الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى حيدر العبادي

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2015 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


في واحدة من أساطير الأمة الكوردية : طلب السلطان من وزيره الحكيم ( هه ياس ) أن يرعى حملاً صغيراً ، لم يتجاوز الأسبوع من عمره ، لمدة ستة شهور بدون أن يزداد وزنه . تقبل هه ياس الأمر ، صاغراً ، لأنه كان إزاء تحدٍّ لا خيار له فيه ، ورقبته مرهونة بميزان كفتاه النجاح والفشل . جاء هه ياس إلى السلطان ، بعد ستة شهور ، وتمّ وزن الحمل ، فكان وزنه بقدر وزنه عند الإستلام . سأل السلطان هه ياس كيف نجح في مهمته !! فأجابه هه ياس " مولاي السلطان ، يوم إستلمت الحمل ، طلبت إلى أحد الصيادين أن يأتيني " سمعاً " وهو صغير الذئب . فصرت أطعم الحمل الوجبات الإعتيادية ، وبعد كل وجبة أريه " السمع " فيذيب الخوف كل منفعة لما أكل ، وهكذا كان .

درسٌ من حكيم ، عليك يا حيدر العبادي فهمه وهظمه . فوالله ، مهما عملتَ فالعراق لن يرى عافية ما دام " السمع " في موقع المتمكّن لهدم كل بناء تبنيه ، وإفشال أية نية تنويها أو أية خطة ترسمها . إن التأييد الجماهيري الذي كسبته والدعم الذي أولته المرجعية لك لن يدوم ما دمت ، لحد الآن ، لم تقطع باليقين عدم إمكان عودة المالكي ورهطه إلى الحكم . قطاعات معينة كانت محسوبة على النظام قبل التغيير مثل مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الإتحادية العليا برئاسة مدحت المحمود وشبكة الإعلام العراقي ورئيسها محمد عبد الجبارالشبوط وغيرها ، تفكر ألف مرة قبل أن تنحاز إلى حركة التغيير التي تقودها ، مخافة من عودة المالكي ثانية .

إثنتا عشرة عجافاً مرّت : حياة مئات الألوف من الأبرياء راحت ضحايا ، ثلث مساحة العراق تمّ بيعها إلى الدواعش الإرهابيين ، أكثر من ثلاثة ملايين من أبناء الشعب هُجّروا أو نزحوا عن ديارهم ، ألف مليار دولار ضاعت ، الدواعش إستوردوا إستيراداً ، والإنتخابات زوّرت وفاز بعضوية مجلس النوّاب مَن دفع الملايين من المال العام لشراء ذمم شيوخ العشائر ، البنى التحتية لإقتصاد البلد مُسحت ، التفرقة الطائفية والأثنية والتطهير العرقي بلغت مديات لا يمكن تحمّلها . فليس ثمة سعة عند أبناء العراق للصبر بعد أن ناضلوا وضحوا بأغلى الأثمان من أجل التغيير ، أن تأتي حكومة عاجزة عن تلبية مطالبهم .

ميزان القوى السياسية ، المسمى جُزاافاً بالتوافقات وهي في حقيقتها وباء المحاصصة الطائفية والأثنية ، لن تسمح للبناء سيما أن الطرف الأكبر في معادلة التوافقات هو الجزء المزاح بالتغيير . فالعمل وفق سلّم التدرّج ، الذي تسمح به التوافقات ، لا يوصل إلى نتيجة ، والأمثلة كثيرة : فإن كانت الموصل قد بيعت علناً ، وقادة عسكريون كبار هربوا من ساحة المعركة ، وتمّ تسليم الآليات والأسلحة الثقيلة والخفيفة وعتادها هدية لداعش ، ولجان التحقيق قد إستنفذت لحد الآن عشرة شهور ونيف دون الوصول إلى نتيجة ، فكل ذلك دليل على أن لا أمل في أي توافق لحل أية معضلة من المعضلات التي تفت في عضد البلاد ، و لا في محاسبة أي رأس عمل لخلقها أو شارك فيها .

تاريخ الحروب في جميع أنحاء العالم يعطي السوابق كيف كان التعامل مع القادة الخونة الهاربين من ساحة المعركة ، وكيف كان قرارالمحاكم عليهم : الإعدام بدون تأخير أو تباطؤ ، لا إنتقاماً منهم لجبنهم ، بل ردعاً ودرساً لغيرهم ، وحفاظاً على هيبة الجيش الذي كانوا في قيادته ودعماً لمعنويات الجنود والضباط الذين كانوا تحت إمرتهم .

الحراك الشعبي يتصاعد يومياً لمطالبة الحكومة بالإقدام وقطع الطريق على أيتام الولاية الثالثة من إنتهاز أية فرصة للوثوب إلى السلطة فبناء العراق يتطلّب إزاحة العوائق وتعبيد الطريق ، إذ لا بناء ما دام هناك مخرّبون . وطريقك لمكافحتهم معروف وواضح ، لأنّ بعضهم ، كالأفاعي ، لا ينفع معها غير سحق الرأس . فلن نرضى لك مصير عبد الكريم قاسم و لا مصير محسن السعدون ، إذا فشلت ، لا لسبب سوى أنك تساهلت .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تقصف خاركيف بقنابل موجهة وتعلن سيطرتها على قرية جديدة


.. الانتخابات الأوروبية: مكاسب تاريخية لليمين المتطرف في عدد من




.. مقتل أربعة فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي قرب رام الله


.. الأردن يستضيف مؤتمرا دوليا للاستجابة الإنسانية الطارئة في قط




.. السعودية توفر منظومة متكاملة من الخدمات لتسهيل مناسك الحج