الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجارب وخلفيات الحركات الجهادية في سوريا

ناصر اليونس

2015 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


من يريد التحدث عن فكر الجهادي السلفي الحديث وفهم الصراع الدائر بين التنظيمات الجهادية في سوريا وأهمها تنظيم القاعدة وداعش لا بد أن يعود إلي مدرسة جلال آباد التي كانت السباقة في إعادة إحياء الروح الوهابية القديمة وحركتها في نجد وانتشارها في الدرعية , و أهم شخصيتين كانتا في جلال أباد هما عبد الله عزام الزعيم الفكري الذي كان يصدر جريدة الجهادية في بيشاور أواخر الثمانينات و الشخصية العسكرية الفذة أسامة بن لادن وهذا الأخير كان المؤسس لتنظيم قاعدة الجهاد والممول الرئيسي له ولغيره من التنظيمات التي كانت يستميلها لصالحه بالمال أو إنها أحيانا كانت تجد مموليها الخاصين من دول الخليج وتفك ارتباطها مع بن لادن , لم يكن وضع التشكيلات في أفغانستان في الثمانينيات مختلفا عما هو في سوريا الآن تنظيمات متعددة من ممولي مختلفين يعتمدون التشدد وأراء محمد بن عبد الوهاب السلفية وفتاوى ابن تيمية وكانت الصراعات بين تلك التنظيمات من طرف والقاعدة والقادة العرب من طرف أخر او بين تلك التنظيمات نفسها وهذه التشكيلات ضمت بقايا المجاهدين الشيشان الذين فروا من بلدهم بعد أن جلبوا القبضة الفولاذية الروسية لبلدهم وأبو مصعب الزرقاوي الأردني واسامة ازمراي وكانت له قوة عسكرية مهمة في جلال آباد ولم يحب فكرة سيطرة بن لادن رغم تنسيقه معه وحركة طالبان بقيادة الملا عمر التي تمكنت من حسم الصراع العسكري لصالحها بعد حرب أهلية كل فترة التسعينات حيث أقامت دولة لها عاصمتها كابول واحتضنت تنظيم القاعدة بعد عودة أسامة بن لادن من السودان بعد خلافه الشهير مع الحكومة السعودية وبعد أحداث أيلول رفض الملا عمر تسليم بن لادن للأمريكان وادعا انه لا توجد أدلة كافية لثبوت تورط بن لادن في تفجير البرجين وحصل الغزو الأمريكي وقوة التحالف الأطلسي لأفغانستان وسقوط كابل في يدهم في عام 2001 .
القاعدة رغم مركزيتها في القيادة إلا إنها لم تكن مركزية في التنفيذ والعمل وكان لكل بلد قيادته الخاصة به وأبو مصعب الزرقاوي الذي ذهب إلي العراق وأسس مجلس شورى المجاهدين من بقايا المقاتلين والرافضين للاحتلال الأمريكي وبعض أفراد القاعدة وبقايا البعثين الذي اخرجوا ظلما من وظائفهم من قبل حكومات الاحتلال الأمريكي والإيراني والمجاهدين الأجانب الذين قدموا للعراق لمحاربة الاحتلال وهنا انفصلت العلاقة الغير مركزية أصلا مع القاعدة وبدأت الخلفيات لا السياسية والعسكرية تظهر بل الدينية أيضا وبدأ نجم هذا المجلس بالظهور ليصبح دولة الإسلام في العراق ثم في العراق والشام وما يعرف ب داعش .

أهم الاختلافات الفكرية بين تنظيم القاعدة والتنظيم الجديد داعش :

1- مسألة الخلافة :
تنظيم القاعدة الذي ضم التنظيم الجهادي في مصر وقائده أيمن الظواهري كان هذا الأخير متأثر في فكر سيد قطب وخاله محفوظ عزام هو تلاميذ سيد الاوفياء وحتى ابن لادن يعتقد أن صهره محمد جمال خليفة كان من أشد المتأثرين بسيد وأن الخلافة الإسلامية لا بد ان تشمل كل بلاد المسلمين و هو لا يجرح بالخلافة العثمانية بل يعتبرها شرعية وهذا ما يختلف معه قادة داعش ذوي الخلفية السعودية الوهابية التي هي قامت أصلا في نجد تكفيرا للعثمانيين باعتبارهم مخالفين للشرع الإسلامي أولا من خلال البدع التي احدثوها وكونهم غير عرب قرشيين ولا تجوز مبايعتهم ولذلك تجد تركيز داعش علي قرشية خليفته أبو بكر البغدادي .
بينما تنظيم القاعدة وبلسان ابرز قادته الظواهري قال في تسجيل سابق له انه يجوز مبايعة غير العرب للخلافة كما فعل المسلمون في الخلافة العثمانية و مبايعتهم للملا عمر الأفغاني البشتوني , وهذا الخلاف يظهر سياسيا بشكل بارز حيث شاهدنا الظواهري وهو يشيد بمرسي الرئيس الاخواني وبالثورة المصرية والثورات العربية كونها نواة لتوحيد كل الأمة , بينما يرفض داعش ومنظريه فكرة وصول مرسي للحكم بالانتخابات ويعتبروها كفر واضح .

2- يعتمد تنظيم القاعدة التوسع اللادراي اللامركزي في البلدان من السودان للعراق لسوريا لافغنستان وباكستان لأمريكا ولخلايا متواجدة حول العالم فهو لا يريد ان ينحصر داخل حدود جغرافية تسهل القضاء عليه وذلك لتجربته الطويلة في أفغانستان والحروب التي هددت مصيره أكثر من مرة .
اما داعش فهو يعتمد السيطرة الفعلية علي الأرض وخاصة بعد إعلانه خلافته والتمدد جغرافيا بأي ثمن ممكن.

3- تنظيم القاعدة لم يكن يعتبر في أدبياته أن الشيعة وإيران هما العدو الأول لمشروعه الإسلامي إلا في مرحلة متأخرة بعد الصدام المباشر في العراق بل كان جل توجهه باتجاه الغرب وأمريكا وان العدو هو الصليبين واليهود وتحاشا تكفير الشيعة , بل أخذ الظواهري أكثر من مرة التنظيم العراقي مأخذا عديدة منها تكفير عموم الشيعة والعمليات الانتحارية بحق المدنين منهم .
وهنا داعش هزء من تنظيم القاعدة واعتبر أسامة بن لادن مرجئ والظواهري منحرف عن العقيدة .

4- داعش عادت بإحياء الوهابية الأم وخاصة أفكار ابن عبد الوهاب وحركته الاولى في نجد من تكفير كل المخالفين لهم واستباحة دمائهم وأموالهم , وهذا ما تتحاشاه القاعدة وبالأخص النصرة في سوريا حيث اعتبر قائدها الجولاني أن الأمة كانت مضللة فترة طويلة من الزمن ويجب هدايتها بالتي أحسن وتجنب الاصطدام المباشر مع الناس لتكوين حاضنة شعبية تكون عونا لهم وخاصة بعد أن وقف كثير من المسلمين ضد فكر القاعدة وأسلوب المفخخات التي طالت الأبرياء في العراق واليمن وهنا نتذكر حادثة مستشفى العريضي الذي اقتحمته القاعدة في صنعاء وتبين أن جل المقتولين هم مدنيون من أطباء وممرضين و مرضا .

_ لكن قد يحدث تناقض في تصريحات منظري وقادة القاعدة أنفسهم , فعلى سبيل المثال عبد الله المحسيني المقرب من جبهة النصرة وهو وهابي الخلفية كفر باقي الفصائل العسكرية التي تقاتل النظام بحجة إنها مع الديمقراطية أو تتلقى تمويلا من الخارج ليعود بتجربة القاعدة إلي نقطة الصفر في جلال أباد و الي الروح الوهابية التي نشأت منها وهذا بسبب اللامركزية لتنظيم القاعدة الذي اعتمد منذ البداية في تمويل الحركات الأصولية وتدربيها دون الارتباط المباشر بعملياتها .
تجربة الجهادية السلفية وصراعها الداخلي بين الفصائل وتكفير بعضها بعضا من أفغانستان للعراق لسوريا لا جديد فيه و لا تجد مشروع إسلامي موحد إلا في أدبيات بعض القيادات التي خاضت كل هذه التجارب وبات صوتها ضعيفا أمام القيادات والعناصر الجديدة التي تمارس العمل العسكري علي الأرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز