الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطبة كازانوفا في البار

مصطفى حنكر

2015 / 4 / 30
الادب والفن


دخل يوبا إلى بار المدينة الذي كان يرتاده منذ مدة .وقف بمجرد انفلاته من بابه المتأرجح بعنف .لا شك أنكم رأيتموه مسبقا في أفلام الوستيرن .هو ذاك الذي لم تره من قبل . تفقد بنظرات متمعنة مختلف زوايا البار طاولة بطاولة .تسمر نظره للحظة كربوت على فتاة كانت تجلس في الكونطوار . هي أيضا من عشاق السكر الكونطواري .بامكانهما الآن أن يتحدثا عن شيء مشترك على الأقل .موضوع السكر فوق الكونطوار وفرادته و تميزه . كانت فتاة شقراء ترتدي تنورة قصيرة ذهبية اللون .أنفها يبدو أفطس قليلا، و عيناها تميلان إلى اللون البني الفاتح .تراسيم وجهها توحي بأنها تلاثينية ، حزر يوبا هذا في طريقة جلوسها على ذاك الكرسي المرتفع ، ويدها اليسرى أسندت رأسها .لابد أن سكرها في نصف طريقه الثاني ،فكر يوبا . الصدفة ، الصدفة أن كرسيا بجانبها كان خاليا .كان ينتظره لهدف سوف نشير إليه بعد قليل .جلس يوبا في مكانه المحجوز من قبل الآلهة .لم يقل شيئا ، فهو يعتقد أنه لا يصلح للحديث الآن .طلب كأس ويسكي بدون مثلجات ، تجرعه بنهم ومرارة . كأس أخرى يتجرعها بنفس الطريقة .ثم الثالثة أخيرا .أشعل سيجارة بعدها ،فلم يكد ينتهي منها حتى أحس بذاته ترتفع من قاعها وهي تسمو شيئا فشيئا . شعر بجسده يتخدر ، من رأسه خصوصا . وهذا هو الأهم ..قال يوبا بصوت خفيض . لم تسمعه الشقرء الفاتنة في الكونطوار ، و لكن بدا لها أن شفاهه تحركت في صمت . نطق أخيرا بفعل الخمر ليقول لها :
آنستي أو سيدتي .إختاري أحدهما حين أنتهي من الكلام ، و لكن هذا لا يهم . ما يهم هو أني لن أتأسف على ما سأقوله لك في هذه الخطبة أو فلتسميها ما تشائين إن كنتي تنزعجين من هذه الكلمة .إني أتحمل كامل مسؤليتي فيما سأقوله بدءا . أنا شخص أعجب بالنساء مند نظرتي الأولى لهن . أنا شبيه بذاك الذي يسمونه زير نساء في الخارج . أنا نظيره في البار ، هنا في الداخل .أنا متفوق عليه بسكري فقط .الشقراء الفاتنة لم تقاطع مداخلته إلى الآن ، إلا أن فمها بقي فاغرا بسبب الخمر وما يقوله يوبا في الآن معا .يستمر يوبا في الكلام . سيدتي ،أنا شخص يمضي إلى الأشياء رأسا ، بما فيها النساء . وليس في هذا تشييئا للمرأة ، حتى لا تسيئي قصدي سيدتي ،فأنا لست من هذا النوع من البشر الذي يشيء كل شيء . أعتذر عن هذا التفلسف الزائد ، لكني حقيقة لا استطيع التخلص منه .مما يسبب لي انقطاعات في التواصل غالبا . لكن سأحاول أن أكون بسيطا ،بالرغم أني لا أحب التبسيط أيضا .إني شخص لا يحب المراوغة في مثل هكذا مواقف بطولية .نعم بطولية ،لأني أشعر بتحد قوي أمامها . برغبة قوية لإثبات الهوية أو ما كان يسمى قديما بالفحولة ، و خصوصا حين يتعلق الأمر بما سأطلبه لك الآن . لن أضحك عليك بتلك المجامالات الذكورية المستهلكة والسخيفة ، بكون "عيونك جميلة" و "شعرك ناعم " و "جسدك رشيق ". و إني أعتقدكي تعرفين سيدتي ما وراءها جيدا . هذا يأتي فيما بعد . أنا لا أحب المرأة إلا في الفراش سيدتي ، ولا أمدحها إلا في الفراش ،ولا يتحدد قدرها ومصيرها معي إلا في السرير . أما هنا ،خارج السرير ، فهن سواسية أمام يوبا ،وإن كانت هذه المساواة أحيانا لا تخلو من ميز عنصري غير مقصود بخصوص تفاصيل جسدية تزيد من رغبتي في اللهاث لتفضل بعضهن عن الأخرى ، ذلك أن الأذواق ديكتاتورية و متسلطة سيدتي ،فهي لا تخضع لما سماه كانط بالأخلاق .أتعرفينه ؟..كانط هذا المسيحي المستتر ..لا ..هذا أحسن .الأجدر بك أن تعرفي كازانوفا أكثر منه .هذا سيوفر علي جهدا أكبر كي لا أتعب نفسي في الإقناع أكثر ..سيدتي هل ما قلته حتى الآن ، بالإضافة إلى أن الصدفة جمعتنا في الكونطوار ، قد يسمح لك بأن نتعارف ..أجابت الشقراء بصوت محتشم وابتسامة طفيفة : أكيد .. قال لها : فلننهض إذا ..إلى أين ؟! سألته باستغراب ..إلى الفراش . لم يكد ينتهي من نطق حرف الشين حتى لطم خده الأيمن بصفعة قوية جدا منها .قال يوبا وهو يشد بيده على خده المصفوع : هذا ثمن الحقيقة ! والأهم من هذا أني لم أكن لأتحمل ذاتي متصنعة ومتحايلة كما يفعل الرعاع .فأنا أفضل أن أكون فظا وبذيئا بهذه الصورة المنفرة على التفنن في الكذب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط