الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تونس : المصالحة الوطنية كلمة حق أريد بها باطل

محمد ذويب

2015 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


في تونس : المصالحة الوطنية كلمة حق أريد بها باطل
لا حديث هذه الأيام في تونس في ظل تفاقم الأوضاع و تجذر الحراك الإجتماعي وحالة الغليان التي يعيشها الشارع التونسي خاصة في ظل الفشل الذريع لحكومة اليمين الرباعية الدفع في حل حتى بعض المشاكل المجهرية و تحقيق حتى الأدنى من مطامح الشعب التونسي الذي لم يعد حتى قادرا على طرح الأقصى في أحلامه التي صارت بسيطة إلا عن المصالحة الوطنية حيث كثر في المدة الأخيرة الحديث والجدل و اللغط حول المصالحة الوطنية وضرورة نسيان و تجاوز الماضي والحديث عن المستقبل وان كان جميع التونسيين بأحزابهم ومثقفيهم، لا يختلفون أبدا في ضرورة إجراء المصالحة الوطنية للإقلاع وبلورة أهداف الثورة لذا فإن عددا من الأسئلة تطرح نفسها بإلحاح و أولها: بأي طريقة ستتم هذه المصالحة ومتى تحديدا؟ ثم أي علاقة لتلك المصالحة مع أهم ملف بعد الثورة إلا وهو العدالة الانتقالية وهل هي قفز على الملف وتغييب مسرحي ممنهج له؟ لكن في حقيقة الأمر لكل رؤيته للمصالحة الوطنية فشكل المصالحة التي يراها الإئتلاف اليميني الحاكم بشقيه الديني والحداثوي ليست الشكل الضامن لبلورة أهداف الثورة وتحقيق طموحات الشارع التونسي الذي يعيش حالة خيبة أمل كبيرة مردها الفشل الذريع لكل حكومات ما بعد 14 جانفي .
1 _ المصالحة الوطنية كما يراها قطبا اليمين الحاكم :

يطرح الساسة والمحللون بشكل يومي في تونس ومنذ أسابيع أفكار ورؤى لموضوع المصالحة الوطنية لكن ما نلحظه أن منطق أو رياضة إغتصاب المصطلحات واختطاف المعاني أصبحت ممارسة يومية لدى جزء كبير ممن تداولوا على السلطة بعد 14 جانفي أو حتى قبل هذا التاريخ وما يلاحظ أن بعض الوجوه السياسية أو الوجوه الإعلامية تعمدت وإحترفت لعبة إسقاط المفاهيم و إفراغها من محتواها و إفساد معاني من قبيل " الثورة " و " الحوار الوطني " و السيادة الوطنية " و "الوفاق الوطني " و"الشرعية " و إعتمدتها لعبة أساسية في توجيه الرأي العام و الزج به في لعبة فيلولوجية خطيرة حتى أصبح العارفون في تونس بالكاد يعرفون المفاهيم الأصيلة أو الأصلية لبعض المفردات الحساسة والجوهرية ففي علاقة بالمصالحة الوطنية يرى حزب نداء تونس و حليفه في الحكم حزب حركة النهضة أن المصالحة هي المصالحة بين من حكم قبل 14 جانفي _ وهو حزب التجمع المنحل والعائد للسلطة بعد الإنتخابات الأخيرة فجميع النابهين يعلمون أن حزب نداء تونس لايعدو أن يكون سوى حصان طروادة الذي أعاد التجمعيين للسلطة عبر الصناديق بعد أن طردهم منها الشعب عبر الشوارع إبان إنتفاضة 17 ديسمبر 14 جانفي المغدورة _ وحزب حركة النهضة الذي حكم البلاد منذ أواخر 2011 إلى بداية 2014 والجميع يعرف الكم الهائل من الخراب الذي لحق البلاد و العباد إبان فترة حكم الحزبين والجرائم التي أرتكبت في عهديهما والتي فاحت ريحتها و أصبحت تزكم الأنوف ولا تكفي عقاقير الهند ولا عطور السند لتخفيها ولا يستطيع حتى جاك فرقيس الملقب بمحامي الشيطان تبرئة مرتكبيها فالمصالحة الوطنية في قاموس حزبي اليمين الحاكم في تونس تعني المصالحة بينهما فقط وعلى أرضيتهما وتعني بالضرورة غض كل طرف الطرف عن جرائم الطرف الأخر وعن جرائم من سارا في ركابهما ومن والاهما من رجال أعمال و أمنيين فاسدين فهي إذا مصالحة ثنائية لا وطنية فيها و إن سميت زورا وبهتانا ومغالطة مصالحة وطنية فشكل المصالحة الوطنية الذي يجب أن يكون ليس الشكل الذي تطرحه النهضة و النداء فيجب أن تكون مصالحة وطنية تخدم كامل الشعب التونسي ومساره الثوري وتضمن له حقه في بلورة الشعارات المركزية التي رفعها بين 17 ديسمبر 14 جانفي .
2 _ المعنى الحقيقي للمصالحة الوطنية أو الشكل الضامن لمصلحة الشعب التونسي ولثورته:

وبناء على ما سبق وفي علاقة بالشروط الموضوعية للمصالحة الوطنية فان كل مواطن يتمنى أن يقع الدفع نحو مصالحة وطنية حقيقية تلمس جوهر القضايا وتتناسب مع مشاغل الناس طوال العقود الماضية وان لا تتحول إلى تسويات بين كبار القوم وأصحاب رؤوس الأموال ومن نهبوا المكدس من خيرات تونس وشعبها ولا يمكن القبول بلملمة الملفات الثقيلة مما يعني آليا المرور بالسرعة القصوى لاحقا لتثبيت نظام لا يختلف عن سابقه إلا في القشور أي إعادة ترتيب نهائي لبيت الدولة البوليسية...، فالمصالحة الوطنية هي ملك للشعب بكامله فئاته وأحزابه ومنظماته، أي أنها ملك عمومي لا ملك خاص لزيد أو عمر أو قيادة حزبية تُقامر به كما تُريد وتُساوم بها أو توظفه لصالحه . فالمصالحة الوطنية تعني ضرورة مصالحة الشعب مع تاريخه حضارته وهويته وعدم إحتكارها من قبل أقلية أو فئة معينة وتعني ضرورة إنصاف كل من ظلموا خلال الحكومات السابقة التي تواترت على البلاد منذ الإستقلال إلى اليوم و محاكمة من أجرموا في حق الشعب والوطن . كما أن المصالحة الوطنية تستوجب ضرورة تحقيق السيادة الوطنية أي إستقلالية القرار الوطني الذي يجب أن يكون نابعا من وعن الشعب التونسي لا من الدوائر الإمبريالية والذي يقتضي ضرورة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وتأميم مقدرات وثروات الشعب التونسي المنهوبة ومحاسبة كل الساسة الفاسدين ورجال الأعمال و الأمنيين الذي إرتكبوا فضائع في حق الشعب التونسي . هذا إذا المعنى الحقيقي للمصالحة الوطنية وكل من حديث عن هذه المصالحة بدون هذا الشكل وبدون هذه الضمانات هو لغو لا طائل منه ولا مصلحة للشعب ولا للقطر فيه.
إن المطلع على المشهد السياسي في تونس وإن كان من عشاق الناظرين إلى النصف الممتلئة من الكأس لا يمكن أبدا أن يكون متفائلا بالمصالحة الوطنية في ظل حكم قوى لا وطنية وفي ظل غياب و إستيلاب السيادة الوطنية فالمصالحة يراها اليمين كعكة بين قطبين يحدد شروطها وفق ما يراه ويستعملها ورقة ضغط لإبتزاز رجال الأعمال الذين لم يرضخوا لشروطه و إملاءاته فلا وجود إذا لمصالحة وطنية في ظل حكم قوى لا وطنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل