الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميليس والخيارات الصعبة أمام دمشق

سليمان يوسف يوسف

2005 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


تتجه أنظار العالم هذه الأيام، الى سوريا ولبنان، حيث مجريات (التحقيق الدولي) في أهم وأخطر جريمة (اغتيال سياسي) شهدها القرن الحادي والعشرين حتى الآن، والمتمثلة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق(رفيق الحريري) في الرابع عشر من شباط الماضي في وسط العاصمة بيروت، وقد سبقتها ولحقتها سلسلة اغتيالات،طالت العديد من السياسيين والصحفيين اللبنانيين.وكانت قد حملت العديد من الأطراف والجهات اللبنانية والدولية كل من النظامين الأمنيين في لبنان وسوريا مسؤولية اغتيال (الحريري) والاغتيالات السياسية الأخرى، مستندين باتهاماتهم الى طبيعة العلاقة اللبنانية السورية التي اتسمت طيلة ثلاثة عقود بهيمنة أمنية ووصاية سياسية سورية على لبنان، كذلك الى الخلاف الذي كان قائماً بين (رفيق الحريري) و(النظام السوري) من قضية التمديد للرئيس إميل لحود ومن القرار 1559.ومع ازدياد الاهتمام الدولي بقضية الحريري و تقدم التحقيق بهذه القضية،يرى الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين،أن المستقبل السياسي لكل من سوريا ولبنان، سيتحدد على ضوء النتائج النهائية لتقرير القاضي ( ديتليف ميليس) رئيس الجنة الدولية المكلفة بالتحقيق بالجريمة.وقد بدأ (ميليس)، قبل أيام تحقيقاته في دمشق،ومن المقرر أن يستمع،كشهود في هذه القضية، الى العديد من القادة الأمنيين السوريين الذين عملوا في لبنان. لكن هذا لا يلغي احتمال توجيه التهم لهم وتوقيف من يشتبه به على ذمة التحقيق، على غرار ما حصل لقادة أربعة أجهزة أمنية لبنانية.والبعض يرجح بان لدى ميليس معلومات عن تورط ضباط سوريين في عملية الاغتيال ومهمة ( ميليس) في دمشق هي التحقق والتأكد من مدى دقة وصحة هذه المعلومات.ويتوقع هؤلاء بأن تقرير ميليس سيحمل مفاجئات كبيرة خاصة بالنسبة لسوريا، التي نفت مراراً أية علاقة لها باغتيال الحريري، وأنها ستتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في كشف الحقيقة لأنها ستكون في مصلحتها.طبعاً من غير أن تخفي(سوريا) قلقها وشكوكها حيال مهمة ميليس، ومن إمكانية تسييس التحقيق. وقد لخص الرئيس(بشار الأسد) موقف سوريا الذي يجمع بين (التعاون والتشكيك والقلق) من مهمة ميليس، في حديث له لمجلة ديرشبيغل الألمانية، نشرت في 29آب الماضي، قال: (( نحن نتعاون من دون أي تحفظ.نحن لنا مصلحة أيضاً في هذه التحقيقات لأنها تزيل التهم الخاطئة.. هذا في حال لم تأت النتائج مزورة ولأهداف سياسية.إن سوريا لا علاقة لها إطلاقاً في قضية الاغتيال..).يبدو واضحاً من كلام الأسد، بان دمشق تركت لنفسها خط الرجعة والباب مفتوحاً لوقف تعاونها مع لجنة التحقيق الدولية، فيما إذا أتضح لها بان شكوكها بتسييس التحقيق كانت في محلها.لكن، وكما يقول المثل الشعبي السوري: (( دخول الحمام، ليس كالخروج منه )).فحيال التعقيدات والتشابكات، السياسية والجنائية والقضائية والقانونية، التي تحيط بجريمة (اغتيال الحريري) وبعملية التحقيق بالقضية، أضحى موقف سوريا حرجاً للغاية وكل خياراتها صعبة، فبمجرد قبولها بالتعاون مع (اللجنة الدولية) المكلفة بالتحقيق، يفترض أن تتقبل( سوريا)وتحترم النتائج النهائية للتحقيق وتحمل كل ما يترتب على ذلك،دون تحفظ وتردد،حتى لو جاءت ضدها وأدينت بهذه الجريمة، وهو احتمال لا يمكن استبعاده،وسوريا تدرك جيداً بان إدانة أي ضابط أو مسئول أمني سوري،أياً كان موقعه في المؤسسة الأمنية، سيحمل المجتمع الدولي المسئولية كاملة للنظام القائم ، نظراً لطبيعة العلاقة القائمة بين السلطة الأمنية(العسكرية) والسلطة السياسية داخل النظام السوري.أما إذا قررت سوريا ايقاف تعاونها مع ميليس عندما تتيقن من حتمية تسييس التحقيق أو نتائج التحقيق ضدها ، وهذا غير مستبعد في ظل العلاقة المتوترة بين أمريكا وسوريا، عندها ستضع سوريا نفسها، كدولة (مارقة) بمواجهة المجتمع الدولي، وهذا ما تبحث عنه وتنتظره امريكا لتأخذ منها الذريعة التي تحتاجها للتضييق على النظام السوري واتخاذ الاجراءات الكفيلة بإجباره على تغيير مواقفه وسياساته،أو ربما لتغيير النظام نفسه، لأسباب تتجاوز (قضية الحريري)وتتصل بالموقف الأمريكي من سياسات النظام السوري، وعقاباً له على عدم تعاونه مع المجتمع الدولي في الملفات الإقليمية الساخنة( اللبناني، الفلسطيني، العراقي) كما تقول الإدارة الأمريكية.و إذا استمرت سوريا في رفضها التعاون،من المرجح سيحال الملف السوري الى (مجلس الأمن)، وقد يتكرر السيناريو العراقي، بين مجلس الأمن و سوريا، عندها على سوريا أن تتهيأ وتستعد للأسوأ وتحمل العواقب.ويبدو أن الإدارة الأمريكية قرأت جيداً الموقف السوري من مهمة ميليس، لذلك استبقت ما يمكن أن يحصل لـه في دمشق فصعدت من لهجة التهديدات ضد سوريا،أطلقها السفير الأمريكي في العراق (زلماي خليل زادة)، الذي قال: ((..باتت كل الخيارات ممكنة مع سوريا لإجبارها على تغيير سلوكها، بما فيها الخيار العسكري))، كما جدد (جورج بوش) اتهامه لسوريا: بعدم التعاون والشفافية في الموضوع العراقي واللبناني وهددها (بمزيد من العزلة).
من دون شك، أن الاهتمام الدولي بالملف اللبناني يتجاوز مسالة (معرفة الحقيقة) في قضية اغتيال الحريري، فقد سبق لأمريكا وفرنسا أن سعتا- قبل اغتيال الحريري- من أجل استصدار القرار 1559عن مجلس الأمن الدولي، الذي بموجبه أرغمت سوريا على سحب قواتها من لبنان بعد ثلاثة عقود من دخولها اليه، لهذا لا اعتقد بان تحرك أمريكا وحلفائها ضد سوريا متوقف على النتائج النهائية لتقرير ميليس وما إذا كانت ستدان( سوريا) أم لا، طبعاً من غير أن نقلل من أهمية هذه النتائج. فلم يعد سراً، بان المستقبل السياسي لمنطقة (الشرق الأوسط) بات على سلم أولويات الأجندة الأمريكية،بعد تفجيرات الحادي عشر من ايلول 2001،كما لا يمكن فصل التحرك الأمريكي والأوربي، عن التوجهات الجديد للسياسية الدولية تجاه المنطقة(العربية و الإسلامية)التي منها انطلق منفذي العمليات الإرهابية في امريكا وبعض العواصم الأوربية.فامريكا تسعى، مع حلفائها الأوربيين،لإعادة تشكيل هذه المنطقة الحيوية من العالم،بما يضمن مصالحهم الاستراتيجية فيها،وإدماجها في نظام عالمي جديد،بدأ التحضير له بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة.(نظام دولي) يقوم على نبذ العنف و محاربة الإرهاب و دعم التحولات الديمقراطية وحقوق الإنسان،وتسوية الصراعات الإقليمية،وانهاء الأنظمة العسكرية والدكتاتورية التسلطية القائمة، باعتبارها لم تعد تتوافق وتنسجم مع نظرة (العالم الحر) الى مستقبل (الإنسانية).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تراجع شعبيته.. ماكرون يكثف حملاته الدعائية | #غرفة_الأخب


.. اتهامات متبادلة بين فتح وحماس بعد تأجيل محادثات بكين | #غرفة




.. أنقرة تحذر.. يجب وقف الحرب قبل أن تتوسع | #غرفة_الأخبار


.. هل تنجح جهود الوساطة الألمانية في خفض التصعيد بين حزب الله و




.. 3 شهداء إثر قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لفلسطينيين شمالي مدينة