الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق: القتال ضد مجهول

مالوم ابو رغيف

2015 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


في سوريا، ورغم ماكنة التضليل الاعلامية الضخمة التي تمولها دول الخليج بمليارات الدولارات، والتي تبحث دائما عن مخرجات للارهاب، الا ان شخوص الصراع واضحة غير مجهولة تدور حولها الاخبار وعناوين الصحف وتذكرها الفضائيات في حلقات الحوار التلفزيونية. والصراع في مجمله وفي اكبر محاوره يدور بين الدولة السورية وبين مجاميع وفصائل اسلامية ارهابية ممولة ومسلحة ومؤدلجة اجنبيا. الدولة السورية على علم ودراية بكل تفاصيل الصراع، فهي تعرف ماضي وحاضر قادة هذ المجاميع، وعلى اطلاع بجغرافيات تواجدهم وعلاقات اتصالهم، تعرف تمويلهم وتسليحهم وعددهم وعدتهم. كما ان من كانوا يساريين او ماركسيين سابقين او لبراليين متحذلقين، ارتؤوا ان ينزعوا اقنعتهم الايدلوجية والطبقية ويصبحوا طبولا تقرع عليها جوقات الارهاب الاسلامية شعارات الثورة التركية –القطرية- السعودية.
وفي اليمن، ورغم التعقيد السياسي والطائفي والقبلي والجغرافي والمذهبي، الا ان اطراف الصراع واضحة رغم ضبابية المواقف، ومفروزة رغم تشابك الخطوط السياسية والطائفية. اليمنيون يعرفون اصطفافات السياسة الممثلة بشخصيات مالكي الاحزاب ورؤساء القبائل، يعرفون ميول هذه القبيلة اوتلك، و هذا الحزب او ذاك، فالولاءات معلنة والشعارات السياسة اصبحت اكثر وضوحا وتخصيصا، لقد خلعت عنها صبغة الغوغاء العامة عن فلسطين والوحدة الاسلامية واسرائيل، واصبحت اكثر تشخيصا لاعداء الحاضر الحقيقي. كذلك دول الخليج هي الاخرى افرزت عن وجهها الدعواني، ولم يعد قناع المجاملات وادعائات الاخوة الاسلامية والخليجية والصلح والحوار تستر ملامح الاهداف الحقيقية في نوايا السيطرة على ما يسمى العالم العربي والعالم الاسلامي!
اذ ان كل المبادئ النبيلة والحرية والتقدم والمساواة التي اتت بها الماركسية عند تأسيس المعسكر الاشتراكي ، قد اضمحلت وانتهت وحلت محلها الاطماع الشخصية والركض وراء المال على حساب الكرامة وبيع النفوس رخيصة في سبيل التقاط فتات موائد دوائر الخليج المخابراتية. واذا كانت البروليتاريا تبيع قوة عملها لقاء اجر معلوم، فان شخصيات السياسة والثقافة الاسلامية والعربية وجامعتها المرموقة باعت حتى كرامتها مقابل وعود معسولة بالثراء ورضيت ببيع ضمائرها والسكوت بكل نذالة عن قتل الانسان بكل شراسة.
اليمنيون والسوريون يعرفون اعدائهم ويعرفون اهدافهم وما هي مهماتهم واولياتهم، فهم في هدى من امرهم، انهم يصنعون السياسة، التي لا يمكن ان تكون ناجحة دون شفافية ومرونة.
لكن الامر يختلف كليا في العراق، فالحكومة العراقية، وباصرار تتعمد اتباع التضليل وتغبية الاهداف والابتعاد عن تشخيص الاعداء، انها تسبح في برك من العموميات الضحلة، فلا تعرف عن المجاميع الارهابية المقاتلة سوى كلمة بخمسة حروف هي (داعش) مع ان داعش ليس سوى تجميع ارهابي متعدد الولاءات ومختلف الارتباطات، تتحد فيه القبائل والاحزاب والافراد حسب ولاءات التمويل والتوجيه.
اما الارهابيون الذين يتم القاء القبض عليهم، فبالاضافة الى حقيقة التحقيقات الهزيلة معهم، فان جرائمهم الارهابية دائما ما تقدم على انها سلوك واختيارات فردية. ان ذلك يعني ان الحكومة العراقية تنظر الى الارهاب بمنظار الجنوح الفردي اوانها( الجرائم الارهابية) استجابات للتضليل الديني عبر الفضائيات الاعلامية العربية. قد يكون ذلك صحيحا اذا نظرنا للارهابيين كافراد منفصلين، لكن هذه النظرة ستكون قاصرة الى درجة الغباء المركب اذا كانت هي اساس التعريف للمجاميع المتحدة تحت رايات الارهاب المختلفة، ذلك ان الجنوح الفردي نحو الجريمة لا يشكل ظاهرة ، بينما الارهاب في العراق اصبح ظاهرة اجتماعية، وما يجمع مجاهديه هي ثقافة دينية سياسية وارتباطات اقليمية منسقة.
كما يبدو ان الجهات المسؤولة عن الملفات الامنية في العراق، تنظر الى القضايا الارهابية كقضايا امنية او جنائية وليس قضايا فكر ديني مسيس ومطيفن حسب احتياجات سياسات القوى الاقليمية والدولية في المنطقة.
ويبدو الامر وكان هذه المجاميع الكثيرة التي تقدم على الانتحار طلبا للشهادة ونكاح حوريات الجنة، مجندة ذاتيا وليس ان جهات معينية قد جهزتها ورحلتها وسوقتها وحددت لها اماكن انتحارها وفنائها. ان الحكومة العراقية بجهاتها المسؤولة الغبية تنظر الى الارهاب على انه ابداع فردي.
ان الجهات المسؤولة عن الارهاب، لا تستغل تناقض مصالح المجاميع الارهابية ولا تستفيد من ثغراتها الايدلوجية الدينية واختلافات اراء كهنوت تثقيفها الديني، فهي تحاول القضاء على الارهاب عسكريا مع ان الارهاب هو تمظهر للصراعات الدينية بشكله العنيف. في دولة التناقضات الطائفية، وعندما تكون الاحزاب التي تمثل الاغلبية الدينية هي المسيطرة على السلطة، يصبح امر القضاء على الارهاب صعبا الى درجة المستحيل، ذلك ان الخلافات السياسية دائما ما تتخذ مظهرا طائفيا.

كذلك، ورغم ان المجاميع الارهابية التي تشن حربا لا هوادة فيها على جميع تنوعات الحياة في العراق، تعلن عن نفسها، الا ان حكومات المحاصصة الطائفية ، اختارت اخفاء اي افصاح عن حيثيات الصراع والقتال الدائر، فالحديث في العراق يدور حول طرفين، داعش والبعث، ومن الاسماء عزة الدوري وابو بكر البغدادي واسماء لا نعرفها سوى عندما يتم قتلها او انتحارها وغالبا ما تعلن المجاميع الارهابية اسماء قتلاها المنتحرين، او حين يتم الامساك بالافراد حيث يجري تضخيم دورهم واضفاء القاب الامارة عليهم مع ان شخصياتهم تبدو ركيكية غبية لا تحسن حتى الحديث.
الجيش العراقي يبدو وكانه يقاتل اشباح، لا يعرف وجوههم ولا اسمائهم ولا القباهم، انها سياسة تتبعها الحكومة متعمدة ذلك لفتح الابواب الخلفية، للارهابين للدخول مرة اخرى للعملية السياسية من بوابة المصالحة. فقد تم العفو عن مشعان الجبوري بعد كان مدانا بـ 4 ارهاب، واليوم وصل الدايني المحكوم بالاعدام وسلم للقضاء لقاء وعد ببرائته، ولا يتردد البرلمانيون عن اعلان مساندتهم للارهاب او المليشيات ذات الصبغة الطائفية. ان كل فعليات العمليات السياسية تتم بتجاوز واضح للقانون والدستور والقضاء.
العراق يغرق بالازمات، ازمة مالية وازمة سياسية وازمة حكومية وازمة اجتماعية وازمة دينية وازمة طائفية. ازمات مستعصية وليس من امل في حلها ولا توجد وسائل للعلاج، خاصة وان الصراع بين الاطراف السياسية وصل الى استغلال المجازر التي يرتكبها الارهابيون للاسقاط السياسي، فالصحف ووسائل اعلام الحكومة تحاول التقليل من اهمية هذه المجازر بينما الطرف المنافس يحاول القاء المسؤولية على عاتق الحكومة لاسقاطها.
ان جميع الاطراف المشتركة بالحكومة او المعارضة لها لا يهمها دراسة ومعرفة اسباب الانكسارات المذلة للجيش العراقي وللقوات الامنية، بل ما تهتم به هي الحصول على المكاسب السياسية.
ان ذلك وبكل وضوح يجعل من العراق مشروع لدولة فاشلة....










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز