الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ما بين الحاجة والواقع المرأة عماد اقتصاد الأسرة
إيمان أحمد ونوس
2015 / 5 / 2ملف - حقوق المرأة العاملة في العالم العربي - بمناسبة ايار عيد العمال العالمي 2015
تشكّل المرأة في الأسرة قوة عمل غير منظورة، لاسيما في حال كانت ربّة بيت فقط. فما تقوم به من مهام متعددة ومختلفة من حيث الجهد والوقت، لا يدخل للأسف في حساب دخل الأسرة، مثلما لا يدخل في حسابات ناتج الدخل الوطني للدولة.
لن نعود هنا لتعداد كافة الأعمال التي تقوم بها ربّة البيت، والتي لو تطلّبت استقدام عامل أو عاملة من خارج البيت لتأديتها، لكلّفت الأسرة ميزانية غير قليلة، وهنا نستنتج كم توّفر المرأة من خلال تلك المهام التي لا يمكن التخلي عنها مصاريف لا يمكن تجاهل قيمتها المادية المرهقة.
هذا على مستوى ربّة البيت فقط. أما إذا ما نظرنا لجهود المرأة العاملة خارج البيت في ظل واقع اجتماعي لم يعفها أبداً من كامل مسؤولياتها ومهامها داخله، نلمس كم هو كبير ومرهق الجهد الذي تتحمله، مثلما نلمس كم ساهمت برفع مستوى دخل الأسرة المادي. وفوق كل هذا، لم تعفها الجهات التي تعمل لديها من أيّ من مسؤوليات العمل ومتطلباته، كما أنها لم تقدّم لها خدمات تساعدها على تأدية كافة الأدوار المهام المنوطة بها، باستثناء إجازة الأمومة مدفوعة الأجر في القطاع العام، وساعة الإرضاع اليومي لمدة سنة من عمر الطفل.
وإذا ما نظرنا إلى واقع المرأة( عاملة وغير عاملة) في ظل الحرب الممتدة منذ أكثر من أربع سنوات، لوجدنا أن العبء الأكبر من تبعات تلك الحرب وقع على كاهل المرأة وحدها أكثر من غيرها، وهذا ما تطرقنا إليه كثيراً، وسلّطنا الضوء عليه في أكثر من مناسبة، إضافة إلى أن ظروف تلك الحرب، قد فرضت على المرأة تحمّل مسؤوليات إضافية ومرهقة، بحكم غياب الرجل لأسباب متعددة، من ضمنها البطالة التي خيّمت على مختلف شرائح المجتمع، فقد أصبحت المرأة هي المعيل الوحيد في أسرتها، والتي عليها تأمين لقمة العيش لها ولأطفالها بأيّ وسيلة كانت.
وهنا، نجد أن المرأة قد دخلت ميادين عمل متعددة خارج مظلة الحماية التأمينية بمعنى أنها تعمل في الظل، ولذا تجدها دوماً معرّضة إمّا للطرد، أو لعمل ذو مردود مادي ضئيل لا يسد رمق أسرتها، أو لعدم استمرار هذا العمل لأسباب مختلفة. فقد نشطت المرأة في أعمال مثل بيع الخبز أو العلكة والبسكويت والمحارم، أو حتى بيع الجرائد والصحف، أو بعض المواد الغذائية والخضراوات والألبان ومشتقاتها، وحتى بيع الدخان والألبسة المستعملة على الأرصفة، وهذا العمل أحد المجالات التي لم نرَ المرأة تمارسها سابقاً، إضافة إلى القيام ببعض الأعمال المنزلية المأجورة لدى الغير، وكذلك العمل في إعداد وجبات الطعام والحلويات في بيتها لصالح بعض الأسر أو المطاعم، أو نادلة هي وبعض أفراد أسرتها في مقهى أو مطعم واحد، ربما يكون هو ذاته مكان مبيت الأسرة ليلاً، ناهيك عن أعمالٍ أخرى كثير مارستها وتمارسها المرأة اليوم من أجل تأمين لقمة العيش فقط وبتقشّف شديد.
ولا يفوتنا ممارسة أعمال أخرى كانت موجودة قبل الحرب، ولكن بنسب أقل مثل التسوّل ومسح السيارات ونبش القمامة، وجمع البلاستيك والزجاج والخبز. ففي كل شارع من شوارع المدن الكبيرة منها والصغيرة، تجد عدداً من النساء المتسوّلات لا يفصل بينهن سوى بضعة أمتار، نساء يفترشن الأرض مع أطفال رضّع أحياناً كثيرة، نساء بأعمار صغيرة تلفت الانتباه، ومثلهن من تقوم بمسح زجاج السيارات على الإشارات المرورية، أو تستجدي راكبي تلك السيارات سواء لشراء ما تحمله أو تسوّل بضع ليرات غالباً لا تظفر بها، إضافة إلى رؤية العديد من النساء اللواتي يقمن بنبش حاويات القمامة من أجل استخراج بعض ما يمكن بيعه أو استهلاكه.
من كل ما تقدّم، نجد أن المرأة السورية اليوم، في كثير من الأحيان والحالات هي المعيل الوحيد في الأسرة، في ظل غياب الرجل وبطالته، فالمرأة لا يمكنها أن تكون عاطلة عن العمل، وبالتالي هي فعلاً وحقيقة عماد الأسرة الاقتصادي في ظل وضع معاشي قاسٍ ومرير، لم يقوَ أعتى الرجال على الصمود أمامه.
وانطلاقاً من هذا الواقع الذي تعيشه المرأة السورية، نجد أنها الأحق والأجدر باهتمام كافة شرائح المجتمع، والمعنيين بالنشاط في أوساط منظمات المجتمع المدني، وبالتالي تقدير جهودها العظيمة، والاحتفال بها بمناسبة عيد العمال العالمي.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ناشطون يعطلون عمل شركة أسلحة إسرائيلية في بريطانيا
.. ترامب يلتقي بايدن في البيت الأبيض ويؤكد أن عملية انتقال السل
.. فرنسا: الادعاء يطلب حبس مارين لوبن وحرمانها من المناصب العام
.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف تجمعا للفلسطينيين وسط قطا
.. معروف بدعمه -الشديد- لإسرائيل.. ترمب يرشح ماركو روبيو لمنصب