الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستهلاكية تحت الاحتلال ستؤدي إلى الانفجار

عماد صلاح الدين

2015 / 5 / 3
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


الاستهلاكية تحت الاحتلال ستؤدي إلى الانفجار
عماد صلاح الدين

منذ أكثر من ست أو سبع سنوات، برزت بشكل واضح وجلي تداعيات الحالة السياسية والاقتصادية السائدة، المتمثلة بتوفير ومن ثم تعميم ثقافة الترف الزائف والاستهلاكية المجنونة، في الأراضي المحتلة عام 1967، تحديدا في القطاع الأوسط منها الضفة الغربية؛ حيث يصعب على المراقب وهو يتابع مشهد الحضور الأناسي في المجتمع التمييز بين أوضاع الناس الاجتماعية والمادية؛ حيث تجد الجميع متشابهين في المظهر والملبس وباقتناء السيارات الفارهة وأدوات الاتصال الحديثة، في آخر صرعة حضور وموضة لها.
ولو رجعنا قليلا إلى الوراء في أواخر ثمانينيات ومطلع التسعينيات حتى نهايتها، ودخولنا وقتها الألفية الثالثة، لم يكن المرء حينها يجد صعوبة تذكر في تمييز أوضاع الناس الحقيقية، لأنه لا تناقض تقريبا بين مظاهر الناس الحياتية وبين أوضاعهم الاجتماعية والطبقية المادية. ورغم كل شيء تبقى المسألة في حالة من الانسجام المقبول.
لكن الحالة اليوم، تتميز بالانفصال أو الانفصام الحاد بين أوضاع شكلية تصويرية مؤقتة، وبين واقع الناس الصعب في الإمكانات والقدرات في غير مجال.
لقد تم إضفاء اصطناع حياتي شامل تقريبا، يتميز بالصورة المبهرة فقط؛ من خلال التمويل الربوي الفاحش من المؤسسات البنكية ومؤسسات الإقراض الأخرى، لأكبر فئة في القطاع العامل في المجتمع، وهو القطاع الوظيفي في الأنشطة المدنية والخدمية.

ولذلك، نجد الغالبية الساحقة من المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية، قد أصبحوا يعانون في أكثر من اتجاه، وبشكل تركيبي معقد كما يلي:

1- فمن جهة أن الشعب الفلسطيني في الأساس واقع تحت احتلال إحلالي طارد، ومعنى ذلك أن ظروفه السياسية والاجتماعية والمادية بالضرورة أن تكون صعبة جدا، وهي صعبة مضاعفة بالنسبة للفلسطينيين بسبب طبيعة الصراع مع المشروع الصهيوني.
2- ومن جهة أخرى دخل تركيب آخر في التعقيد، وهو اتفاقات أوسلو ومخرج القرار الدولي بإيجاد السلطة الفلسطينية.
3- ثم تبين بعد مضي المرحلة الانتقالية 1995-1999، رفض إسرائيل تحويل سلطة الحكم الذاتي إلى كيان دولة، وما نتج عن ذلك من اندلاع الانتفاضة الثانية سنة 2000، وما قادت إليه الحوادث بعد ذلك من إجراء انتخابات للسلطة الفلسطينية 2005، 2006، ومن ثم حدوث الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، واستمرار الحرب والعدوان على الشعب الفلسطيني، وبطريقة مريحة في التبرير، بالنسبة لإسرائيل وحلفائها
4- ثم قبل ذلك وبعده؛ كيف تفشت الأمراض الاجتماعية والتناقضات الفكرية والسلوكية، حين تم حشر شعب واقع تحت الاحتلال مرة في المعازل المكانية، ومرة أخرى في دوائر خدمية غير إنتاجية، دون مراعاة لدور الإنسان في الإنتاج، وطبيعة الواقع المعاش، بسبب الاحتلال، ودون النظر -على الأقل- إلى كفاءة أو مهنية من جانب آخر.
5- ثم تتفاقم المسألة باصطناع حالة رفاه واستهلاكية فاقعة لا يوجد لها مقومات على ارض الواقع، أدت إلى حدوث هوة سحيقة وكبيرة جدا في حياة المواطن الفلسطيني، أصابت فيما أصابت بنيته الأخلاقية والاجتماعية، بحيث أصبح هذا المواطن مضطرا للكذب، والى عدم الوفاء، وبالتالي ما ترتب على ذلك من انتزاع الثقة بين الناس.

ويظن كثيرون أن الوضع أعلاه سيؤدي إلى ذوبان الناس نهائيا في احتياجاتهم وانشغالاتهم المستجدة، ومن ثم الاستسلام للواقع والبعد عن الهم الوطني. وردي على ذلك هو العكس؛ بالانفجار في وجه جميع الذين عملوا على صناعة التمييع والاختزال القاتل للطموح والأهداف الوطنية والإنسانية، عبر الحالة الربوية العامة والاستهلاكية المهلكة؛ ذلك لان الشعب الفلسطيني يبقى واقعا تحت الاحتلال، وليس له منظومة مادية واقتصادية ولو في حدها الأدنى لتجاري أي ترف شكلي أو رفاه مزعوم. وهو لا يستطيع أن يستمر في هذا المنوال العصيب وليس في إمكانه الاستمرار في ترقيع أوضاع بالغة الخطورة بجهد ذاتي من خلال رفع الضرائب والرسوم وعموم أسعار احتياجاته الاستهلاكية العادية،هذا فضلا عن أن السلطة الفلسطينية إمكاناتها محدودة جدا.

سيدرك الفلسطينيون حقيقة كل الأوضاع الاجتماعية والمادية لعولمة استهلاكية وافدة. ومسالة الإدراك هذه تساعد عليها طبيعة ظرف الشعب الفلسطيني الواقع تحت احتلال إحلالي، لا حل معه إلا بالكفاح الوطني العام وبكل الوسائل المشروعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: انقسام الجمهوريون وأمل تبعثه الجبهة الشعبية الجديدة


.. هل تتجه فرنسا نحو المجهول بعد قرار ماكرون حل البرلمان وإجراء




.. حزب الله.. كيف أصبح العدو الأكثر شراسة لإسرائيل منذ عام 1973


.. ترامب ينتقد زيلينسكي ويصفه -بأفضل رجل مبيعات-| #أميركا_اليوم




.. تصادم قطارين في الهند يودي بالعشرات