الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى المئوية لمذبحة الارمن

كاظم الموسوي

2015 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الابادة ابادة.. المجزرة مجزرة.. المذبحة مذبحة، لا تتغير مدلولاتها، مفرداتها، معانيها، بالاعتراف بها او بالإنكار لها. لكن الاعتراف طريق مفتوحة للحق، والإنكار باب مشرع للشر، بالمعنى الاخلاقي والقانوني والإنساني. ما حصل للأرمن في نيسان/ ابريل 1915 في تركيا وبأيدي جندرمة السلطات العثمانية جريمة ابادة، محرقة جماعية، مجزرة تاريخية، حصلت في زمنها وفي مكانها، راحت ضحيتها ارواح اعداد كبيرة من الارمن وغيرهم، سكان شرق الاناضول، وجبال آرارات التي سكنوها قبل ان يتحكم العثمانيون في مصيرهم هذا. ومهما اختلفت ارقام الضحايا، تبقى حقيقة تاريخية، واقعة لا يمكن تغييرها او التغطية عليها والتهرب منها. حتى ولو حصل ذلك فلن يكون إلا وقتيا، حيث لا تتقادم الجرائم ولا تغيب الوقائع، ولا تموت الحقائق، ومهما اختلفت الارقام او التفاصيل، ومهما سعي الى تشويهها او التضليل في وقوعها التاريخي وأدلتها الدامغة، فان شهادة التاريخ باقية مسجلة وموثقة.
محاولات احفاد القتلة انكار كل ذلك لا يوصل الى العدالة ولا يحقق السلام والأمن والاستقرار، ويعكس اسلوب الادارة والحكم، بل ويؤكد ما يقترف اليوم، ليس في بلادهم وحسب، بل في بلدان اخرى، يسجلها التاريخ ويشهد عليها، ولا تنفع كل كلمات التأويل والتفسير والتقليل.
في الذكرى المئوية ليوم المحرقة للأرمن احيى احرار العالم والجاليات الارمنية (يشكلون اضعاف سكان ارمينيا، او من بقي من الارمن، موزعين في انحاء العالم)، ومثل كل الاماكن التي تتواجد فيها الجاليات، شارك في عاصمة ارمينيا يرفان يوم 24 نيسان/ ابريل وعند نصب الابادة رؤساء دول وممثلون لأكثر من ستين دولة في احياء الذكرى. من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال في كلمته، "نحن نتعاطف بإخلاص مع الشعب الأرمني الذي عانى من أكبر الكوارث في تاريخ البشرية. وأكثر من 1,5 مليون مدني قتلوا وجرحوا، وأكثر من 600 ألف طُردوا من بيوتهم وتعرضوا للقمع على نطاق واسع". وأكد الرئيس الروسي أن أحداث 1915 هزت العالم كله، بينما اعتبرتها روسيا مأساة خاصة بها، مشيرا إلى أن مئات الآلاف من الأرمن حصلوا على اللجوء في روسيا. وقال بوتين إن موسكو بادرت دوليا إلى اعتبار مذبحة الأرمن جريمة ضد الإنسانية. وحذّر من تنامي خطر النازية الجديدة والتطرف وكذلك تنامي معاداة السامية وكراهية الروس في العالم المعاصر. كما أكد بوتين: "علينا أن ننظر بتفاؤل إلى المستقبل ونثق بمبادئ الصداقة وحسن الجوار والتعاون، ونتعلم الخير والوفاق وكيف نحترم بعضنا البعض ومصالح بعضنا البعض". وأضاف أنه من خلال ذلك فقط يمكن "جعل العالم أفضل وأكثر أمنا واستقرارا".
من جانبه أكد رئيس أرمينيا سيرج ساركسيان أن هدف سياسة بلاده تتمثل في وضع آليات فعالة للحيلولة دون تكرار جرائم جديدة على الإنسانية في العالم. وقال ساركسيان إن ما حدث في عام 1915 كان غير مسبوق من حيث النطاق والانعكاسات، "الأرمن طردوا وقُتلوا وفقا لخطة وضعت على مستوى الدولة".. وقال إن العالم اليوم يشهد كذلك حوادث تشويه للتاريخ وإنكاره، مشيرا إلى تطورات الأوضاع في "الشرق الأوسط"، ودعا إلى ضرورة إيجاد حل والقول من جديد "لن يتكرر ذلك أبدا". وذكّر ساركسيان بأنه ألقى منذ سنوات كلمة في كنيسة أرمنية بدير الزور السورية وأعاد إلى الأذهان أن مئات الآلاف من الأرمن قتلوا في صحراء دير الزور أثناء "المذبحة"، مشيرا إلى أن تلك الكنيسة في دير الزور فجرت العام الماضي. وأضاف: "قلت في كلمتي آنذاك إننا ننوي أن نعيش ونتكاثر، وإنه لا يمكن تخويفنا لأننا رأينا ما هو الأسوأ". وأكد ساركسيان أن الاعتراف بـ "الإبادة" لا يعني مجرد التعاطف مع الشعب الأرمني بل إنه يمثل "انتصار الضمير على عدم التسامح والكراهية". وأعرب الرئيس الأرميني عن امتنانه للدولة والمنظمات الدولية التي اعترفت بـ "إبادة الأرمن"، وشكر رؤساء فرنسا وصربيا وقبرص وروسيا الذين حضروا المراسم. كما أعرب ساركسيان عن امتنانه للأشخاص "الذين خرجوا إلى ميدان تقسيم في إسطنبول" في هذا اليوم.
لماذا السعي للتهرب من المسؤوليات التي تترتب على تلك المجزرة؟ ولماذا الانكار الذي يزيد في الاتهام وتثبيت الادلة اكثر من التغطية على المذبحة؟ ان عواقب ذلك لا تنتهي عند الذكرى وحدها، ولا تتوقف عند الجوانب القانونية والحقوق وحسب، بل في السلوك والإرادة الخيرة والبناءة لمستقبل العلاقات الدولية والإقليمية وبين الشعوب اساسا.
في العالم الان اكثر من 135 نصبا تذكاريا، موزعة على 25 بلدا، أشهرها نصب الإبادة الجماعية في العاصمة الأرمينية، يبلغ طوله حوالي 44 مترا، شيّد عام 1967، ويزوره سنويا مئات الآلاف، يضعون أكاليل الزهور حول الشعلة الأبدية. كما يجري الامر نفسه عند النصب الاخرى. وبالتأكيد تذكر تلك النصب بالمذبحة وتعيد للأذهان ما حصل.
في العام الماضي وفي الذكرى الـ 99 للإبادة، حدث تغيير في الموقف التركي، لأول مرة وجّهت الحكومة تعازيها إلى أحفاد الضحايا، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "معاناة الأرمن ناتجة عن أحداث كان لها آثار غير إنسانية مثل الترحيل خلال الحرب العالمية الأولى". إلا انه وحكومته ينكران وقائع التاريخ ويحاولان تشويهه. وكان بابا الفاتيكان فرانسيس والبرلمان الأوروبي قد وصفا القتل الجماعي للأرمن بالإبادة. مما اثار غضب حكومة تركيا، كما وصفت إعلانا مشابها من البرلمان النمساوي بالشائن، وقالت إنه لا ينبغي لأحد "أن يحاضر الآخرين بشأن التاريخ".
دعا الاتحاد الأوروبي إلى فتح الأرشيف المتعلق بأحداث عام 1915 بشأن الارمن، ورد اردوغان باستعداده وطالب الارمن ايضا بذلك. ولكن ظل كل ذلك كلاما عاما، لم يجد طريقه الصحيحة. وفي الذكرى المئوية لابد من الاقرار بحقوق الشعوب وما حدث لها في التاريخ وتقدير المشاعر الانسانية لعوائل الضحايا وتحمل المسؤوليات وتبعاتها بكل مصداقية والتزام تاريخي وقانوني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مذبحة الأرمن وداعش.
احمد حسن البغدادي ( 2015 / 5 / 2 - 21:56 )
تحية أستاذ كاظم.

ان جميع الشعوب التي تسير بركب الانسانية في العصر الحديث، قد اعادة كتابة تاريخها، وادانة ماهو خطا بحق شعوبها، واعتذرت للشعوب الاخرى التي تضررت من سياساتها السابقة، ومنها ألمانيا التي اعتذرت لجميع الشعوب الأوروبية، اعتذرت لليهود وعوضتهم عن خسائرهم ومازالت تعوضهم، كما اعتذرت أمريكا للهنود الحمر وكرمت ابناءهم.

الا المسلمون، فهم الى اليوم يفتخرون بمذبحة بني قرضة من اليهود، وكتبوا آلاف الكتب عنها يمجدون ذبح اليهود بيد محمد، وبيع اطفالهم وهتك اعراضهم بيد محمد، كذلك يرددون احاديث محمد حول طرد اليهود والنصارى من جزيرة العرب.

واستمرت جراءم المسلمين الى العصر الحديث، ومنها جرائمهم في القرن الماضي ضد المسيحيين، في تركيا وسوريا وشمال العراق، وجرائم المسلمين ضد اليهود، ماسمي بالعراق بأيام الفرهود، وآخرها اليوم جراءم دولة الخلافة الاسلامية ضد غير المسلمين.

وهنا نقول، ان عدم الاعتراف بهذه الجرائم تعطي الحق الشرعي للطرف المتضرر برد الصاع صاعين، بالطرق الشرعية وغير الشرعية.

ان سياسة الافلات من العقاب، يؤدي الى تفاقم المشكلة، وتكرارها بشكل ابشع من السابق.

تحياتي....


2 - ردا على تعليق احمد حسن البغدادي
على المحلاوى ( 2015 / 5 / 3 - 10:58 )
كلامك ينافى الحقيقة
وهو محاولة لدس السم في العسل
(قلت)
(ان جميع الشعوب التي تسير بركب الانسانية في العصر الحديث، قد اعادة كتابة تاريخها، وادانة ماهو خطا بحق شعوبها، واعتذرت للشعوب الاخرى التي تضررت من سياساتها السابقة، ومنها ألمانيا التي اعتذرت لجميع الشعوب الأوروبية، اعتذرت لليهود وعوضتهم عن خسائرهم ، كما اعتذرت أمريكا للهنود الحمر ).
(الا المسلمون، فهم الى اليوم يفتخرون بمذبحة بني قرضة من اليهود )
(واستمرت جراءم المسلمين الى العصر الحديث، ومنها جرائمهم في القرن الماضي ضد المسيحيين، )

وأنا أقول
1 ـ هل اعترفت فرنسا بجرائمها ومذابحها في الجزائر والمغرب ، أم أنك تعمدت عدم ذكرها
2ـ أين جريمة طرد العرب من أرضهم على يد اليهود فهل اعتذروا عن جرائمهم ، أم أن هؤلاء ليسوا من البشر ؟!!
أين ما حدث من إجرام بحق عرب ليبيا على يد الإيطاليين (قديما ) أو مسلمي الشيشان (حديثا)
لقد دفعك بغضك للعرب والمسلمين إلى تعمد نسيانهم
أنت لا تبحث عن الحقيقة
ولكن تعصبك هو ما يحركك
هناك الكثير من الجرائم التى ارتكبت في حق المسلمين والعرب قديما وفى العصر الحديث
هناك تعمد مقصود لنسيانها
عزيزي القارئ أحترس


3 - رد الى المحلاوي.
احمد حسن البغدادي ( 2015 / 5 / 4 - 11:12 )
ان مشكلة اسراءيل مع العرب المسلمين هي مشكلة إسلامية من الأساس، بسبب رفض المسلمين العيش في دولة يحكمها يهودي، بل هم يريدون الارض والحكم، ومن ثم التمثيل باليهود، كما تفعل داعش اليوم بغير المسلمين ، وكما فعل المسلمون باليهود طول عمر الاسلام.

لقد تعلم اليهود الدرس من التاريخ، وهو ان لاتثق باي دولة يحكمها المسلمين ، بالإبادة قادمة لامحالة، لانها نصوص قرآنية واحاديث محمد،
اما المسيحيون، فقد أعادوا خطاء اجدادهم، ووثقوا بالمسلمين، وقبلوا العيش المشترك، وكان عددهم يفوق حتى عدد المسلمين في بعض الدول العربية قبل خمسين سنة فقط، اما اليوم، فان عدد المسيحيين الشرقيين في تناقص رهيب بسبب عودة المسلمين لحكم الشريعة الاسلامية، فتعرض المسيحيين للاضطهاد ، والطرد، وهدم آثارهم التاريخية، لشرعنة الغزو الاستيطاني الاسلامي.

ان إقامة دولة مسيحية، هو الحل الأمثل للحفاظ على حياة من تبقى من غير المسلمين في الشرق الأوسط.

اما حرب الجزاءر، فهي حرب داعش وفرنسا بكل عملياتها الإرهابية، وهي مستمرة الى اليوم، تلبست بثوب التحرير الوطني، وجوهرها حرب إسلامية ضد المسيحيين وليس ضد الاستعمار.
اما الشيشانيون، فهم داعش الحقيقي

اخر الافلام

.. نواب الجمعية الوطنية الفرنسية.. مفاوضات مرحلة ما بعد الانتخا


.. ما ردود الفعل في أوروبا على نتائج الانتخابات التشريعية في فر




.. حماس تتخلى عن مطلب وقف إطلاق نار دائم كشرط مسبق للتفاوض للإف


.. صور حصرية لحرق مستوطنين شاحنات بضائع ومساعدات في طريقها إلى




.. بسبب القصف الروسي.. دمار كبير في مستشفى الأطفال ومبان سكنية