الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ا لأول من ماي : اليوم العالمي للعمال أو عيد اللامعايدة

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2015 / 5 / 4
الحركة العمالية والنقابية


ا لأول من ماي : اليوم العالمي للعمال أو عيد اللامعايدة.
درجتُ بمناسبة كل غرة ماي أن أكتب نصا أو تعليقا ، يعبق برائحة الايديولوجيا من كل زواياه وبين كل أسطره . فقرّْرتُ هذه السنة 2015 ، أن لا أقول فيه مثلما تعوّدتُ ، إنسياقا مني لما فُرضَ من أجناس سياسية ، رُبَّما !!! لِترَهُّلً في اللغة وتجنبا للتكرار ، قد يكون الأمر كذلك ، نُزولا عند رغبة الحاكمين بأمرنا ، عقديا ، سياسيا ومعيشة ، وهو المانع الاصح وفق ما إستقرّ في دخيلتي التي تطلبُ من الدنيا طيِّباتها لا غير ، مثلي في ذلك مثل الكثيرين من أبناء البروليتاريا "المُتبرجزين " أخلاقيا وثقافيا وهو الدافع الأصح لي في مُحاولة التخلي عن أدلجة نص التدوينة (على ما يبدوا ) .
لن أطيل في ذكر هواجزي ، بل لا يجب ، ولا يحق لي هذا .
الاوّل من ماي ليس عيدا للشغل !! ولا للعمل !!! وهو ليس عيدا من أصله ومنذ إنطلاقه ، إنه ببساطة اليوم العالمي للعُمّال ، إنَّهُ ذكرى إنتفاضة عالمية للقُوّةِ البشريّة الحيّة ، للانسان ضدَّ أسباب إستغلاله ، إنّه ذكرى وحدة الطبقة العاملة العالميّة طلبا لحقّها في تحسين شروط عملها ودفاعا عن حقّها في حياة كريمة ، من شيكاغو الى بيكين مرورا بليفربول وميلانو ... الخ ، من نظرية إقتصاد السّوق الى الاشتراكية مرورا بالتردونيونية ومنها اشتراكية النقابات (او الاشتراكية التعديلية او الدولة الاجتماعية ، او إقتصاد السوق الاجتماعي .... الخ وحديثا مقولة الاقتصاد التضامني ) . كلها مقولات تغريريّة تُغرق العُمّال والنظّريّة الثوريّة التي عليهم أن يتملّكوها ، تحت أكوام من الحلول والشّعارات الترقيعيّة ، المُهادنة ، والكاذبة حول السِّلم الاجتماعي وحول إمكانية تحقيق الرّخاء والازدهار ، إن هُم ركنوا الى تقديس العمل ، إن ضاعفوا من إنتاجيتهم وتغاضوا عن ظروف إستغلالهم ومعيشتهم السيّئة ، لصالح الحقّ العام !! لصالح حماية الأمن الإقتصادي الوطني !! وتجنيبه آيات الانهيار . نفس هذا الإقتصاد الوطني ، ونفس ذاك الوطن الذي يتمعّشُ ، مُلّاك المال (الرأسماليون ) أجانب كانوا أو محليين ، ومُلّاك السياسة (سماسرة الاحزاب وسماسرة النقابة ) أجانب كانوا أو محليين أيضا ، يتمَعّشون من نُمُوِّه كما من إنحداره ، من إستقلاله سواءا بسواء مثلما لو كان مُستعمَرًا ، بشكل مُباشر أو غيره ... الخ ، وهم نفس السّادة الذين يستثمرون شقاء الاغلبية الكادحة وبُؤْسِها بنفس الحدّة والهِمّة والنشاط ، أكان ذلك في حالة الرُّكود الثوري ، أو في حالة الغليان الشعبي ، في الأولى يُمعنون في إستغلال قوى الانتاج ، وفي الثانية يُغلون في إستغلال الدولة لتتملّق قوى الانتاج وتُحوِّلَ وجهة نشاطها الثوري الى غير محلِّهِ (زيادات وهمية في الاجور ، إنتداب عشوائي في القطاع العام ، قضايا هووية مغلوطة .... الخ ). سلاحهم في ذلك دوائر نقابية تابعة ومُساهمة في السمسرة ، ومجاميعَ "نُخبويّة " مُتاجرة بالأفكار وبالإيدولوجيا يمينا ويسارا ، إحترفت تشويه نضالات العُمّال وإمتهنت تفتيت وحدتهم ، وإرتضت لنفسها جرف طريق مغلوط ، بمطالب ملغومة ، تُغرق الطبقة العاملة وعموم الأجراء والمُظطهدين فيها ، سقفها زيادة نسبية في الأجور هنا ومفاوضة حول الترقية هناك ... الخ ، تُسمّى زورا مُفاوضات إجتماعية !! أما كان الأجدر الدفع نَحو مراجعة جذرية لمجلّة الشُّغل ؟ ومعها كلُّ المجلّات الجبائية ؟ في إتّجاه تثويرها كُلّها خدمة للمصالح الجوهريّة والمُحدّة لمِلح الأرض ، لأولئك الذين لا سند لهم غير سواعدهم !!! للذين "يُحْتَفى " بإنجازات أسلافهم وذوي جلدتهم كُلَّ غرّة ماي من كلِّ سنة ؟؟!! أو ليس هذا أجدى من صراعات جُزئية حول مُفاوضات أجور أو تهرُّبً ضريبي لهذا أو ذاك ، لهذا القطاع أو هذا !! تكون مُحصِّلتها في النهاية وبعد إستقرار الأوضاع والسُّوق ، وبعد أن تأخذ قوانين إقتصاد السوق أنفاسها ، لتفعل فعلها من جديد ، رِبحًا صافيا يُصَبُّ في خزائن الأعراف ، إمّا في شكل إرتفاع الأسعار ، أو أكثر عُمْقا في تَدَنِّي قيمة السِّلع المُتبادلة في السُّوق ومعها قيمة قُوّة العمل ، قيمة الانسان العامل !!! .
لهذا ، ولغيرهِ من المسائل ، الأوّلُ من ماي ليس عيدا ، لم يَكُن كَذلك ولا يجب أن يكون ، إنَّهُ ذكرى إحدى المعارك الطويلة التي خاضها مُنتجي الثروة الحقيقيين ضد الاستغلال والقمع والاظطهاد ، ولا تَجوز فيه أو بمناسبته المُعايدة ، طالما البُؤسُ ، القمع والشّقاء يَنخَرُ جسد الانسانية شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا ، بإسم حماية الوطن تارة ، الانتصار لهيبة الدولة طورًا ، و إعلاء راية الأمة والهوية والدين والأخلاق و"القيم" ... الخ ، لمّا تُعييهم الحيلة الأولى والثانية .
قيمة الانسان في عمله ، في شُغلهِ ، في مُساهمته في الانتاج ... الخ ، العمل عبادة ، هذه مقولات لا خلاف حولها ، ولكن أين تَظْهَرُ قيمة العمل (قيمة قُوّة العمل ) ؟ ، كيف تُتَرجم ؟ أين تَظهر قيمة هذه العِبادة التي تُقدِّسُها كلُّ ماكينات وأبواق الرأسمالية ؟؟ أين نُحوِّلُها الى رخاء وراحة لِمُلّاكها الحقيقيين عِوَضَ أن تكون كعادتها وكما درجت منذُ فجر الرأسمالية أرقام تُضافُ الى حسابات مُلّاك رأس المال ، وكُتُبَ .نظريّات كسيحة تملأ خزائن أتباعهم وسماسرتهم من أدعياء الثقافة والتمدُّنِ والحداثة .
تآمر الجميع ليجعلوا من الأوَّلِ من ماي عيدا !! للشُغل عند البعض !!؟؟ للعملِ عند آخرين !!؟؟ وبينهما أسْقِط العامل والأجير من الحُسبان ، فرضوا قيمة العمل المُجرّدة على قيمته كعامل مُنتج للثروة ، يوهمونه كعادتهم أنَّ العمل (الشُّغل ، عمليّة الانتاج ... الخ ) هي السبب الالهي لوجوده ، رُغم أنَّ جُملة الحقائق التاريخية الناتجة عن مُعاينة موضوعيّة للتاريخ تَقول بأنَّ قيمة قوّة العمل ، أي الإنسان بالفكر كما بالسّاعد ، هو أصل كلُّ القيم ، وأنَّ العامل هو أصل العمل والرأسمال والربح ، كُلُّهم مع بعض ، وأنَّه الأقلَّ إستحواذا على ما يُنْتَجُ بعرقه ولحمه ودمه ، في كلِّ العملية الإقتصادية (إنتاجا وإستهلاكا ) ، لذا فالأوَّلُ من ماي ليس عيدا للشُّغل ، أو العمل ، طالما الشّغِّيلة والعُمّال لم يكُن عائدُ الثروة التي يُنتجون ليس لهم ، طالما يلدون في كلّ يوم أرباحا مُظطردة النمُوّ لِمُستَغِلّيهُم ومعها جيوشا من العاطلين (إحتياط العمل ) يتقاتلون لإقتسام تركة الذُّلّ والمهانة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هيئة المحامين في تونس تعلنُ الإضرابَ العام احتجاجا على اقتحا


.. تركيا.. وقفة احتجاجية لأجل الأمهات المضطهدات في غزة في مدينة




.. تفاعلكم | تصوير جنازات المشاهير يشعل أزمة بين وزارة الأوقاف


.. نقابة الصحفيين ترفض قرار وزارة الأوقاف




.. بعد توقيف محامية وصحافيين اثنين.. دعوات لإضراب عام للمحامين