تلك المجتمعات ويؤمنون بضرورة هدمها، علماً بأنهم يتمتعون بخدمات الضمان الاجتماعي على حساب " المحسنين " من أهل البلاد !
على أن ثمة أبعاد أخرى تلقي بظلالها عند مناقشة نتائج انتخابات بيرزيت، أهمها على الإطلاق، هو أن فتح في الضفة هي حزب السلطة صاحبة التنسيق الأمني والاعتقالات، وصاحبة أعلى معدلات الفساد المالي والإداري في سلم التصنيف الدولي، وبالتالي يمكن فهم هذه النتيجة على أنها تصويتاً عقابياً للسلطة، مثلما كانت نتائج انتخابات نقابة المحامين بغزة تصويتاً عقابياً لحركة حماس، فالشعب الفلسطيني يعاقب حكامه من خلال التصويت ضدهم طالما كانوا في السلطة !
أما اليسار فقد فقد ديناميات مخاطبة هموم الجماهير، فهو يسار يتكون من شراذم بقايا الحرب الباردة التي أطاحت بالاتحاد السوفييتي، فالجبهة الشعبية على سبيل المثال لم تتخلى عن فكرة اليسار الستاليني حيث المركزية وقوانين فائض القيمة ونفي النفي، علماً بأن الرسمالية التي شاهدها وكتب عنها ماركس كانت ساذجة مقارنة برأسمالية الشركات العابرة للقارات والاقتصاد المعولم. لم يتحول اليسار مسترشداً بنماذج الاشتراكية الديمقراطية في الدول الاسكندنافية، حيث التقدم والتطور والرفاه، قدماً مع الضمان الاجتماعي للفقراء والعاطلين عن العمل والمرضى والشيوخ، هذا إن وجد هناك ما يمكن أن نسميه فقراء أو عاطلين عن العمل !

لا اليسار الماركسي، ولا الإسلام القطبي، يحملان أي تقدير أو احترام لمنجزات الحضارة الديمقراطية، علماً بأن اليوتوبيا القائلة بأن مجتمع العدالة والمساواة والرفاه هو أمر ممكن، قد تحققت في البلاد الرأسمالية أكثر من تحققها في مجتمعات تحكم بالفضيلة. كلاهما يفتقدان إلى النموذج الذي يمكن الاقتداء به ورغم هذا فإن التحولات الفكرية أو الفقهية لديهما تسير على استحياء.

بل بالعكس، لو شاهدنا نماذج البلدان التي شهدت نشاطاً قوياً للإسلام السياسي، لوجدنا فشلاً ذريعاً وانهياراً على كل المستويات. فقط لنتأمل أفغانستان بلد الجهاد، أو سوريا والعراق وليبيا والصومال، فعلى أي نموذج ارتكز إخوان بيرزيت لكي يقنعوا جمهورهم بالتصويت ؟؟!

لا يوجد نموذج ناجح يمكن الاقتداء به، بل على العكس جميع النماذج تؤكد بأن على الشعوب الإسلامية أن تبتعد عن الإسلام السياسي نظراً للخراب والدمار والتخلف الذي تسببت به تلك الحركات للمجتمعات التي نشطت فيها.

النموذج الوحيد الذي كان أقرب إلى التسويق هو النموذج البرجوازي الرأسمالي الذي يفترض أن تمثله حركة فتح، إلا أن فتح تمثل برجوازية طفيلية تعتاش على سمسرة تسويق البضائع الأجنبية دون امتلاك قاعدة إنتاجية يمكنها أن تبلور اقتصاد وطني مستقل، فلو تأملنا شركات الاتصالات والجوال والكهرباء لوجدناها شركات احتكارية تنافي الفلسفة الأساسية للمجتمعات الرأسمالية القائمة على المنافسة، وهذا الاقتصاد لم يمثل سوى رشوة من إسرائيل لكبار المتنفذين بالسلطة، وهو أمر أصبح محل انتقاد معظم الناشطين في مواقع التواصل.

خلاصة القول، أن فوز الإخوان المسلمين في بيرزيت لم يعبر عن فوز نموذج صالح للحكم، ولكن يبدو أن الضفة تسير على خطى سارت عليها غزة منذ 9 سنوات، فالإخوان لم يقدموا لغزة سوى الدمار وخراب البيوت والحصار والجوع ودمار الاقتصاد، في ظل غياب أي نموذج يمكنه أن يشكل بديلاً عقلانياً لمشروع المقاومة " الانتحارية " أو لمشروع شركة لبيع التنسيق الأمني !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكاسيات الجميلات:عاريات منافقات
ليندا كبرييل ( 2015 / 4 / 24 - 03:51 )
تحية احترام أستاذ عبد الله أبو شرخ

أخيرا جاء المقال الذي أتفق فيه مع رؤيتك
لا اعتذار عن الاختلاف فهو سمة المتحضرين، وللأسف لا أملك الذهنية التي تربط بين الأمور وخلفياتها المعقدة لأطرح رأيي، لكني ألوذ دوما في حمى الآراء التي تتفق مع ما أميل إليه فتعزز رؤيتي دون أن أخوض نقاشا أعلم أني لست قادرة عليه
وبعد

شخصيا لا أسأل سؤالك(كيف يجتاح فكر سيد قطب التفكيري طلبة جامعة بيرزيت ومن أي نافذة دخل؟) ذلك أنه اجتاح عقل كل المسلمين،من المؤمنين بكل أطيافهم المعتدلة الكاذبة والمتطرفة الصادقة
أسأل فقط:كيف سمحوا للمرأة بكل هذه الحرية الممنوعة شرعا في الإسلام؟
لقد جعلوها الوسيط اللطيف الجميل لتكون (نيو لوك)الجديد للإسلام العصري المودرن
فأخرجوها بأمرهم من البيت الذي وقرتْ فيه زمنا،وجعلوها تكتسي بحجاب سينمائي ملون أشد فتنة من الشعر ولبّسوها الجينز للتدليل على الحرية التي لا يمنعها الإسلام
هذه هي الصورة الجديدة
إنها البراغماتية في أوضح صورها
لماذا يصاب المجتمع بالشلل في نصفه الجميل؟
فليخضْ المظاهرات، ولْيُعل صوته الرفيع المزقزق بالشعارات
الغاية تبرر الوسيلة

يا لخجلك يا ميكيافيللي
حطّوك بجيبتهم

مع تقديري


2 - الأستاذة ليندا المحترمة
عبدالله أبو شرخ ( 2015 / 4 / 24 - 07:40 )
ما أذهل المراقبين والنشطاء في فلسطين هو تلك الصور للطالبات اللواتي يرتدين الكات والفيزون الشفاف مع رفعهن لرايات حماس .. في اعتقادي أن داعش تمثل حقيقة الإسلام كما ورد في نصوص التراث، وأن محاولات التنصل من العنف التي يقوم بها من هم على شاكلة إسلام بحيري ستبوء بالفشل .. شكرا لحضورك الكريم ودمت بخير

اخر الافلام

.. لماذا تحظى هؤلاء السياسيات الثلاث بشعبية كبيرة في أوروبا؟ |


.. سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان على مستوطنة كريات شمونة




.. انطلاق أولى مناظرات الانتخابات الرئاسية المبكرة لاختيار خليف


.. دمار هائل خلفه فيضان ضرب مدناً في الجنوب الصيني




.. اشتعال السيارات صيفا لأسباب لا تخطر على بالك.. إليك أبرزها