الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحرر المرأة...آفاق وخيارات...

ماجد الشمري

2015 / 5 / 1
ملف - حقوق المرأة العاملة في العالم العربي - بمناسبة ايار عيد العمال العالمي 2015


"ليس من الممكن تغير وضع المرأة تغييرا جذريا الا اذا تم تغيير جميع الشروط الاجتماعية والعائلة والحياة المنزلية"
-تروتسكي-

قضية المرأة ليست قضية سياسية او فكرية فقط،وليست مجرد قضية جندر كما يطرحها الفكر والايديولوجيا النيو ليبرالية البرجوازية.انها ابعد من ذلك بكثير،واعمق بما لايقاس.انها قضية الحرية والتحرر:اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسايكولوجيا،وانسانيا وبكل الابعاد.وهي ايضا مرتبطة ومترابطة بالتحرر الطبقي للشغيلة من هيمنة الرأسمال وعبودية العمل المأجور،ويبقى النشاط النسوي المعزول من خلال منظمات المجتمع المدني قاصرا وعقيما ومراوحا في مكانه،مالم يندمج ويتماهى مع الحركة الماركسية الثورية،وينخرط في النضال الطبقي لجماهير الطبقة العاملة وبكل اشكاله السياسية والمطلبية والاديولوجية.فالتناقض الرئيسي في المجتمع هو تناقض طبقي لاجنسي،وتحرر النساء هو جزء لاينفك عن النضال الطبقي العام.فاضطهاد النساء ليس فقط نتيجة للموروث البطرياركي،والقيم الرجعية المتحجرة المسيطرة والسائدة،بل هو من سمات المجتمعات الطبقية التاريخية التي مرت ولم يبقى سوى (منيتورها) الاخير!!انها مفصل حيوي ومهم من مفاصل الصراع الوطني والديمقراطي والطبقي.فنحن لانستطيع فصل الجنس عن الملكية الخاصة والحقوق السياسية والاجتماعية،فتحرر النساء لايتم الا بتحرر المجتمع وكل كادحيه -وبمساهمة فاعلة للمرأة-من الاستغلال والاضطهاد والاغتراب،واقامة المجتمع اللاطبقي.لذا يجب عدم الفصل بين نضال المراة من اجل التحرر عن النضال العمالي من اجل الاشتراكية،فلا يمكن تحرير النساء بدون السعي من اجل انتصار الاشتراكية،وايضا التطلع نحو الاشتراكية مستحيلا بدون كفاح المرأة.ما تتميز به مجتمعاتنا في المنطقة العربية،هو خمول او ضعف او تشوه الصراع الطبقي،وتمظهره باشكال :دينية طائفية او عرقية شوفينية او غيرها من تجليات طبقية بغطاء من التزييف والتعمية.وهذا مايعيق ويضع جدرانا صلدة امام تفتح الافكار الانوارية والعقلانية والعلمانية وبالتالي للماركسية الثورية،ويترك بالمقابل الطريق سالكا وبدون عقبات لنمو وتجذر النبت الشيطاني للافكار الظلامية والسلفية والمتصحرة في دائرة مقفلة تعيد انتاج نفسها والانتشار كاورام السرطان،لترسخ النظرة الدونية والاحتقارية المتخلفة والذكورية الخانقة للمرأة،ولتبعدها عن المشاركة والفعل في بناء المجتمع الانساني الديمقراطي المتحرر من كل استعباد وقهر.واذا كانت القيم الاخلاقية قد خضعت في كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي للضرورات الاقتصادية والانتاجية،فأن استعباد المرأة رافق المرحلة التي نهضت فيها الاسرة لمعارضة القبيلة،وبزغ فجر الملكية الخاصة،وانقسام المجتمع الى طبقات،ومهد لولادة الدولة كجهاز مسيطروأداة قمع، وفي نفس الوقت كجهاز الطبقة السائدة للجم وضبط التناحرات الطبقية..ففي مرحلة ماقبل التاريخ حيث كان جل النشاط الانتاجي مقتصرا على الصيد في الغابات والانهار،كان الاقتصاد مجرد انتاجا يوميا ويستهلك آنيا،اكتسبت المرأة في تلك المجتمعات مكانة متساوية مع الرجل،بل كانت تفوقه في المجال الطبيعي،لكونها منتجة للنسل والتكاثر وتربية الاطفال،وهي التي تحدد ماهو تابو وماهو مباح،اي انها كانت مصدر التشريع والتنظيم في الاسرة،وكان الابناء ينتسبون اليها وراثيا.هذه المرحلة عرفت:بالمرحلة الامومية(الماترياركية)والتي انسجمت مع الحقبة الزراعية البدائية،فالمرأة كانت تمارس الزراعة قرب مكان السكن في حين كان الرجل يمارس الصيد.تحول المجتع الزراعي البسيط والماترياركي الى المجتمع البطرياركي كان انقلابا قد حدث بعد اكتشاف المعادن،ونشوء الحروب،كمصدر رئيسي للغنائم ،بسبب شحة الغذاء والتنازع عليه،وهذا التراكم في الثروات هو ماولد لاحقا فائضا في الانتاج وتقسيما للعمل،وبدأ التمييز الجندري،والمعارك الباردة بين الرجل والمرأة،وتلك الهزيمة للمرأة مازالت مستمرة حتى لحظتنا هذه،وان انتزعت المرأة بكفاحها بعض الحقوق.وترتب على التقسيم القديم للعمل قلبا جذريا لمجمل العلاقات التي كانت سائدة في المجتمع المشاعي الامومي،فالغي الانتماء النسوي،وحق الامهات في التوريث ووراثة الابناء،وحل محل الزواج المتعدد،زواجا احاديا للمحافظة على الانتساب الابوي(نقيا)!وعبر الانماط الاجتماعية الاقتصادية التي سادت:العبودية..الاقطاعية..والرأسمالية ..وغيرها من تشكيلات شرقية استبدادية وانماط انتاجية اسيوية،رزحت المرأة تحت نير العبودية والاضطهاد والاستغلال المزدوج:من المجتمع ومن الرجل داخل الاسرة..وهكذا فان اول تناحر طبقي ظهر في التاريخ "متواقت مع تطور التناحر الجنسي بين الرجل والمرأة ضمن نطاق مؤسسة الزواج.كما ان الاضطهاد الطبقي الاول متواقت ايضا مع اضطهاد الجنس المؤنث من قبل الجنس المذكر".كما كان بداية ظهور تقسيم العمل ايذانا بأنتهاء سيطرة المرأة في المشاعة.اما تقسيم العمل البرجوازي فكان بداية لعبودية العامل،واستلابه،واخضاعه لرق الانتاج والبضاعة،وكما استلب تقسيم العمل البرجوازي كل الوجود الانساني للفرد الشغيل،كذلك اختزلت البرجوازية المجتمع الانساني،وحولت المرأة الى دمية للرجل،واحتياطيا لجيش العمال ومنتجا لاجيال جديدة من قوة العمل،وحدد النظام الرأسمالي وقنن سلوك المرأة،وفق آليات منظومته الايديولوجية والقانونية والاخلاقية القامعة والكابتة لسجن المرأة داخل جدران المنزل وجدران الجسد-مع التفاوت بين وضع المرأة في المجتمعات الصناعية المتقدمة ومجتمعاتنا المتخلفة-.لم يعد الجسد الانساني مع هيمنة الرأسمالية العولمية المتوحشة،اداة وغاية للذة المتبادلة والاستمتاع والفرح والتناغم،بل اصبح جسد الرجل اداة بلا حياة لاعتصار الربح وفي خدمة الانتاج،وجسد المرأة ايضا اداة لانتاج الاطفال،اي اليد العاملة المستقبلية-صحيح ان المرأة انتزعت حقوقها الديمقراطية الشكلية في البلدان المتقدمة-ولكن لن يتحقق الانعتاق الكامل للمرأة ابدا،طالما العائلة لازالت قائمة على حماية الملكية الخاصة.لان الزواج البرجوازي ليس بالمؤسسة التي تهدف لتحقيق سعادة الافراد،بل غرضه ان يكرس انضباطا واكراها وتأبيدا مطلوبا في العلاقات،ليعيد انتاج منظومته الاجتماعية الشمولية الهرمة،وان يخلق الاطار القانوني الضروري لعمل المجتمع اقتصاديا وبكفاءة.واذا كانت وظيفة العائلة الابوية تتحدد بأنتاج واعادة انتاج العلاقات الاجتماعية السائدة،فأن العائلة اليوم ليست الا المؤسسة الرجعية التي يحكم بها الاموات من قبورهم حياة الاحياء،فالدولة القمعية خليتها الاساس(العائلة) حيث ينشأالطفل من قبل الابوين على رضاعة القمع!فهما يقمعان رغباته وفضوله وتعطشه للمعرفة،ويلقنانه منذ نعومة اظفاره كيف يقدس محرماتهم ويدين بدينهم ويتطبع بأخلاقهم وسلوكهم،ويروضانه على كبت مشاعره،وخنق احاسيسه،ويتربى على الخنوع والخضوع لسيطرة من هو اكبر منه سنا ومنزله:لرب الاسرة..لرب المدرسة..لرب العمل..لرب الدولة..فالعائلة مصنع صغير لانتاج القاعدة الاجتماعية للاستبداد والفاشية.فالعائلة الحديثة لاتنطوي على بذور الرق وحسب بل بذور القنانةّ!!هذا بالنسبة للذكر ،فما بالكم بالانثى وقمعها مركب ومزدوج ومضاعف!!!لازالت المرأةتعاني من اضطهاد لامثيل له وحتى في العالم الصناعي،فحتى عند انتقالها من المنزل الى العمل،تظل عبدة للشؤون المنزلية المبلدة والرتيبة،ويظل مردود عملها وجسدها ملكا مطلقا لرجلها،فهو ربها الارضي!!من حقه ضربها،ومن حقه هجرها في الفراش،ومن حقه طلاقها متى استنزف جسدها بالقهر والتشغيل والجنس والولادة،،ومن حقه حتى قتلها بذرائع الشرف ومزاعم الخيانه والزنى-طبعا هذا لايشمل الرجل فهو السيد-!!!والمرأة عرضة للاستغلال شأنها شأن العامل،وتشترك معه في تكوين فائض القيمة،وايضا عرضة للاستغلال بواسطة العمل المنزلي غير المدفوع الاجر،والذي يصب في مصلحة الرجل،ويفرض قسريا عليها..ان التطور التكنولوجي قاد الى مزيدا من الاستلاب للعامل وضاعفه للمرأة العاملة،فقد ضمرت او تلاشت انسانية الانسان وقيمته وتم تشيئه،هذا ما يجب ان يقود للانخراط بالنضال من اجل الانعتاق من سلطة الرأسمال والاشياء وتسلط البضاعة والسوق....تأخذ المسألة النسوية مكان الصدارة في برامج الحركات العمالية الثورية لما لها من اهمية فائقة،فهي ليست نصف المجتمع فقط بل وخالقة النصف الاخر..فالزواج تم تسليعه،فهو غير قائم على الارادة والرغبة والحب والحرية"اليست الفتاة بضاعة معروضة للبيع لمن يريد المساومة على اقتنائها؟اوليس قبولها بالزواج خيارا حرا وواعيا بحكم طغيان الاراء المسبقة المتسلطة عليها منذ صغرها"في العائلة تعد الفتاة لتقمع رغباتها،وتضبط عفويتها،ويتم قولبتها سايكولوجيا لتلعب دورها السلبي والخانع لسلطة الاب الفوقية،لتتسلمها المدرسة وتبني فوق ما اسسته العائلة مزيدا من القمع والتلقين،ولتقتل ما تبقى من العفوية والاقبال على الحياة،وتميت غرائزها الطبيعية المتطلعة للاشباع والابداع ونهل المعرفة واثبات الذات...وهذا طبعا يشمل الذكر ايضا مع الاعلاء من شأن الذكورة!.ماخلقته حضارة التكنولوجيا،والموروث القيمي التقليدي للبنية النفسية من تعقيد وتشويه وعصاب ونقص،تدفع الفتاة الى التناقض والازدواجية في شخصيتها المضطربة،فمن جهة تحاط رغباتها وطاقتها الجنسية بجدران من التابو والتأثيم والتنفير،اي تجويفها كأنسانه بلا مشاعر او فكر او ارادة،ومن الجهة الاخرى،يجري تلقينها عندما تكون مشروعا للزواج،بان تكون موضوعا للايروس،وجسدا اغوائيا ساخنا للذكر(الزوج) الميمون!!ان تكون بتولا طاهرة لم تمس في بيت ابيها،وتتحول الى عاهرة تجيد كل فنون الجنس والاباحية على فراش بعلها وسيدها!! هذا التنافر التربوي المشوه هو الذي يشل ويحد من قدراتها الذهنية والنفسية ،ومن مساهمتها بالنشاط الاجتماعي،ويبلد عقلها ويسد افقها،ويمهد السبيل لجعلها تتقبل كل اشكال القمع والخضوع ويغلق نهائيا اي فسحة من النقد او الاعتراض امامها،بل يحولها الى مدافعة عن جلادها،وتفخر بدونيتها.!!!...................................
..........................................................................................
يتبع..
وعلى الاخاء نلتقي....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكافآت سخية للمنتخب العراقي بعد تأهله لأولمبياد باريس 2024|


.. عقاب غير متوقع من محمود لجلال بعد خسارة التحدي ????




.. مرسيليا تستقبل الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 قادمة من ا


.. الجيش الأمريكي يعلن إنجاز بناء الميناء العائم قبالة غزة.. وب




.. البرجوازية والبساطة في مجموعة ديور لخريف وشتاء 2024-2025