الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة العربية المريضة

خالد الصلعي

2015 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


الصحافة العربية المريضة
*******************
عندما يتربع أمثال السيد عبد الباري عطوان والسيد فيصل القاسم على صهوة الصحافة العربية ، فسيدرك القارئ العربي مدى هزال هذه الصحافة والسقف المحدود الذي يمكن أن تبلغه . في مقال أخير لفيصل القاسم " لماذا انهارت أوطاننا ؟ " يعزو الكاتب هذا الانهيار الى مجمل المعمار المنهار ، هذا المعمار الذي تأسس على الطائفية والقبلية والعشائرية والعسكرية والمناطقية والقومية حسب ما أورده في نص مقاله ، وطبعا للرجل حق فيما ذهب اليه ، ولا يمكن لسياسي حداثي أن يجادل في أمر الدولة الوطنية التي يلتئم مواطنوها حول عنصر الوطن كبوتقة تنصهر اليها جميع الشرائح والأفخاذ والعصبيات . لكن منزع الشك يحيط بالقارئ وهو ينظر الى الدولة التي يوزع منها الفاصل فواصله ونقط اعتراضاته ، ومقص استفهاماته ، انها ليست الا دويلة قطر ، دويلة بحجم الحي الذي أسكنه جغرافيا وسكانيا ، دويلة حكمت على شاعر بالمؤبد لانتقاده مجازا حاكما محكوما ، ولم ينبس الصحفي الديمقراطي ببنت كلمة على هذا الحكم الجائر الذي تم تخفيفه الى مسة عشر سنة . والرجل يتحدث عن الكيانات الحديثة باعتبارها كيانات تكتلية والتحامية ، عكس التكتلات القزمية المجزأة ، وكيف نصف قطر التي قامت بلعب أدوار أكبر منها قامة وحجما وتأثيرا ؟ ، وهل تاريخ قطر يمكن ان يقارن بتاريخ سوريا ؟ . وحين يتحدث الدكتور فيصل القاسم عن مبدأ المواطَنة في دولة مواطِِِِِِِِِِِِِِْْنة فانه ينسى ان الدولة الحديثة تقوم على تقسيم العمل بين المعارضة ولحكومة ، فهل هذا التقسيم في البلد الذي يكتب منه متوفر ؟ . الكلام أو الكتابة ما لم يقرنان بالعمل والممارسة فان صاحبه يفقد اي تأثير أو نفوذ رمزي ، رغم ما للسيد فيصل القاسم من اتباع ومريدين .
أما السيد عبد الباري عطوان الذي باع جريدته التي اعتبرت على عهده من أهم الجرائد العربية لأثرياء قطريين ، فهو من خلال مقاله "أسباب صحوة داعش بعد انتهاء عاصفة الحزم " ، رغم خطل العنوان ، وهو ما سيجعل كل المقال باطلا ولا يرتكز على أي مرتكز علمي أو منطقي على اعتبار أن المقدمات الخاطئة تكون نتائجها حتما خاطئة ، فعملية القصف التي بدأتها عاصفة العدوان ، لم تنته مع اعادة الأمل الزائف ، بل تغيرت الأسماء والعناوين وبقي القصف على الشعب اليمني المكلوم ساري المفعول الى يومنا هذا ، ولا يمكن الحديث اذن عن توقف عاصفة الحزم الا تعبيريا ، اما كحدث فهي مستمرة . هذا أولا ، ثم ثانيا ، يمكن اعتبار السعودية من الدول الهشة استخباراتيا ، والتي يصعب معها تصور كونها تستطيع فتح جبهات استخباراتية على واجهات متعددة ، لأن تجربتها الميدانية في هذا الشأن تكاد تصل معدل الصفر ، فهي لا تعرف الا منطق الدفع ولا تؤمن الا بأسلوب الترغيب ، أما التهديد ، فانها لا تستعمله كما هو حاصل الآن الا مع الضعفاء . بعكس ايران التي تمرست على فتح عينيها على كل نأمات السياسة الدولية وتحولاتها ، الى درجة أنها تمكنت من بناء استراتيجيات مستقبلية في جميع فنون الحرب ، سواء منها اليبلوماسية أو العسكرية . فكيف يجمع السيد عبد الباري عطوان الثرى والثريا في جملة واحدة ؟ .
ثم ان هذا الصحفي القيدوم يروي لنا حكاية صحوة داعش وكأن هذه الدولة الهلامية قد امتلكت في ظرف أقل من سنتين ما لم تمتلكه دول طاعنة في التاريخ، كايران ، وهذا خطأ سياسي واستراتيجي كبير . وغاب عن الصحفي القيدوم أن داعش كيان مصطنع ، شبيه بالكيان الصهيوني ، يتم تزويده بجميع الاحداثيات والاستراتيجيات والخطط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل ، وبعض دول الخليج المتورطة في الموضوع حسب تصريح نائب الرئيس الأمريكي نفسه ، وحسب كثير من المحللين السياسيين العالميين ؛ شرقيين وغربيين . هل تمتلك داعش أقمارا اصطناعية لرصد تحركات ثلاث جيوش مدعمين بقوى شعبية ؟ . ومن يمدها بالأسلحة التي لا تمتلكها دول من حجم سوريا والعراق ؟ ، بل كيف خرجت من تكريت سالمة غانمة ولم يتم قتل أي عنصر منها أو اعتقاله ؟ . وأسئلة أخرى ؟؟؟؟؟؟ .
ان الأهداف الأربعة التي حققتها عناصر داعش لا يمكن تحقيقها الا في ظل وجود جيش هجين لا يمتلك من مقومات الجيش المؤهل لخوض حرب تأخذ طابع حرب العصابات أكثر من طابع الحروب التقليدية .
ان ما يمكن استنتاجه من هذا اللعب الصحفي الصبياني ، أننا لم نملك بعد عقولا استراتيجية ، تبحث في الخفايا الواضحة عبر قرائن ودلائل وشهادات وتاريخ متسلسل لاستراتيجيات دولية ثابتة في المنطقة ، اللهم بعض الاستراتيجيين اللبنانيين . وعوض ان نمنح لقرائنا سبل القراءة الصحيحية نزيد في تبليد عقولهم وتعمية بصائرهم ، وقيادتهم كالقطيع لمذبح المجهول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناشطون في كورك الأيرلندية ينظمون فعاليات دعما لفلسطين


.. كاميرا الجزيرة توثق استهداف الاحتلال سيارات الإسعاف في حي تل




.. الجيش الإسرائيلي يدمر منزلاً على ساكنيه في مخيم البريج


.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا




.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق