الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخوان المسلمون .. جُناة أم ضحية

أحمد محمد منتصر

2015 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


التاريخ يكتبه المنتصر , حقيقة لابد أن نعترف بها لذلك لن أتطرق كثيراً إلي تاريخ الإخوان المسلمين , ولكن سأتطرق بالتحديد إلي المواقف المعاصرة العديدة و تحليلها ثورياً قبل سياسياً التي جعلت من الإخوان المسلمين جانِ تارة و ضحيةِ تارة أخري , فاختلفنا مراراً و تكراراً مع الإخوان و نددنا بحكمهم الغاشم و رغبتهم المتوحشة في الإستحواذ و عدم إيمانهم بالتشاركية و بدأ ذلك يظهر في فترة ملء الفراغ بعد تنحي مبارك , و البعض يأوي إلي تاريخ 19 مارس 2013 الذي يعتبرونه مفترق الطرق و لعل لهذا اليوم أهمية كبيرة بالفعل و لكن الأهم منه هو يوم هتاف الجماهير - الجيش و الشعب إيد واحدة - و يكشف لنا هذا اليوم مدي الوعي الثوري المنحط لدي الجماهير , فالجماهير كانت ضحية حسن نية مفترضة , كانت ضحية عدم وعي و دراية كافية بالدور التاريخي للجيوش النظامية في وأد الثورات و الإنتفاضات الشعبية الكبري , كانت ضحية لنخبة مثقفة لم تنشر الدعايا الثورية الحقيقية و تكوين اللجان المنتخبة و مفوضين عن الشعب خصوصاً بعد كسح الشرطة , كانت أيضاً ضحية لجماعة من ذوي اللحي الذين استكانوا في عباءة الجيش و أصبحوا يقومون بدور المُفتي و المُحلل بل و المُبرر لأحداث قتل الجيش في ماسبيرو و العباسية و مجلس الوزراء و محمد محمود , لذلك اعتبر يوم 19 مارس 2013 يوم الإستفتاء المشئوم - قُل نَعَم و لك الجنة - هو يوم الفرقان الحقيقي , و من بعده إتخذ الإخوان المسلمون طريقاً صريحاً نحو السلطة , و لا سُلطة بدون تفاوض , و لا تفاوض بدون صفقات , فالصفقة أجريت مع المجلس العسكري و الثمن دماء شباب سال و أرواح أزهقت , و للأسف العديد يستعجبون مما حدث , فهذا هو نهج الجماعات الدينية و الأحزاب الإصلاحية .
و لئن سألتهم ما موقفكم من العمال و الإضرابات ؟ موقفكم من التوحش الرأسمالي و الإستثمارات علي حساب البشر ؟ موقفكم من الصهاينة و القوي الإمبريالية ؟ موقفكم من الشرطة المصرية التي قتلت المتظاهرين في جمعة الغضب ؟ موقفكم من مؤسسات الدولة التي تخدم طبقة معينة ؟ و قد آن الأوان لأحد الجماعات الإصلاحية الشعبوية التي اكتسبت شعبيتها من عقود من الزمن فقط لفقر اليسار دائماً علي طرح البديل الحقيقي , فقد مكنت الثورة جماعة الإخوان المسلمين من الوصول إلي سُدة الحكم فماذا فعل الإخوان ؟
أبقي الإخوان علي الهيكل القديم للدولة بمؤسساتها القديمة و كُرّم طنطاوي و عنان بقلادة النيل من قِبل محمد مرسي و أعاد مرسي الشرطة المصرية بهيكلها القذر و في يوم 25 يناير 2013 طلّ علينا - مرسي - بكلمته أن الشرطة المصرية في قلب المصريين و نسيَ ما كانت تفعله الشرطة المصرية في مثل ذلك اليوم من عامين فقط بل و نسي أيضاً أنه كان مسجوناً يومها , العديد و العديد اقترفه محمد مرسي و جماعته بحماقات شديدة و أساليب تتسم بقدر كافي من الغباء حتي أوصلتنا في النهاية إلي ما أبعد من نقطة الصفر , فجأة وجدنا أنفسنا مُقحمين في سيناريو لا نُحسد عليه بالمرّة , سيناريو مقيت لم نعلم توابعه إلا بعد أن تكشّفت معالمه بمرور الوقت , فإذ بأسياد البلاد يريدون إستعادة عزبتهم و تركتهم و تركة أجدادهم من قبل , فمثلما لم تُستغل 25 يناير و تم إخمادها بالدبابات العسكرية التي تمترست في الشوارع عشية 28 يناير و شارك في إخمادها العديد من الإنتهازيين من الإخوان و الإعلام , أيضاً أتي مشهد 30 يونيو بحُلم تحيطه إنتفاضة شعبية ساخطة تراقبه الجنرالات العسكرية من بُعد , و يكأن أم تنتظر وليدها بعد أن أطلقت صرختها , و يا لحماقتنا نعم فلنعترف جميعاً أننا بكل سذاجة و بكل تلقائية لا نُحسد عليها تواجدنا وسط الجماهير و رأينا الجنرالات و الضباط يحومون من حولنا و يُرفعون علي الأكتاف أمامنا و لم ننشر دعايانا الثورية الحقيقية , و غابت خطاباتنا فسُرقت الثورة مرة أخري بقوة السلاح و بأمر الجنرال العسكري عبدالفتاح السيسي و بمباركة شعبوية و بتفويض دموي ثم ماذا بعد 3 يوليو ؟
و ما ذكري يوليو ببعيدة يا سادة , فبعد إنقضاض بعض الضباط المتآمرين علي الإنتفاضة الشعبية التي اشتعلت في الشوارع المصرية يوم 26 يناير 1952 و أعلنوا إنقلابهم في 23 يوليو من نفس العام , فها هو الجنرال عبدالفتاح السيسي يعلن إنقلابه العسكري و يُنصّب نفسه علي عرش البلاد بعدها بشهور قليلة بعد ما أتم مهمته في ما أسماه حرب علي الإرهاب و الحقيقة هي حرب علي الشعب و الفقراء و كل من له صوت معارض فبدأ بسحق الإخوان المسلمين بداية من مجزرة رابعة العدوية و النهضة التي راح ضحيتها الآلاف و إعتقالات بالجُملة من الشوارع و البيوت و الجامعات و محاكمات للقُصّر و هكذا أعلنها السيسي حرب علي الجميع , الجميع يُقتل في الشارع و داخل أسوار الجامعة و علي الحدود و في البيوت و لا صوت يعلو فوق صوت الدولة , لا بل دولة عبدالفتاح السيسي و فقط , إنها دولة السيسي وحده لا شريك له .
هكذا أصبح الإخوان المسلمون جناة تارة و ضحية تارة أخري , فبحماقتهم و جشعهم السلطوي اتركبوا من الجنايات العديد و العديد بحق تركهم للثوار و بحق التحايل علي الشعب بِسم الدين , و يا للعجب فمن كان بالأمس وزير دفاع بنكهة الثورة اصبح اليوم القاتل الفاجر , و لا أحد يُنكر ما يُفعل اليوم و ما يُمارس تجاه الجميع و خصوصاً الإخوان المسلمين , إن ما نشهده اليوم في محاكم العُهر المصري من براءات بالجملة لمبارك و أولاده و رجاله و في المقابل إعدامات و مؤبدات بالجملة لقيادات الإخوان و إعدامات لأطفال أيضاً ما هو إلا العُهر بعينه , إني لا أدافع عن الإخوان المسلمين و لكن إنهم يُحاكمون بقانون إنتقامي و من يُحاكمهم ؟ قتلة يُحاكمون خونة .
إن كانت قيادات الإخوان المسلمين قد اثتأثرت الثورة لصالحها فإننا كباحثين علي الجوهر الحقيقي للثورة مدركين تماماً أن يوماً ما ستكون الإنتفاضة الشعبية الحقيقية حاوية و مُلمّة بكل الأطراف المُغرر بها من قِبل قياداتها و ستحتويها المعاني الحقيقية في كسر الفوارق الطبقية و الرغبة التحررية من قيود عِدة , إنني لا أخص فقط شباب الإخوان المسلمين بل أخص كل من وثق يوم في الحركات الإصلاحية عموماً , فمن الطبيعي أن يكون للحركات الإسلامية الإصلاحية قطاع جماهيري عريض خصوصاً و أن المراحل الأولي للثورات لا يتخللها وعي ثوري كامل , فلا أمل يوماً في الإصلاح , فجماهير التيارات الإسلامية أغلبهم من القطاعات الدنيا الفقيرة , و قياداتهم رجال أعمال من ذوي الطبقة البرجوازية , فالأمل في شن نضالات واسعة لكسر هذه الفوارق الطبقية التي لابد أن يبحث عنها الجماهير عموماً و هذا لن يتأتي إلا بنشر خطابات و دعايا حقيقية من أجل كسب عقول هذه القطاعات العريضة التي تقع ضحية للإنتهازيين .
و الآن و قد أصبح الإخوان المسلمون هم الشمّاعة التي يُرجع إليها النظام فشله و عثراته خصوصاً بعد إلصاق كلمة - الإرهاب - بجانبها , إنني لا أبرر قط عمليات الإرهاب الفردي الممارسة ضد المجندين البسطاء علي الحدود المصرية و معسكراتهم , فمثلما تعثو أيادي الجهاد المسلح من فساد و إرهاب بِسم الدين , أيضاً تعثو السلطات فساداً و إرهاباً متمثلة في جنرالاتها العسكريين و جهازها القمعي - الشرطة - في سيناء تجاه المدنيين و في الجامعات تجاه الطلاب و في الشوارع تجاه العُزل و القُصر , و الآن و السجون تعُج بالمعتقلين المصريين ولا أحد ينكر العدد الأعظم من شباب الإخوان المعتقل , فالسؤال هنا ما الحل ؟ أثورة سياسية إصلاحية تقتلع رأس النظام و تبقي لنا المؤسسات القديمة أم ثورة إجتماعية نواتها القطاع العريض الكادح ؟ لن يُحرَر المعتقلون في سجون العسكر إلا بثورة تطيح بالنظام الحاكم بأكمله , و الإطاحة تعني إسقاط الدولة بمعناها الحرفي و بناء دولة ديكتاتورية الأغلبية ذات القمع الممنهج للأقلية - محتكرو السلطة - فذلك هو الضامن الوحيد للتحرر , الحل الأمثل لعدم الوقوع تحت طائلة قيادات الإخوان و سلطويتهم تارة و الحكم العسكري تارة أخري , فالتاريخ يكرر نفسه بأحداث متوافقة علي مر الزمان و للأسف سذاجة إمعان النظر كما هي , تتناول الأمور بسطحية شديدة و تتغير الأنظمة و القمع سواء , ثورات سياسية و الرأسمالية ما زالت تحكم , و سيظل التاريخ يكرر نفسه دوماً فهل من مُعتبِر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت