الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكذوبة اللوبي الصهيوني

محمد عودة الله

2015 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما يتردد في فضائيات العالم العربي الموجهة عن أن أمريكا تدعم إسرائيل بسبب اللوبي الصهيوني في أمريكا والذي يضغط في إتجاه دعم إسرائيل، مما يوحي بفكرة أن اليهود يسيطرون على السياسة في أمريكا وهذا ما نود دحضه في هذا المقال.
فكرة أن اليهود يسيطرون على السياسة في أمريكا هي فكرة منبعها دعاة التفوق الأبيض والنازيين الجدد الذين يصرخون بأعلى الصوت أن اليهود والسود إحتلوا واشنطن، وهؤلاء لا يشتهرون برجاحة العقل بقدر ما يشتهرون بالعنصرية والحقد العرقي الأعمى، اليهود في أمريكا أقلية ناجحة، هذا صحيح، ولكن هذا لا يعني أنهم يسيطرون على السياسة ولا يمكنهم فعل ذلك حتى لو فرضنا جدلا أنهم يسعون إليه، ولو كان بإمكان إسرائيل التحكم بالسياسة الأمريكية لأنجحوا المرشح الجمهوري ميت رومني والذي دعمه نتنياهو علنا ضد الرئيس أوباما، أو لأوقفوا المفاوضات النووية مع إيران، الحقيقة أن أغلب اليهود في أمريكا يصوتون للحزب الديموقراطي، بينما تجد أن أكثر المدافعين شراسة عن إسرائيل هم من الحزب الجمهوري من اليمين وأرباب شركات النفط والسلاح، السياسة في أمريكا تؤثر فيها اللوبيات وأضخم لوبي هو ليس اللوبي الصهيوني بل لوبي المجمع الصناعي والعسكري وهذا هو اللاعب الأغنى و الأكبر، إن الإستعمار الإمبريالي لوطننا العربي كان موجودا قبل وجود اللوبي الصهيوني بكثير وقبل ان يكون لليهود أي كلمة في الغرب حتى دفاعا عن بقائهم، والسؤال الذي يبقى هو لماذا تدعم أمريكا إسرائيل؟
إسرائيل هي رأس حربة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وظيفتها منع التنمية والتحرر من التبعية للغرب في العالم العربي تحت تهديد السلاح، لذلك حاربت عبد الناصر يوم أمم قناة السويس، إنها الراعي الذي يدخل البلدان العربية في حظيرة الطاعة الغربية، وهذا مهم جدا بالنسبة لأمريكا بسبب أهمية المنطقة القصوى بما تمتلكه من ثروات من النفط والغاز وغيرها من المصادر الإستراتيجية، أمريكا كإمبراطورية تدرك جيدا أن التحكم بالنفط يؤهلها للتحكم في العالم، ومفتاح هذا التحكم هو إسرائيل وقوتها العسكرية، وبينما تضمن إسرائيل تدفق النفط، تضمن كذلك منع التنمية و فتح أسواق العالم العربي للمنجات الغربية، وتضمن إخضاع العالم العربي للإملاءات الغربية، فمثلا قبل عامين تقريبا أرادت أمريكا زيادة إنتاج النفط لخفض أسعاره ضربا لروسيا وإيران وفنزويلا، فتلكأت السعودية في ذلك، عندها قام نتنياهو بتهديد السعودية بالمطالبة بالتعويضات عن يهود خيبر (تخيلوا!)، في اليوم التالي قررت السعودية رفع الإنتاج، هذا مثال يوضح بعض ملامح دور إسرائيل، ناهيك عن دورها في إثارة مفهوم الحرب الدينية في المنطقة والتي يسعى الغرب الإمبريالي لإشعالها في الشرق الأوسط، هذ بالإضافة للترويج للإسلام السياسي الأصولي والدولة الدينية التي ما فتأت إسرائيل تطالب بها بمباركة أمريكية، والسؤال التالي لماذا هذه الدعاية أن اليهود يتحكمون بالسياسة الأمريكية والغربية عموما؟
هذه الدعاية يروج لها الغرب الإمبريالي وأدواته في المنطقة لأنها مفيدة جدا له، فهي تفاقم حالة العداء بين اليهود والعرب مما يسهم في إطالة أمد الصراع وتأجيجه و يحافظ على الدور البلطجي الذي تلعبه إسرائيل في المنطقة بإعتبار أن هذا الدور هو خيار إسرائيل الوحيد، السلام والإستقرار في المنطقة كانا في الماضي مصلحة للغرب أيام الحرب الباردة، يوم كان خيار الإنضمام للمعسكر السوفييتي مفتوحا أمام العرب، ولكن وعلى عكس ما تظن القيادات العربية ليس الآن، فالخيار أصبح إما الخضوع للغرب أو داعش والتي تسهم التبعية ذاتها في خلق الظروف المواتية لها، المسألة الثانية أن العرب عندما يتبنون منطق النازيين الجدد يبدون مثلهم عنصريين حاقدين أمام الرأي العام الغربي، وهذا يسقط جميع مقولاتهم الأخرى ضد إسرائيل حتى لو كانت صحيحة، وبالتالي يساهم ذلك في فشل العرب والفلسطينيون خصوصا في إستقطاب قطاعات واسعة من الرأي العام الغربي بتبنيهم لرواية النازيين الجدد، لا عجب أن إسرائيل تعشق هذه الرواية، أما السبب الثالث وهو الأهم في رأيي، فهو أن العقلية الأمريكية دائما تعمل بخطتين ا و ب أي خطة الإنسحاب، المخطط الأول هو تفتيت المنطقة العربية إلى دويلات طائفية ومذهبية وقبلية متنازعة أكبرها قطرليسهل السيطرة عليها، والخطة ب في حال فشلت الخطة ا هي تحميل مسؤلية كل ما فعلته و تفعله أمريكا في المنطقة لإسرائيل، ومن ثم التضحية بالعلاقة معها، فيتم تصوير الغرب الإمبريالي على أنه المارد قوي العضلات طيب القلب الذي يتحكم به شخص خبيث هو اليهودي أو إسرائيل، وكل ما يمكننا أن نفعله هو أن نتمنى أن يعود المارد إلى رشده! وفي الواقع أن القصة معكوسة هي أقرب إلى الصواب.
إن إنتشار هذه الفكرة في العالم العربي والإسلامي يؤشر مدى إنكشافنا للغرب الإمبريالي الذي بات لا يتحكم فقط بما نأكل ونلبس وماذا نصنع وماذا نزرع، بل أيضا بماذا نفكر وماذا نقول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل


.. مدير ديوان رئيس الحكومة التونسي الأسبق محمد الطيب اليوسفي يك




.. مساعد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية: المقترحات التي قدمناها


.. محل نقاش | سمير غطاس: وكلاء إيران يستخدمون -المقاومة- للتسلط




.. أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا