الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مذبحة سطيف
عدنان شيرخان
2015 / 5 / 5مواضيع وابحاث سياسية
مآسي الماضي ومذابحه ومقابره الجماعية لا يمكن ان تعالج بالنسيان او ترك الامور على حالها، والاتكال على فتور المطالب بمرور السنين. التاريخ يقول بأنه يجب مواجهة هذا الماضي بشجاعة والاعتراف والاعتذار وما يترتب عليهما من تبعات معنوية وقانونية ومادية.
ماضي فرنسا الاستعماري الدموي المرعب لا يزال شاخصا امام الشعوب التي استعمرتها، وفرنسا بحكوماتها المتعاقبة (من يمين ويسار ووسط) تتهرب من الاعتراف رسميا كدولة بمسؤوليتها عن الجرائم والمآسي التي احدثتها قواتها الغازية. ولكن هل من الممكن التعويل كثيرا على زيارة ملفتة للانظار من مسؤول فرنسي كبير الى الجزائر الاسبوع الماضي، عندما حضر وزير الدولة الفرنسي المكلف بشؤون قدامى المحاربين جان مارك توديسكيني للمشاركة في ذكرى مرور 70 عاما (مجزرة سطيف 1945) التي راح ضحيتها 45 ألف شهيد حسب التقديرات الجزائرية.
زيارة غير مسبوقة ومشاركة ربما تفضي الى الاعتراف والاعتذار كما يتمنى الاخوة الجزائريون، ولكن لاحظ التلاعب بالالفاظ بتصريح الوزير توديسكيني الذي قال "أن زيارته هي اعتراف بالعذابات التي عانى منها الجزائريون في تلك الحقبة". وقبله أقر السفير الفرنسي في الجزائر هوبير كولان دي فيرديار، عام 2005، بمسؤولية معينة لفرنسا في مجزرة سطيف، عندما وصف ما حصل بالمأساة التي لا تتحمل أي اعتذار.
ساء الجزائريون ويسوؤهم التردد الفرنسي بالتقدم الى الامام والاعتراف بالكم الفظيع من جرائم الابادة الجماعية والتي لا تسقط بالتقادم ومرور الزمن، وتعد مجازر سطيف، احدى اهم النقاط السوداء فى تاريخ العلاقة بين الجزائر وفرنسا. المجزرة بدأت في مدينة سطيف شرق الجزائر يوم 8 أيار 1945، وقد احتفل الفرنسيون يومها بانتصار الحلفاء على النازية، ونزل مئات آلاف الجزائريين إلى الشوارع في سطيف وبلدات مجاورة، وهم يحملون الأعلام الجزائرية وشاركوا الفرنسيين فرحتهم وطالبوا باستقلال بلادهم، كما وعدتهم فرنسا فى حالة مشاركتهم فى الحرب العالمية الثانية وتحقيق الانتصار، ولكن رد فعل القوات الفرنسية الغازية كان وحشيا داميا في سطيف ومدينتي قالمة وخراطة مخلفين نحو 45 ألف شهيدا في حملة ابادة جماعية قل مثيلها دمروا خلالها قرى بكاملها واحرقوا المزارع واستخدموا فيها القوات البرية والجوية والبحرية.
وكانت هذه الاحداث الاليمة الشرارة التي مهدت للثورة الجزائرية الكبرى ( 1954) التي كللت بالاستقلال في الخامس من تموز سنة 1962 بعد ان دفعت الجزائر اكثر من مليون شهيد ثمنا لحريتها واستقلالها. ان رفع شعارات المساواة والديمقراطية والتباهي بالتحضر والحرية والإنسانية لا يمكن الاطمئنان لها الا اذا اقترنت بأفعال شجاعة وتحمل المسؤولية، ولا شك ان بيد فرنسا مفاتيح حل هذه الاشكاليات التأريخية المرة. ولايمكن قبول تبرير الوحشية التي ادت الى مقتل عشرات الآلاف من المواطنين الابرياء. لا نتمنى ان نرى فرنسا منافقة، تحتج وترى في المذابح التي تعرض لها الارمن ابادة جماعية، وتدفن رأسها في رمال الوهم عن الجرائم التي ارتكبتها في الجزائر، وان تعمد الى استبدال كلمات (ابادة جماعية) الى "عذابات عانى منها الجزائريون في تلك الحقبة".
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت
.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا
.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و
.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن
.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا