الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الورشة السورية لرد العدوان

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


النظام السوفييتي الستاليني الذي حقق شبكة عالمية من أحزاب شيوعية تابعة له،وأحزاب قومية متعاقدة معه، هذه بمجملها حكمت بلدانها بالحديد والنار كإجراء وقائي استراتيجي داخلي،وثقافي إلغائي تمتعت به استمدت جزءاً منه من موروثها والجزء الآخر من المرحلة الستالينية، ما جعل هذه الأنظمة بدءا من النظام الحاكم للاتحاد السوفييتي غريبة عن مجتمعاتها، منغلقة على ما تبتكره وما تستورده من أفكار ومشاريع تم صناعتها في مخابر السوفييت.
غربة هذه الأحزاب وتحديدا الحاكمة منها عزز لديها مشروع تحقيق وجودها بالقوة المستمدة من الجيش كونها جاءت عن طريقه، ما جعل بعض الأباطرة العسكريين يبنون المؤسسات الأمنية التي حولت مؤسسات الدولة إلى أجهزة تابعة لها والتي خربت مجتمعاتها بحكم العقل البوليسي الذي حكمت به(شاوشيسكو وأمثاله)، وهذا بدوره جعل المجتمع بأكمله مطلوبا أفرادا وأحزابا مغايرة لها، وتم السيطرة على الاقتصاد والسياسة لبلدانها وعلى القضاء والتعليم اللذين قاما بخدمتها، فاخترعت مثقفين وسياسيين كانوا في الصفوف الخلفية لأحزابهم، وقُضاة وحقوقيين منحوها شرعية وجودها المُفبرك.
بعد انهيار المركز في موسكو انهارت معه دول الكتلة الشرقية، وهذه تُعتبر من الصف الثاني ، وتلاها هلهلة الحكومات المتعاقدة ومنها حكومات انتهجت رأسمالية الدولة بدل من الدولة الاشتراكية أو الرأسمالية،هذا الانهيار خلق بلبلة في بنية هذه الحكومات، وصراعات بين متوجه نحو الغرب ومخنوق بحكم الانغلاق الذي أدمنه، وذلك بعد غياب الحامي الوهم الذي كان يعاني من تفكك داخلي أوجده غياب الحريات والرأي الآخر، وتغييب المعارضة وملاحقتها حتى الموت، مُضافا له مؤامرات خارجية أُحيكت ضده، وذلك حتى انهياره بصعود يلتسين على حساب غورباتشيف صاحب مشروع(البيروسترويكا)إعادة البناء.
انهيار الاتحاد السوفييتي كان بداية لتاريخ عالمي جديد غيّر العديد من البُنى السياسية في العالم، وذلك بأسباب السيطرة الأمريكية دون منازع أو معارض حتى من أعتى الدول التاريخية فرنسا وبريطانيا، فتحول إلى عالم محكوم بقطب واحد، من دار بفلكه حصل على فتات ومن لم يدر دفع أو سيدفع الثمن، وأحداث أيلول في أمريكا كانت بداية لتاريخ عالمي متوحش قائم على حق القوة مضيعا قوة الحق، فكان من ضحايا هذا التاريخ دول وشعوب أفغانستان والعراق وفلسطين وهناك دول على سجل الجرائم الأمريكية.
ماحدث للبلدان المتعاقدة والمتعاهدة في هذا الزلزال أنها حاولت المحافظة على التوازن الوطني، لكن هذه المحاولة احتاجت للتعويض عن خساراتها بعد انهيار المركز دون جدوى، ماأحالها إلى المقومات الاقتصادية الوطنية المنهوبة من مراكز القوى التي صنعتها هذه الحكومات(معظم دول الكتلة الشرقية)، وهذا أدى إلى اختلال التوازن فوقعت البلاد بضائقات لم يتم حلحلتها حتى وقت متأخر حافظ على استمرارها في سيطرتها على البلاد، لكنها لم تتمكن من إيجاد حلول لمشاكل المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فارتفع معدل البطالة بين الخريجين الجامعيين والشهادات الأدنى، مما دفع بالمحسوبيات للنمو على حساب الحقوق، والتسليف المالي لتأمين العمل عبر دوائر نصّابة محمية من جهات أمنية لنفس الغاية يُسمونها المفتاح للتوظيف، فتحول حق المواطن بالعمل إلى حق الدائرة النصابة بالتشغيل مقابل المال أو الاستغلال الجنسي لفتيات يبحثن عن عمل.
سوريا بعد انهيار موسكو الحليف واجهت اضطرابا في توازنها الدولي، كونها كانت محسوبة على السوفييت بعلاقات متميزة وواسعة عبر معاهدة الصداقة والتعاون، مقابل قلتها وضيقها مع الغرب وخاصة أمريكا، مادفعها للانفتاح أكثر وكانت أولى خطواتها الافراج عن سجناء سياسيين في عام 1993م، وانفتاح اقتصادي نسبي مضبوط على إيقاع متداخل بين الوطني والعالمي الجديد بظل تحكم قطب واحد في العالم لما يملك من إمكانيات السيطرة، وذلك بغياب المعادل السياسي والاقتصادي والعسكري العالمي المنهار.
رحيل الرئيس حافظ الأسد أوقع سوريا في فراغ سياسي وإداري كبيرين، كونه كان يتحكم بخيوط الإدارة الوطنية وحيدا، إذ كان وراء إنتاج بنية النظام وأشخاصه ، من ثم تم اختيار إبنه الشاب الذي شكّل تقاطعا نسبيا أكبر للقيادات السياسية والعسكرية والأمنية الحاكمة لسوريا، واختار نهجا شبابيا أعلنه بخطاب القسم وخاصة مايتعلق بالرأي الآخر وتخفيف القبضة الأمنية على المواطنين ومنهم المثقفين والسياسيين، هذا النهج الجديد لم يستمر حيث عادت القبضة الأمنية لتطال الوطنيين/عارف دليله ورفاقه/، إذ أن ربيع دمشق كان يجب أن يُثمر مُواطنةً، مضافا له أن لسوريا تصنيف داعم للإرهاب حسب لائحة الأمريكي المُتحكّم الجديد بالعالم.
بعد نيسان 2003أصبح الحاكم الأمريكي العالمي على الحدود الشرقية لسوريا وذلك بعد احتلاله العراق، تُقابله اسرائيل على الحدود الغربية منذ احتلالها لفلسطين بدعم غربي، ومن الشمال تركيا والجنوب الاردن الباحثين عن دور متميز في منطقة الشرق الأوسط ولو بالأجرة، ولايُمانعان لو كان ذلك على حساب دور سوريا الاستراتيجي والتاريخي في المنطقه،هذه الخارطة تؤكد أن سوريا هدف أمريكي دون أدنى شك، وعلى ذلك كان لابد من مصالحة وطنية بين النظام والمعارضة الوطنية الديمقراطية رغم ضعفها، والذي يتحول إلى قوة لو أخذت دورها عبر قانون للأحزاب وإلغاء حالة الطوارىء التي كانت وراء كل الفساد في دوائر الدولة والمجتمع،حالة الطوارىء هذه كانت وراء إلغاء الحياة السياسية الفعلية باصطناع أحزاب موازيه سموها وطنية تقدمية، وصلت إلى حالة من الانتهازية حدودا لم يعهدها التاريخ،لأنه يمكن لفرد أو عضو في حزب أن يكون انتهازيا مُرتشيا، لكن أن يرتشي قيادي فتلك مهزله،وأن تكون العلاقة داخل هذا الحزب على ضوء القرب أو البعد عن المركز قائمة على المحسوبيات، فأي حزب هذا الذي يكون نمطه نفعي ويُسمى وطني تقدمي.
يوم الجمعة 23/9/2005الساعة السابعة والنصف مساء بثت محطة الديمقراطية لقاء كان الأول من نوعه ، عُقد مواجهة بين الأخوان المسلمين والسلطة يمثلها الدكتور يحي العريضي المعروف،حزب الأخوان المسلمين هو الوحيد الذي صدر بحقه القانون/49/ الذي يُعرّض أعضاءه للاعدام، ومع ذلك كانت جلسة قد خلت من التشنج والقصف السلبي المتبادل بين معارضين في مجتمعات أخرى، بل كانت ودية بالمعنى الوطني والديمقراطي الذي يتمناه كل مواطن سوري يؤمن بوطنه، وتحديداً أمام الحشد لاعتقال (حصار)واغتيال(تدمير) سوريا، ولايتصور أحد حتى لو كان النظام الحاكم هو الهدف من هذا الحشد ضد سوريا أن المواطن بعيد عن المخاطر الأمريكية، ولنا في العراق مثلا يُحتذى، إذ كان الهدف نظام صدام وقد صار في زنازينهم، وبقي الموت والتخريب في المدن والقرى العراقية، والتخطيط للبقاء لنهب الثروة العراقية، وحماية اسرائيل على حساب الطفل والمرأة والشيخ والمواطن العراقي بشكل عام.
امتاز الطرفان في حوارهما على معالجة الماضي بشكل هادىء وعلمي ومنطقي وسلمي، وهذا الطريق هو الأفضل ليتسنى للجميع تشكيل ورشة الدفاع عن الوطن في حال هوجمنا، كالحصار الذي مورس على العراق وليبيا من قبل، أو هجوم عسكري كالذي حدث في العراق وراح ضحيته الطيف العراقي، إذ بدأ الأمريكان ضد صدام وانتهوا ضد حلفائهم(الجلبي والعلاوي)، وهؤلاء لم يعهدوا وفاء لحليف إن لم يكن منبطحا ومُسلّما إياهم مفاتيح بلاده.
المطلوب اليوم تحقيق وحدة الوطن بحدوده السياسية المعروفة، وذلك بصدور قانون للأحزاب/وعدت به السلطة مرارا/، يشمل كل المواطنين على الساحة السورية، ويُعيد السياسة للمجتمع لينتظم استعدادا للأسوأ، وهو الاحتمال الأكثر واقعية، حيث التحقيق باغتيال الحريري تحول إلى تحقيق سياسي وليس جنائي، والمطلوب الفعلي هو سوريا، ولايعني الأمريكان موت المواطن السوري وجوعه وتشرده معارضاً كان أم موالياً أو انهيار نظامه،بل كل مايعنيهم تنفيذ مخططاتهم بالشكل الذي يرونه مناسبا لهم ولاسرائيل وليس للشعوب، وعلى المجتمع السوري بأكمله الاستعداد لخوض معاركه من حصار اقتصادي قاس جدّا، أو هجوم عسكري همجي فكل الاحتمالات واردة في قاموس أمريكا،هذه أمريكا، وهذا تاريخها، وتلك جرائمها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط