الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحر و الصور الغامضة

دارين هانسن

2015 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لن استطيع استعادة تلك الصور التي عبرت خيالي تلك الرحلة الان . انا حيث انا اليوم استطيع على الاقل تربيت كتف صديقي الجديد الطفل الذي صارت حياته أمانة في عنقي والنظر في تلك الصور البكاء مرة، والبحث عن الكاس القادمة معا وهم هناك يبحثون عن سبيل للهرب من الهلاك الذي خلقه الهلاك الاول
لا الومك صديقي فانا هنا أعيد كتابة سيناريوهات جديدة تتناسب مع بشاعة الغموض
لو تدرين! لو أرسلت لي الكاميرا في الوقت المناسب فلن تصدقي حجم المأساة التي يعانيها الناس هناك. أطفال صغار وحدهم يواجهون الموت لا يفقهوا ما هو القادم وما هو المخطط ، يفرحوا بالألعاب التي يحصلوا عليها بالسندويش المعلب بالوداع، بقبلات أم بالنسبة لهم عادت إلى طبيعتها لا يفهموا بأنها قبلات الوداع وبأن تلك الأمواج ستتقاذفهم كحجارة صغيرة إذا حالفهم الحظ رمتهم على الشاطئ أو صاروا طعام للأسماك.
صوت الهاتف يعلن عن انقطاع شبكة الانترنت أعاود الإتصال به على الفايبر لا إجابة.. أنشغل بالنظر إلى ما وراء نفسي، إلى العقم الذي أصاب إنسانيتنا، أسرح بقصة الفتاة الصغيرة التي قابلتها في سفراتي وحديثها عن ذاك الرجل الذي بدا على هيئة رجل باريسي محترم ببدلة معطرة خطوط الكم بارزة طيتها، عن كلامه عن الحرية والللازورد الذي يملأ تلك الأرض عن الضحكات والمسرح والكتب الصغيرة، عن الثورة وقسوة القاتل والحرية وحقوق المرأة والطفل، وهما يسيران في تلك الشوارع الضيقة في تلك الحارة القديمة، نظرت هي حولها تريد أرضاً ترتطم بها كي تفيق من تلك الاحلام التي تبدو شبه مستحيلة أو أبعد من الخيال.
موبايلي دائما صامت لا أحب زعقة رنينه، لكن بين الفينة والأخرى أتفقد إذا كان قد عاود الإتصال. لا مكالمة فائتة على الفايبر. أطلب رقمه مرة أخرى. بصوت يرتجف بردا كالغريق يجبني
حبيبي لو كنت معنا في تلك الرحلة، القارب لا يتسع لأكقر من عشرين شخصا لكننا كنا ما يقارب المئة، أغلب من كان على القارب شباب صغار مثلي أطفال ونساء، بعض الرجال والمهرب، الحرارة كانت عادية، بدأ الماء يتسرب، تفقدت سترة النجاة التي يرتديها صديقي الصغير، ضيقتها قليلا حوله كي لا تسقط إذا سقطنا في الماء، بكاء النساء والأطفال بدأ يعلو، والمهرب يصرخ بنا أن نخرس، حاولنا أن نقول بأن المركب يغرق، وهو يقول بأننا يجب أن نحافظ على توازنه، أن نتوزع على الأطراف، مسكت بيد الصغير سحبته إلى صدري أحاول تهدئته، هو ليس خائف عمره أقل من تسعة بأشهر. لم يتعلم معنى الخوف الحقيقي بعد
تون تون تون الشبكة ضعيفة مرة أخرى، أنتظر قليلا على الخط، أغير مكاني ربما ضعف الشبكة من عندي، ينقطع الاتصال،
قبحا لموت منه أهزأ لعهر عربي يختبئ خلف عمامة أو عباءة طويلة خلف جهل ديكتاتور وغباء جنوده، ليت سلاحهم يوجهونه نحو مقره فنرتاح، المشكلة الأن ليست في موت طاغية واحد، فليس في بلدي سوى الطغاة اليوم، الأسلحة في كل شارع وزاوية والغضب يشتعل كالنار في الهشيم.
تلك الفتاة الصغيرة صارت ترتعد خوفا من الحلم، لم تعرف حتى إذا كان ذاك الباريسي سيساعدها أم يغتصب طفولتها، حيرتها بدأت تحرض دموعها التي غطت وجهها، لم ترى بقعة الماء المليئة بالطين، علقت رجلها غطى الطين بنطالها المتسخ، استندت بيدها على الحائط وهي تحاول نزع الطين، وعيونها لا ترى شيء من خلف ضباب الدموع سوى البيت الذي تهدم وصورة جسد أخيها الصغير يطير في الهواء في الفراغ إسر القذيفة التي سقطت في غرفة الجلوس بينما هو يحضر وظائفه المدرسية، تحاول أن تمسح دموعها لتبعد معها تلك الصورة حين سقطت يد أخيها وسقط بعدها كامل جسده مغطيا بالدم ويده تمسك بقلم الرصاص الذي كان يكتب به... ليس روايات بوليسية تلك القصص التي يقصها الأطفال علينا، إنها نتاج حروب ودمار يعصف بنا ونحن نسند ظهرنا على الحائط.... شعرت يغثيان شديد ذهبت إلى الحمام لأستفرغ وصورة ذاك الجسد يتساقط ببطء بابتسامة بريئة تجعلني أدوخ أفقد الصلة مع المكان والتوازن، أشعر بلسعة هواء تدخل في مسامات رجلي وتنتشر في باقي جسدي الذي بدأ يتخدر تدريجياَ، ألملم بقاياي وأذهب إلى غرفة الجلوس، أشعل التلفاز، نشرة الأخبار السياسيون ومباراتهم القادمة حول الفوز بالانتخابات، اللاجئون مشكلة تهدد البلاد، غرقى في البحر المتوسط عار على أوروبا، اللاجئون ليسوا مشكلتنا، دع دول الجوار تهتم بهم...
أطفئ التلفاز وأعود كي أكلم صديقي اللاجئ الهارب من غضب المتوسط والموت الأعمى به،
المياه ازدادت في القارب وصرت أخطط لألاف السيناريوهات في رأسي، سأحمل الصغير داخل كنزتي وأسبح أسبح بنا متحديا تلك الأمواج أوصله إلى الشط كي يكون حجر محظوظ وبعدها إن خانتني قواي سأنتظر ببطء وأعيد شريط حياتي ببطء، سأحدث حبيبتي ببطء كي تفهم هرولات جريح يغرق، سأقول لأمي ....... نسبة المياه تزداد في القاربوالصريخ يعلو والمهرب يطلب منا أن نصمت، يخبرنا بأننا سنصل قبل أن يغرق القارب فالمسافة بين الأراضي التركية والأوروبية ليست بعيدة،، الاوروبية أفكر في نفسي أليسوا هم من اشترك في قتلنا بالنظر إلينا بقلب بارد نموت ببطء.. سحبت الولد إلى صدري بدأت أعلمه كيف يقول أنا لاجئ بالانكليزية، حملته بين ذراعي كي إذا سقطنا أستطيع إنقاذه، أغمضت عيني وأنا أدندن له قصة ليلى والذئب التي أصر علي بها،، وصلنا وصلنا بدأ صوت المهرب يعلو، الناس نظرت حولها بدأت تضم بعضها كأنها ولدت من جديد، يجب أن تمشوا مسافة قليلة في الماء قال المهرب،، مستوى الماء كان منخفض جدا... مكست بيد صغيري وأنا أدندن له ما بقي من قصة ليلى... وصل البوليس... أريد ماء هذا أول ما قلته.. أنا الأن هنا مع صديقي.. سأنام قليلاً ونكمل الحكاية غدا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة