الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصولية - تحديات الحريه

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 9 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الصحوة الدينية تعبير استخدمته الروائية الكويتية المتميزة ليلى عثمان في أحد حواراتها التي تألقت بها ردا على مظاهر الأصولية المُخوّفة في الكويت، حيث يضيع المجتمع بالبحث عن معرفة من الآمر الناهي، وعلى أي أساس يأمر وعلى أي أساس ينهي، ومن هو هذا بالمعايير الثقافية والمعرفية الدينية والاجتماعية كمراتب وتأثير؟ وعن محاولة سيطرة هؤلاء على الناس وتخويفهم وانتزاع حريتهم باسم الدين أُحادي الطائفه.
هؤلاء يقولون بتنفيذ حكم الله على الأرض، وكأنهم فُوّضوا من الله بتنفيذ هذا الحكم أو الأحكام، وكأن الله اجتمع بهم وكلفهم بإقامة الحد على الآخرين،وينسون أنهم يؤنسنون الله ويجعلوه كواحد منهم لكنه أرفع درجة،ويجهلون بالمعيار والتقييم الديني الإلهي وليس تقييمهم الإنساني كبشر أنهم يخالفون مشيئة الله عندما يعتدون على الآخر بحريته وأملاكه ووجوده(ولو شاء ربُّك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)يونس 99 ، فيمنحونه حق الدفاع عن نفسه ومواجهتهم بنفس الأسلوب الذي يُبادئونه فيه(دعوة للتناحر)، وذلك لقناعته أن هذه الشريحة لاتملك التأهيل بالقيادة من جانب، وغير ضليعة بالفقه الديني من جانب آخر،بل يعتمدون في ثقافتهم التي تُشكّل وعيهم على مجتهدين جهدوا لتطييف الدين (جعله طوائف) فعززوا الفرقة في الدين الواحد رغم أن الفئات الدينية الثلاث تعتمد لاإله إلاّ الله عنوانا لها وتعبيرا عن علاقتها به.
بالتأكيد الأصولية الدينية ليست الوحيدة في واقعنا،فقد عهدنا من هذا النمط الكثير في الأيديولوجيا والسياسة والتنظيم والطائفة والعشيرة والقبيلة وغيرها من فُتات أفرزه الموروث العصبوي المُنتج والمُتحكم بتفاصيل حياتنا،والذي لم يتوفر في الفكر الإنساني المُسند بإنسانية الانسان بغض النظر عن انتمائه،لذلك فإن إقامة الحد هي مهنة المُستقوي أو القادر المُتوهّم،لأن قوّة الحياة تقوم على ألاّ يموت الناس مجانا،فقد وُلدوا ليعيشوا ويموتوا طبيعيا ،وليس على يد قاتل كالذي قتل شقيقته هدى أبو عسلي لأنها تزوجت من غير طائفة شقيقها الأصولي المُتعصّب والمُنغلق.
يتميز أهل الأصولية على العيش في كهوف ضيقة تتسع للواحد أو المجموعة منهم فقط، وكل على مداه المُعتقدي يُغني ويُبرر ويلغي دون مرجعية منطقية،ويتميزون على البريّة النفسية المتوحشة الكاسرة المستقوية بقوتها البدنية وطول مخالبها وليس رجاحة عقلها الإنساني ونظافته.
قبل الأديان وُجدت البشرية ساعية للعيش، ولم تسعَ للموت لأن الموت قدرها وقادم لإلغائها شاءت أم أبت مهما طال بها الزمن المُحدّد((كل نفس ذائقة الموت))، لذلك اتجهت نحو العيش وتنظيمه اجتماعيا مُتقاطعة بالحياة التي تُدوَّن أفعال البشر فيها فتُسمّى التاريخ، لكن البشرية اتسمت في جانب من وجودها الأول بالعدوانية، وهي إحدى صفاتها (قابيل قاتل شقيقه هابيل)، وهذه الصفة يتمتع بها أهل الأصولية بكل مستوياتها من إلغاء ثقافي وحتى الإلغاء الجسدي،هذا الجانب العدواني يتم تخفيفه ببديل ثقافي يخلق حالة وعي للوجود وبه، وحالة إقرار بالوجود الطبيعي وليس المُفترض عبر نزعات مُتذاهنة ومُتثاقفة ومُتفهمنة.
حالة الوعي والإقرار للوجود وبه تصقل العقل والنفس، فتُدرّب وتُعلّم على القبول وليس الرفض، وبالتالي تفتح أفقا أوسع لتفهّم المُحيط بوجوده المباشروالمُتنوع.
عتبي على الشريحة المُتعلمة من أبناء أمتي عندما يعتمدون شابا مُلتحي يلبس جلبابا ويضع عمامة على رأسه كأساس للتشريع، ويكون الواحد منهم طبيبا أو مهندسا أو غير ذلك من حملة الشهادات الجامعية الذي يتميز على المعرفة الإنسانية، ومنها الدينية أكثر من هذا الشاب معرفة وعلما حتى بالتشريع والفقه والعلوم الإنسانية وضرورتها وتحليلها من تحريمها،وتكون إمكانيات هذا الشاب متواضعة قياسا بهؤلاء، ويحتاج منهم إلى دروس في كل شيء بما فيه العلوم الدينية،ورغم ذلك يُحركهم والأصح يُحرّك فيهم العاطفة فيتحوّلوا إلى أتباع بدل أن يكونوا متبوعين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف