الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة الطرقية

محمد البكوري

2015 / 5 / 1
حقوق الانسان


العدالة مفهوم مطلق ،يبدو في غالب الاحيان متماهي مع كل القيم السامية المتمحورة حول الحق و الخير و الجمال .وعبر التاريخ ، تعددت أوجه العدالة و تنوعت توصيفاتها العملية :*اخلاقيا: كل المبادئ و القواعد المثالية.* قانونيا :احترام القانون القائم وتطبيقه على الجميع ،بدون استثناء او تمييز. *جنائيا: عدم الافلات من العقاب وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة *انتقاليا توطيد صيرورة المصالحات. *اجتماعيا : تكافؤ الفرص من أجل احلال التوازنات الاجتماعية .* سياسيا: التمكين من المشاركة في اتخاذ القرار. *انسانيا :حماية الانسان من المخاطر المحدقة به . كما انقسمت اسسها النظرية الى عدالة تبادلية ، تقوم على المساواة المطلقة بشكلها الحسابي الصرف والى عدالة توزيعية ، ترتكز على مبدأ الاستحقاق ،حيث يحصل كل فرد على ما يستحقه حسب امكانياته و استعداداته و ظروفه . ورغم مرور زمن طويل عن حديث افلاطون عن العدالة كاهم منتجات الفكر الانساني ،فان النظرية السياسية ، لم تتمكن في اطلاقيتها من حسم الامر على مستوى تحديد مفهوم دقيق ونهائي لها . فهي تعني عند ارسطو، السلوك وفق القوانين ورعاية المساواة من أجل غاية واحدة هي السعادة البشرية . وبالتالي ،فالعدالة عنده ،هي الفضيلة الكاملة التي تنطوي تحتها كل الفضائل السامية الاخرى ، وهي بذلك تتدعم بمبدأين هما :مبدأ المساواة ، ومعناه ان الجميع يخضع للقانون بدون تمييز ومبدأ الانصاف ،وهو ان يمنح كل فرد ما يستحقه بغض النظر عن منطق القانون .وتاكيدا لهذا المبدأ الثاني ،يرى جون رولس في كتابه "نظرية العدالة A Theory of Justice "،ان العدالة تقوم على قاعدة الانصاف ، وهي قاعدة تقضي من جهة حق كل الافراد في الاستفادة بالتساوي من نفس الحقوق الاساسية ، ومن جهة ثانية عدم وضع عوائق امام أولئك الذين بحكم مواهبهم الطبيعية أو ظروفهم يوجدون في وضع أحسن ، شريطة ان يكون لباقي الافراد حق الاستفادة ايضا من هذا الوضع . في حين يؤكد اسبينوزا ،ان الدولة هي الضامن للاستمرارية العدالة ، وان هذه الاخيرة ، هي تجسيد للحق وتحقيق له . فلا يوجد حق خارج قوانين الدولة . تطبيقا لكل ما سلف، يمكن تعريف العدالة الطرقية ،ووفق المنظور الانساني ، بكونها هي الاستفادة -وعلى قدم المساواة مع مراعاة قاعدة الانصاف - من الحق في طريق آمنة ، بدون مخاطر، وهي الاستفادة التي تضم في طياتها: السلامة الطرقية ،جودة الطريق، فعالية المراقبة الطرقية ... ولتتحول -عبر ذلك- فيها الطريق الى ضامن لحق الحياة و ليس مهدر له .في هذا الصدد، تفسر المبادرات المعلن عنها بعد الفواجع التي عرفتها مؤخرا طرقنا :الرغبة الحكومية في تحويل اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير الى وكالة بعد توصية من البنك الدولي ،المطالبات الشعبية و الحقوقية في توفير أسس هذه العدالة على مستوى العديد من المناطق التي تعرف هشاشة طرقية ومنها الدعوة وبالحاح الى التفكير الجدي في بناء نفق تيشكا ، المناداة من طرف الهيئات الحقوقية باكتتاب وطني من أجل توفير بنيات طرقية آمنة ... وهي المبادرات المعلنة في ضمنيتها ،عن عدالة طرقية منادى بها من طرف الجميع ، و التي تجد منطلقاتها المرجعية في السياق المغربي من خلال متن وروح دستور 2011 :*الديباجة"ارساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالامن و الحرية و الكرامة و المساواة و تكافؤ الفرص و العدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم " .*الفقرة الثانية من الفصل 6"تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات و المواطنين و المساواة بينهم". *الفصل 19"تمتع -الجميع-(الرجل و المراة) على قدم المساواة بالحقوق و الحريات المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية " .*الفصل 20"الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل الانسان و يحمي القانون هذا الحق".*الفصل 21"لكل فرد الحق في سلامة شخصه و اقربائه وحماية ممتلكاته . تضمن السلطات العمومية سلامة السكان وسلامة التراب الوطني في اطار احترام الحريات و الحقوق الاساسية المكفولة للجميع ". *الفصل 35"كما تعمل الدولة على تحقيق تنمية بشرية مستدامة من شانها تعزيز العدالة الاجتماعية والحفاظ ... ... على حقوق الاجيال القادمة -تسهر الدولة على ضمان تكافؤ الفرص للجميع و الرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الاقل حظا " .ان الدستورالحالي ، وفي اطار حرصه على ترسيخ مختلف أوجه العدالة ، يتحدث عن كل ذلك بمبادئ عامة على الدولة -باعتبارها حسب اسبينوزا هي الضامن للعدالة - قراءاتها القراءة الناجعة ،ان هي أرادت وبعزم ،التجسيد الفعلي لشتى أبعاد العدالة ، ومنها العدالة الطرقية ، التي بامكان وضع التصورات العملية بخصوصها ،تجنيب المغرب ويلات حرب طرق ، تستنزف يوما بعد يوم البلاد والعباد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرس جماعي بين خيام النازحين في خان يونس


.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما




.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع


.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و




.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا