الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهد اللوجستي ..مشيمة الجيوش

بشير الوندي

2015 / 4 / 29
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


الجهد اللوجستي ...مشيمة الجيوش
===========
مدخل
==========
لايختلف اثنان في اهمية التخطيط الاستراتيجي في كل مراحل بناء الجيوش وفي مرحلة استخدام تلك الجيوش لتحقيق اهداف سياسية , او في معارك التحرير .
ولعل من اخطر الجوانب الواجب توافرها للتهيئة لاية معركة هما جانبان حيويان , اولهما : الجانب الاستخباري الذي يجعل المخطط لمعركة ما يدرك كل حركات وسكنات العدو ونقاط ضعفه وقوته , فتصبح العمليات الاستخبارية بمثابة عيون القائد المخطط والميداني للمعركة على حد سواء , فحين تنظر بشكل صحيح خلف خطوط العدو ,ستفكر بالتالي بشكل سليم وتخطط بشكل واضح وتقود بالتالي معركة ناجحة .
اما الجانب الثاني( وهو موضوع مقالنا )فهو الجانب اللوجستي الذي يشمل التموين والنقل والامداد والاخلاء اي انه يعني باختصار المشيمة التي تربط القوة المهاجمة والتي تمدها بالطعام والماء والسلاح والعتاد وتخلي جرحاها وتوفر لها كافة المستلزمات فلاقيمة لقوة اي جيش مهما كان مدججا بالسلاح اذا قطع عدوه عنه الارزاق والماء, فحينها سيتساقط الجنود جياعا وعطشى دون ادنى قدرة على المقاومة ايا ً كان نوع السلاح الذي يستخدمونه , وهنا تكمن اهمية التموين في الجيوش , ففي الحرب العالمية الثانية, تميز الألمان بسرعه النقل ,والبريطانيون بالتموين السريع والمتنوع , فيما تميز الأمريكان بالأخلاء السريع للجرحى .ومثل تلك الميزات لها ادوار خطيرة في تحقيق النصر في المعارك. =================
مبادي التخطيط العسكري لاية معركة
===================
تختلف استراتيجيات المعارك وفق طبيعة المعركة ونوعها وادواتها , فهناك حرب شامله وحرب استنزاف وحرب مدن وحرب عصابات وحرب نفسيه وحرب نووية وحرب الكترونيه وحرب جوية وأخرى بحريه وووووالخ,وفي اغلب الاحيان تكون هنالك عدة انواع من تلكم المعارك في آن واحد .
ومما لايخفى على القاريء اللبيب , فان الاستراتيجية (وهي اصطلاح عسكري صرف استخدم لاحقا في السياسة والاقتصاد) هي علم التخطيط وفن اداره الحرب , وهي على ثلاثة مستويات 1- الاستراتيجية العليا او الشاملة وهي استراتيجية الدولة في مواجهة تحديات او في تحقيق طموحات مستقبلية.
2- التخطيط الاستراتيجي لحرب محددة بعينها في منظورها الكلي.
3- تخطيط تعبوي لمعركة محددة كالتخطيط لمعركة تحرير مدينة ما.
ومن ابرز مباديء التخطيط العسكري للحرب مجموعة خطوط اساسية اهمها :
أ- مطابقة الهدف مع الإمكانيات المتاحة : وهو امر في منتهى الخطورة لانه يعني ببساطة منع اي قائد عسكري من القيام بمغامرات غير محسوبة والتضحية غير المبررة بدماء جنوده من اجل نصر زائف او تهور طائش(وهي احد الاسباب التي لازلنا نعاني منها في معركة العراق ضد الارهاب والتي نرى انها اسالت دماءاً بلامبررات كافية احياناً)
ب- متابعه الجهد وعدم أضاعة الهدف .
ج- اختيار الخط الأسهل للهجوم او للدفاع.
د- استثمار الخط الأضعف للعدو .
هاء- اختيار خط الأهداف المتناوبه المدونه في التخطيط مع المتغيرات

و- عدم زج كل الطاقة المتوفرة للقائد الميداني مما يوفر له الزخم المستمر في المعركة , وتشمل الطاقة هنا كل شيء ابتداءا بالدماء وانتهاءا بالطعام والعتاد.
=================
هيئة الركن..مجلس ادارة الدماء !!!
=================
وهنا ياتي دور هيئه الأركان ,وواجبها اتخاذ الإجراءات العملية المناسبة للوسائل الموضوعة تحت تصرف القائد للوصول إلى الاهداف الحربية وتحقيق النصر باقل الخسائر في الارواح لان معادلة النصر وتضحيات الدماء هي معادلة دقيقة تتطلب تخطيطاً وتهيئة على اعلى مستوى وهي مصداق للاية القرانية (واعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )لان عمل الاركان هو في دقة الاعداد لكل تفصيلة في المعركة وهو اعداد يتطلب اعلى المهارات , لان ثمن اي خطأ فيها هو سيل من الدماء الطاهرة , وتشمل هيئه الركن مجموعة اختصاصات تخدم التخطيط وتنظيم الموارد والتفاصيل وتقدير الموقف والمتغيرات والاحتمالات ووضع علاجات لها
وتقسم الجيوش أركانها إلى اربعة او خمسة جوانب رئيسية ,
الاول فيها هو ركن العمليات او الحركات ويتفرع منه التخطيط والاشراف على نوع التسليح والتجهيز و إصدار أوامر الحركات وإعداد كراس التدريب والمناورات والاشراف على التطوير القتالي ومواقف العمليات والبيانات وتحديد الاولويات
الركن الثاني هو الاستخبارات ويعني بأخبار العدو, والتحقيق مع الاسرى وأمن القطعات وكل ما يكون بين جيوشنا والهدف(العدو) وتشكل الحرب النفسية احد جوانبه المهمة.
الركن الثالث وهو الاداره بكافة تفرعاتها الفردية والعامة مثل الرواتب والأموال والميزانية والموقف الإداري للمقاتلين.
الركن الرابع التموين والنقل وهو أصل مبحثنا ,وهو أحد أهم أركان هيئه الركن,وتضيف بعض الجيوش التدريب والحالة المعنوية كركن خامس , الا ان الشائع هي الاركان الاربع الآنفة ==========
الامداد.. المشيمة
==========
ان الاسناد الفعال للمعركة , هو الإمداد في الوقت والمكان المناسبين, ونقصد بالامداد هنا بانه عمليه التكامل بين النقل والتموين والتخزين والصيانة , و التخطيط العسكري العام الذي يشمل ابواب التطوير وتحديد المتطلبات والتعاقد على السلاح وكافة متطلبات المعركة والتجهيز , ويشمل كذلك التخزين المركزي والحركة والتوزيع المركزي والصيانة والاخلاء بخطوطهم العريضة
ويشمل الاسناد العسكري اربعة مراحل :
1- إسناد تنظيمي للمجاميع الصغيره من مقرات الأفواج والكتائب
2- إسناد مباشر ويكون من مقر اللواء إلى الافواج
3- إسناد عام ويكون من مقر الفرق إلى الالويه
4- إسناد مركزي .... من مقر الجيوش إلى الفيالق والفرق.
=============
مبادي التموين
============
ان تموين الجيوش وتوفير امداداتها في احلك الظروف هو هاجس جيوش العالم , ويخضع دوما الى دراسات وتطوير الامكانات وتحديد الطرق المبتكرة في الامداد المستمر , فلم يعد ممكنا الركون الى اخبار هنا وهناك عن افواج او قوات عسكرية حوصرت ونفد منها الطعام والماء والعتاد , لان مثل هكذا موقف يعد سبّة على اية هيئة اركان في الجيوش , وهو امر تكرر للاسف لمرات عديدة في معاركنا ضد داعش منذ معارك الفلوجة التي سبقت سقوط نينوى بيد الارهاب . وتتلخص مباديء التموين بمجموعة اعتبارات تدار في جيوش العالم بحنكة متناهية ومرونة عالية ومنها : التنبوء بمعنى تقديرات الموقف , والتكامل الذي نعني به توفير جميع المستلزمات للوحدة العسكرية وللجندي, وكذا في الاستجابة السريعة في الإمداد بالوقت والمكان المناسبين بعيدا عن التعقيدات وبمرونة عالية مع ضرورة الاقتصاد في الضخ اللوجستي وضمان توفير الحد الادنى واهمية الارتجال ونعني به ذكاء وحنكة ضابط الميرة والتموين والنقل في إيصال المطلوب بشكل انسيابي ومستدام وفق تطورات الموقف.
============
دروس من الجزيرة
=============
ولعل من ابرز دروس الحذق والحنكة في مجال التموين والنقل , هو ماكان يفعله المجاهدون في الاهوار والجزيرة ضد نظام الطاغية صدام .
فنقلاً عن يوميات مجاهدي الاهوار وذكرياتهم فان مجاميعهم القتالية كانت تتألف من 15 الى 20 مقاتلاً , وفي احوال محددة قليلة كان العدد يصل الى 40 مقاتلاً , وبرغم صغر المجاميع القتالية الا انهم كانوا يتميزون بقدرة فائقة على التحضير للعمليات التي تستغرق اياماً رغم ان الهدف المراد مهاجمته لايستغرق تنفيذه اللا اقل من ساعة او بضع دقائق احياناً.
كان موكب اركابهم يتكون غالباً من ثلاثة سيارات بيك آب دبل قمارة , واحدة منها كانت محملة بادوات مطبخ وتموين وتنور وطحين ورز وسكر وشاي وبنزين وماء , واخرى محملة بسلاح وعتاد بكميات كافية تعادل ذخائر سرية كاملة بالاضافة الى حقيبتين مملوئتين بادوات الاسعاف والضماد والادوية , وسيارة ثالثة محملة ببطانيات وملابس ومستلزمات المقاتلين ,عدا عن اسلحة و اعتدة وصواريخ مدفونة في محيط المنطقة التي يناور فيها المقاتلون , وعدا عن قطيع صغير من الخراف المسلمة لرعاة في الجزيرة مقابل اجور , وتجلب منها عند الحاجة ذبائح للمقاتلين ,وعدا عن اتفاقات سرية مع متسوّقين للخضار كل ثلاثة ايام , حتى ان احد المقاتلين يعلق قائلاً: لم نعاني من اية معضلة في التموين والسلاح والارزاق الا في مسألة واحدة صعبت علينا وهي تهيئة قوالب الثلج للمقاتلين !!!.
وبالفعل , من 1991 حتى سقوط نظام صدام عام 2003 لم يحصل ان حوصر المؤون او السلاح والارزاق لهؤلاء المقاتلين , رغم انهم في صحارى وصراعهم مع النظام ومع الطبيعة , و كانت الحكمة الذهبية لديهم تتلخص في القتال حتى الموت , فلا اسير في معارك المعارضة, وانما هو تعذيب حتى الموت او اعدام,عدا عن قتل عائلتك حتى الدرجة الثالثة . =========
اين الخلل؟؟!!
========
ابرزت معركتنا مع الارهاب خلال معركة الفلوجة وماتلاها من تداعيات , مشاكل وتعقيدات لوجستية في الامداد والتموين كلفتنا سيلاً من الدماء الطاهرة , من خلال ثغرات لابد من ان نردمها .
واول هذه المشكلات مشكلة الضيفيات وتاثيرها على التموين والامداد والنقل,ذلك اننا اعتمدنا على تقسيمات قيادات العمليات , لا على المقرات المتكاملة .
ومشكلة قيادة اية عمليات انها بركنين فقط هما ركنا الحركات والاستخبارات ,وهنا تبرز معضلة التموين والنقل والامداد والاخلاء , فمثلا لدينا فرقة عسكرية او من الشرطة الاتحادية مقرها في البصرة , تقوم القيادة العامة بارسال لواء من تلك الفرقة البصرية الى قيادة عمليات الانبار , حينها يتبع اللواء البصري عسكريا قيادة عمليات الانبار , لكنه حين يدخل المعركة فان تموينه ونقله وعتاده وماءه ونقل جرحاه كلها تقع على عاتق فرقته في البصرة !!!!!!, ولادخل لقيادة عمليات الانبار في تموين اللواء وهذه كارثة, سببت الكثير من الارباك اللوجستي بسبب الضيفيات المضطربة , وهو ذات الامر في انتشار الفرق والالوية على مساحات شاسعة مما يؤثر سلباً على دعم افواج والوية الفرقة لوجستيا .
ناهيك عن ان التموين والامداد هما من الجوانب المغرية للفساد المالي , مما يتطلب وجود رقابة تفتيشية على مخازن الامداد والتموين .
وقد ادى تهور بعض القادة الميدانيين في اندفاعات غير محسوبة لتحقيق انتصارات ومجد شخصي كما اسلفنا , الى معضلات لوجستية استغلتها المجاميع الارهابية في حصار مجاميع من قواتنا وتجويعهم وابادتهم , ناهيك عن نقص الكفاءة بالضباط الميدانيين وضباط الركن.
ولامجال هنا لتنصل بعض القادة الميدانيين من مصائر من هم بامرتهم من المراتب, فالقائد الميداني ليس مسؤولاً فقط عن دماء الجنود واعدادهم وطعامهم لكنه مسؤول ايضاً على الحفاظ على معنوياتهم وعدم تخاذلهم وابعادهم عن الاسر ومنعهم من الانسحاب ======
خلاصة
=====
للتموين والنقل اهمية قصوى لاتقل عن اهمية الاستخبارات , فاذا كان الاستخبار يكشف لنا نقاط ضعف العدو بغية خرقه , فان الامداد اللوجستي لقواتنا هو تعزيز لقوتنا في مواجهة العدو وقديما قالوا:
إذا اُعطيتُ ثمانية ساعات لاقتطاع شجرة , فسأقضي سبعاً منها في شحذ فأسي !!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسط إقبال مكثف.. فرنسا تجري انتخابات تشريعية -مختلفة-، لماذا


.. بعد أدائه غير المقنع.. بايدن يجتمع مع عائلته لمناقشة مستقبل




.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف الانتخابات في إيران بـ-عملية


.. قراءة عسكرية.. القسام تبث مشاهد جديدة من تجهيز عبوات -العمل




.. -مش احنا الي نرفع الراية البيضاء -.. فلسطيني من غزة