الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن أنقاذ المجتمع العراقي؟

عادل احمد

2015 / 4 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان الظروف التي يمر بها العراق بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، ليس بظروف عادية، حتى بمعيار المجتمع الرأسمالي العادي. ان الحياة لا تسير وفق معادلات روتينية لاي مجتمع رأسمالي عادي. ان جميع الطبقات في المجتمع لا تنطلق مثل القطار الاعتيادي على السكة الحديدية المخططة لها والى المكان المقصود وان تتوقف في المحطات والأماكن المحدد لها. بل تتغير في كل لحظة اتجاهاتها ومسافريها وبأستمرار وفق درجة القوة لسائقيها. وليس بمقدور احد ان ينام في الليل وان يستيقظ في الصباح الباكر وفق خطته السالفة وان يبدأ بيوم جديد. ان تعريف هذه الوضعية لا يمكن بحثه ضمن معطيات مجتمع اعتيادي وبسيط للرأسمالية. ولا يمكن رسم الخطط السياسية والاقتصادية والاجتماعية مثل اي مجتمع عادي. وان البدائل السياسية ايضا ليس بمقدورها ان تكون عادية مثل اي مجتمع عادي. ان مجتمع مثل هذا لا يمكن تعريفه الا ضمن مجتمع غارق في السيناريو الاسود. وان عملية ازالة السيناريو الاسود من حياة المجتمع له وسائله ومواده ومقتنياته ويختلف عن وسائل تغيير المجتمع الاعتيادي.
في ظل هذا السيناريو ليس فقط الطبقة العاملة والجماهير الكادحة هم المتضرر الوحيد، بل هناك قشور وفئات عديدة متضررة بدرجات مختلفة من هذه الوضعية. فالبرجوازي والصناع الصغار، وفئة من المثقفين والطلاب والاساتذة والفلاحين الصغار واصحاب الاملاك الصغيرة واصحاب المحلات والتجار الصغار وبائعي الجملة الصغار والفئات النسوية والمدنية والعلماء والكوادر العلمية. هم متضررين ايضا بجانب الطبقة العاملة والكادحة. وان اي انقاذ للمجتمع من السيناريو الاسود بدون مساعدة هذه الفئات المتضررة أمر صعب جدا وخاصة في ظروف العراق الحالية. الطبقة البرجوازية في العراق وكردستان غارقة من قمة رأسها حتى أخمص قدميها بتعميق المستنقع ومأساة المجتمع. وان صراعاتهم وحروبهم وتحالفاتهم مغرقة باشد الرجعية وتحرق الأخضر واليابس معا عندما ينشب الخلاف بينهم من اجل اقتسام الغنائم والسلطة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف يمكن ان ننقذ المجتمع من هذا السيناريو الاسود؟
ان بديل الطبقة العاملة والاشتراكيين العماليين لانهاء كل المعانات والاضطهاد في المجتمع هي الاشتراكية واقامة الحكومة العمالية. هذه هي الاستراتيجية النهائية للاشتراكيين والطبقة العاملة. وهذا الاتجاه هو بوصلة كل حركتنا واهدافنا. بما ان تحقيق هذا البديل ليس سهلا في ظل الظروف الحالية للمجتمع العراقي الواقع بمستنقع السيناريو المظلم الا بأعادة سير المجتمع على سكته الحقيقية والاعتيادية. وحتى نقوم بهذا العمل يتطلب على الحركة العمالية القيام بدور قيادي اخر في تنظيم الاحتجاجات الجماهيرية لفئات وقشور الطبقات المتضررة حاليا من السيناريو الاسود للمجتمع العراقي. وان تنظيم السخط الاجتماعي للفئات المتضررة بجانب التنظيم اليومي للطبقة العاملة نفسها امر ضروري وملح. وان تنظيم الاحتجاجات والسخط الاجتماعي للفئات الغير عمالية ليس واجبا وحسب بل وضروري لتقدم الحركة العمالية نحو الامام. بما ان الفئات والطبقات المتضررة من هذه الوضعية تعاني ايضا على الرغم من مصالحهم الطبقية مختلفة مع الطبقة العاملة ولكن الجميع غير مستفيد من هذه الوضعية. اذا هنا يكمن التفكير بأنقاذ المجتمع من المستنقع اولا مع المتضررين جميعا. وان انقاذ المتضررين من هذا المستنقع فعليا، مطلب انساني وثوري في ان واحد. بما ان الطبقة العاملة والاشتراكيين لديهم مطاليب ابعد من الخروج فقط من المستنقع، اي لديهم اوسع رؤية وبديل لانهاء كل ماساة المجتمع واقامة عدالة اجتماعية، فتقع ايضا على عاتقهم القيادة السياسية والفعلية لتنظيم كل الاحتجاجات وأعادة المجتمع الى حالته الروتينية والاعتيادية لاي مجتمع برجوازي.
ان هذه العملية تتطلب وسائلها الخاصة، وتتطلب تنظيماتها الخاصة والجهاز الخاص بها. برأي هنا تكمن ضرورة تشكيل كيان سياسي يتجسد فيه سير هذه العملية السياسية. وهذا الكيان يمكن تشبيهه "بمؤتمر حرية العراق" السابق ولكن بمهام وشعارات مختلفة، بما يتطلبه الظرف الحالي ويمكن تسميته بجبهة انقاذ دولة المواطنة او ما شابه ذلك لابعاد الشر الطائفي والقومي عن رؤس الجماهير المنكوبة. وان محتوى عمل هذه المنظمة هو ترسيخ الحقوق المدنية والمواطنة وابعاد التأثير الديني والقومي على المجتمع واسترجاع الارادة للمواطنين والتدخل في نمط وشروط حياتهم. وان بتشكيل منظمة كهذه يجب ان نأخذ بعين الأعتبار جمع القادة الشرفاء للفئات المتضررة تحت لواء واحد مع القادة العماليين والاشتراكيين في مهمة واحدة ومعينة فقط، وهي عملية انقاذ المجتمع من الطائفية والقومية وعلى القادة العماليين الاضطلاع بدور محوري رئيسي لكل خطوة تخطوها هذه الاحتجاجات الجماهيرية.
ان الاشتراكيين لا يخافون من العمل داخل منظمات كهذا اذا كان لديهم رؤية طبقية مستقلة وافاق واضحة لمسار الحركة العمالية. نحن لن نخاف العمل مع طبقات اخرى لمصلحة موحدة مشتركة وانية شرط ان لا ننسى بوصلتنا الحقيقية في كل مرحلة من مراحل العمل المشترك. وان تاريخ التجربة الاشتراكية العمالية العالمية غني بدروس وتجارب حول هذا الموضوع، ولكن العمل في ظل ظروف السيناريو الاسود مع هذه الطبقات شيء جديد حقا ويتطلب المهارة ونوع اخر من العمل ربما يكون جزء منها جديد حقا. ولكن في كل خطوة يجب ان لا ننسى بوصلة حركتنا واهدافنا ويجب ان نقيم دائما مدى استفادتنا بهذا العمل مع الطبقات الاخرى ولاهداف معينة وانية. اني افتح هذا الموضوع للبحث مع رفاقنا في الحزب والحركة الاشتراكية العمالية واليسار العمالي على العموم، كي نفكر ونعمل بجدية من أجل انقاذ المجتمع العراقي من السيناريو الاسود الحالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا بعد الانتخابات.. كيف تنظر إليها دول الجوار؟| المسا


.. انطلاق الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في إيران




.. فرنسا: الفن السريالي.. 100 عام من اللاوعي والإبداع • فرانس 2


.. إسرائيل ترسل وفدا لاستئناف المفاوضات مع حماس بشأن الرهائن وا




.. ستارمر: الناخبون قالوا كلمتهم وهم مستعدون للعودة إلى السياسة