الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس لأنها روبي

ياسر اسكيف

2005 / 9 / 29
الصحافة والاعلام


ليس في واردي أن أقدّم تقييما ً فنيّا ً لما تعرضه الفضائيات العربية من أغان ٍ مصوّرة . مع تثبيت اعتراضي الشديد على أحكام القيمة التي توصّف تلك الأغاني , وتحديدا لجهة الأحكام السلبية , ذلك أن تلك الأحكام تعاير المواد بغير مكاييلها . أقصد أنها تحكم على منتج الحاضر بالمعايير التي كانت لمنتج الماضي , تلك المعايير التي تهرّأت وما عادت صالحة للاستخدام .
من جهتي , أرى بأن الحكم على الحاضر , كحركة لأحياء فاعلين يؤثّرون ويتأثرون , بمعيار ماض لم يعد سوى ذاكرة ماديّة ومعنوية , هو جريمة مضاعفة , حيث يؤكد وهم الثبات وإنكار التحول من جهة , ومن جهة أخرى هو فصل للماضي عن معناه الإنساني وصون له في المطلق .

( روبي في مواجهة الوحش ) عنوان زاوية في الصفحة الأخيرة من إحدى الصحف
قد يبدو العنوان أصلح ما يكون لفيلم سينمائي أو تلفزيوني . وفي العرض نقرأ التالي ( من المقرّر أن تنظر إحدى المحاكم المصرية في وقت لاحق من هذا الشهر في القضية التي رفعها المحامي نبيه الوحش ضد الفنانة روبي مطالبا ً بطردها من نقابة المهن الموسيقية .... ويطالب المحامي الوحش بمنع روبي من الظهور على شاشة التلفزيون لحماية النشء من مفاتنها وملابسها الغير محتشمة التي صارت موضة تقلدها الفتيات المراهقات ... )
انه الخوف والرعب الذي يخلقه الجسد حينما يقوم بما يؤكده كحقيقة إنسانية وحيدة .
نعم ما من حقيقة إنسانية سوى الجسد , وهو الأمر الذي أدركه مؤسسو الأديان فعملوا
على تقييده وتغليفه , وأحياناً سجنه . والغاية من ذلك هي إخفاء أية أدلّة تقوم ضد الوهم .
وهي أيضا ً نزعة امتلاك الصواب التي ينسبها المنغلقون لأنفسهم كنواب عن اله هو أقل منهم تشدّدا ًوأكثر رحمة , اله يعترف بحق الآخر في الاختلاف رغم تهديداته بالعقوبة يوم القيامة ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) لأنه لولا اعترافه وتأكيده على حق المختلف بالوجود لما خلق المختلفين ( وهو القادر على كل شيء ) ولما أتعب نفسه وملائكته بجلسات المحاكمة والحساب يوم القيامة . لكن الأدعياء العتاة ك(الوحش ) وسائر الوحوش يشكون بأهلية ربهم ويعتقدون بأنه لا يعرف مصلحته
فيحجرون عليه ويقومون بشؤونه . إنهم ببساطة يجعلون من ربهم غبيا ًلا يحسن التصرف .
وأما عن الأخلاق الحميدة التي يغار عليها ( الوحش ) ويرى بأن عري( روبي) يشكّل تهديدا ً لها بما يخلقه بين المراهقات من نزوع إلى التعري وارتداء الثياب الغير محتشمة نقول بأن الأخلاق ليست جسدا ً بل هي مجموعة لا تحصى من السلوكيات التي يمارسها الأفراد ( العاري منهم والمحتجب ) والمؤطرة بمقولات في غاية النسبية . وعلى ذكر النسبية , فيما يخص مفهوم الأخلاق , نود أن نطرح سؤالا ً في غاية البساطة : أيهما أكثر أخلاقية . رقص روبي واستعراضها أم قتل مئات الأبرياء بتفجير سيارة مفخّخة ؟ والسؤال السابق يستدعي سؤالا ً آخر : أيهما يشكّل تهديدا لمستقبل النشء ( الذي يغار الوحش على مصلحته ) ذلك الرقص أم تجنيد آلاف الشباب كعبيد للماضي وأدوات للقتل .

وعلى الصفحة الأخيرة لصحيفة أخرى نقرأ العنوان التالي ( البرلمان الكويتي مهتم بمؤخرة روبي ) سيظن من يقرأ العبارة السابقة , في حال عدم معرفته ب ( روبي )
أن الحديث يتم عن منطقة حدودية متنازع عليها , أو شركة تمر بمشاكل ,أو باخرة جانحة على الشاطئ الكويتي أو أي قضية من هذا النوع . وسوف يستغرب مع ( روبي ) حينما يكمل قراءة الخبر ( لا أعرف ما الذي يجعل نائبا ً برلمانيا ً , من المفترض أن ينشغل بهموم الناس وقضاياهم , مهتما ً بمؤخرتي ؟ ) وجاء الكلام ردا ً على تصريحات أطلقها النائب الإسلامي الكويتي ( عواد برد العنزي ) جاء في بعضها ( أن مؤخرة روبي قدّمتها ) .
مرّة أخرى , هو الخوف من المختلف , المختلف الذي يصرّ على وجوده , وسعي إلى تحطيمه وإلغائه . وهو الجسد يؤكد مرّة أخرى أنه الحقيقة الإنسانية الوحيدة في هذا الوجود , الحقيقة التي تفضح الوهم وتهدّده .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا