الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلنطلق ثورتنا الآن

مناف الحمد

2015 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في أواخر عقد السبعينيات من القرن الماضي كان أعضاء حزب العمال الثوري في دير الزور يتدفقون حيوية وحماساً، وكان أعضاء حزب الإخوان المسلمين يجتمعون في المساجد لتدارس العلم الشرعي والفكر السياسي الإسلامي، وكان الماركسيون من تيار رياض الترك لا يقلون نشاطاً واندفاعاً.
كان الاستقطاب الريفي الحضري ضعيفاً، وكان الشباب يتمتعون بإحساس عال بالكرامة وبدرجة لا يستهان بها من الوعي.
الهزة العنيفة التي أحدثها شباب الطليعة المقاتلة واستثمرها نظام الأسد استثماراً أكثر من ناجح لتكريس استبداده وتسلطه أفقدت المجتمع بوصلته وألقي في غياهب السجن من ألقي وشرع من نجا في البحث عن بديل.
لم يكن خطاب اليساريين رغم تقدمه قادراً على استيعاب ما جرى، ولم تنفع طروحات ياسين الحافظ في منح الشباب المؤمنين بها قدرة على القبض على فحوى الأحداث.
الغيبيون من القريبن للأحزاب الإسلامية ممثلاً بحزب الإخوان تفاوتوا في درجة يقينهم بما يبشرهم به النص الديني، فانسلخ الأضعف يقيناً منهم عن جماعته ووصل الأمر ببعضهم إلى ارتياد محلات الخمر؛ لكي يثبتوا لعناصر الأمن أنهم لم يعد لهم صلة بذلك الفكر، واليساريون ممن ظلوا على قناعتهم بنصوص منظريهم غادروا إلى حيث يكسبون لقمة عيشهم، وقد ضعف ارتباطهم بالقناعات بعد أن أثبتت فشلها في التعاطي مع مجريات الواقع.
أحد شباب الإخوان ممن عاصرتهم عندما كنت صغيراً، وحضرت له درساً في المسجد الحميدي آنذاك وكان يتحدث فيه عن هجرة المسلمين إلى الحبشة لم ينكشف أمره في أوائل الثمانينيات، ولكنه ألقي القبض عليه بعد ذلك بسنوات وقضى في المعتقل ست سنوات خرج منه يحمل الأفكار نفسها ويكفر البعثيين والقوميين والاشتراكيين، ويكرر أن لا سبيل إلى التعامل مع النظام إلا بالقوة.
أما من استهلكتهم عجلة العمل في الخليج فصار بعضهم يتحدث عن لا جدوى العمل السياسي؛ الأمر الذي لا يمكن فصله عن تحسن أحوالهم المادية واطّراحهم عبء الهم المعاشي الذي كان أحد أسباب إحساسهم العالي بضرورة العدالة الاجتماعية التي تنادي بها الماركسية.
عندما قامت الثورة انخرط هؤلاء جميعاً فيها بأشكال مختلفة، ولكن اللافت أن انخراطهم فيها جاء على الخلفيات الهشة نفسها فقد ظل اليساريون ينظرون إلى ذواتهم النظرة التي تعلي من قدرهم، وتكرّس نخبويتهم الموهومة واستمر الإسلاميون في التحرك ضمن منظومتهم المغلقة التي تفتقر إلى التصور الاستراتيجي الذي جرّ الويلات على سوريا في الثمانينيات رغم كل ما قًدم من أطروحات نظرية من قبلهم قبل الثورة عن الإصلاح والتطوير، والتي تبين أنها لم تكن أكثر من قشرة سرعان ما ذهبت أدراج الرياح.
لم يجد شباب الثورة في كل التيارات مرجعية تنظم حراكهم، واندفعت المرجعيات المفترضة لاسترضاء الحراك الشبابي لكي يكون لها موطئ قدم في ما يجري ولكن بالأدوات العتيقة البالية نفسها.
مفرز الحراك الشبابي الذي لم يقد بفكر، والفكر الذي يقتات من نفسه كان فراغاً ملأه إجرام النظام، وتصدره التطرف الذي فرض نفسه كواقع يسرق الضوء والمشهد.
لم تبدأ الثورة بعد فلنطلقها الآن!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة