الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات والاحتلال

عماد صلاح الدين

2015 / 5 / 4
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


الانتخابات والاحتلال


حالة الانتخابات وتجاربها في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، تكاد تكون النادرة الوحيدة في التجربة المعاصرة، في ممارسة الديمقراطية؛ فالفلسطينيون يرزحون تحت الاحتلال الإسرائيلي، وهو احتلال - كما هو معروف- غير عادي أو تقليدي، فهو احتلال استيطاني إحلالي مرتبط بمشروع أو مشاريع استعمارية استغلالية كبرى ومتداورة في المنطقة العربية الإسلامية، بمعنى أن تراكم التجربة وبالتالي الاستفادة من تجارب ممارسة الديمقراطية في الأراضي المحتلة يكون تقريبا منعدما، لان أي خيار شعبي فلسطيني سيكون مجردا من أهداف وطنية وسياسية عليا، تصبح في صالحه، من وجهة النظرة الإسرائيلية وشروطها.

إن الانتخابات التي تريدها أو تقبل بها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص الأراضي المحتلة لعام 1967، يجب أن تنصرف فقط إلى تسيير أمور ونشاطات سلطة الحكم الذاتي الخدمية والمدنية، وبصرف النظر عن كل ادعاء أو تثبيت فلسطيني من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين دولة مراقب غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ذلك رغم كل قيمة قانونية أو عرفية للقانون الدولي، فيما عدا قرارات مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع وبشكل انتقائي أيضا، فان الغلبة تبقى في المنظور الدولي السائد للقوة التي تحكم العلاقات الدولية وسوابقها التطبيقية على ارض الواقع.

وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وهما تقبلان مبدأ وممارسة الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، سواء في ذلك انتخابات عام 1996 أو 2005، 2006، فهما تضعان من الشروط المفروضة في أوسلو في الأساس أو المتبناه من قبل الرباعية الدولية بالاعتراف بها ونبذ العنف والإرهاب وتجريم المقاومة وملاحقتها، كل هذه الشروط قبل الانتخابات الأولى أعلاه وبعدها وصولا إلى الانتخابات الثانية وما تلاها حتى اليوم أدت إلى:

1- ترسيخ شكلية المناداة بممارسة سياسية مفرغة من مضامينها في التداول السلمي للسلطة وتحقيق العدل والحريات الخاصة والعامة للناس، ذلك أن الشعب الواقع تحت الاحتلال أولويته الأولى والقصوى هو طرد الاحتلال وتحرير أرضه، ومن ثم بناء القواعد المادية والاجتماعية المؤسسية المبنية على أصول الممارسة العلمية والعملية، ليتحقق أولا ما يسمى بالعدالة الاجتماعية التي يقوم عليها نخب في السياسة والعلم والثقافة، وفي مجالات أخرى، وبمشاركة الجميع الوطني، ولفترة معقولة، ودون استبداد أو احتكار للسلطة، إلى أن تكون الطريق سالكة نحو الديمقراطية السياسية.
2- أدت الانتخابات تحت الاحتلال إلى تدشين مبدأ الانقسام الفلسطيني الفلسطيني بشكل واضح، إلى حد الاحتراب الأهلي في سنة 2007، والتي ما زالت تداعياتها الكارثية على الشعب الفلسطيني مستمرة حتى اليوم، ودون وجود إرادة حقيقية للتطلع إلى أفق عملي لانجاز مصالحة فلسطينية فاعلة.
3- أدت الانتخابات إلى قمع الحريات للفلسطينيين، ومنعت حرية الرأي والتعبير، والى تهميش قطاعات من الشعب الفلسطيني من المشاركة ومن نيل حقوقها، في غير قطاع عام وخاص.
4- أدت الانتخابات إلى حصار قطاع غزة والحرب عليه باستمرار لأكثر من ثماني سنوات وحتى اليوم.
5- أدت الانتخابات إلى ضرب بنى المقاومة في الضفة الغربية.
6- أدت الانتخابات إلى القضاء على البنى الاجتماعية والخيرية الموجودة في الضفة الغربية.
7- أدت الانتخابات إلى زرع الأحقاد في المجتمع والشك بين أفراده وتفسيخ نسيجه الأخلاقي والاجتماعي.
8- أدت الانتخابات إلى ايجاد الذرائع الإسرائيلية واستغلال الفرص في تكثيف ومفاقمة العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني.
9- أدت الانتخابات إلى تنفيذ برامج مالية ومشروعات مشبوهة أدت إلى إغراق الناس في هموم فردية وتكريس أمراض اجتماعية ناتجة عن التنافس على الاستهلاكية والشكليات الفارغة، وفرغت إرادة الناس من كل قدرة على صبر وتحمل ظروف الاحتلال العصيبة، فضلا عن ظروف الحياة القاسية بطبيعة الحال. والأخطر من ذلك أنها –تقريبا- قضت على الأهلية المطلوبة للبناء على مجموع المتحصل من سنوات النضال الفلسطيني في تحقيق قدر من الكفاية الذاتية أو ما يسمى بالاقتصاد المقاوم.

فهل يحتاج الفلسطينيون بعد كل هذا إلى انتخابات جديدة، تجلب مزيد من المآسي والكوارث عليهم؟؟ إن ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم هو الوحدة الوطنية، وتفعيل الإرادة الجامعة للعمل على توعية الناس بحقوقهم الوطنية الأساسية، وبخطورة الاعتماد على الغير في لقمة العيش، وبكارثة الإغراق في الاستهلاكية المعولمة التي لا تناسب ظروفنا، ولا تتناسب مع المعايير الإنسانية في العطاء والإنتاج والتضحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: انقسام الجمهوريون وأمل تبعثه الجبهة الشعبية الجديدة


.. هل تتجه فرنسا نحو المجهول بعد قرار ماكرون حل البرلمان وإجراء




.. حزب الله.. كيف أصبح العدو الأكثر شراسة لإسرائيل منذ عام 1973


.. ترامب ينتقد زيلينسكي ويصفه -بأفضل رجل مبيعات-| #أميركا_اليوم




.. تصادم قطارين في الهند يودي بالعشرات