الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صهينة الثقافة العربية

محمود حافظ

2015 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لعل هذا العنوان يبدو غريبا بعض الشيئ ولكن هناك كثر من كانت لهم الجراة فى دخول هذا الحوار نحو صهينة الثقافة العربية وعندما نتحدث عن الثقافة فلابد لنا ان نضع معيار معرفى لماهية هذه الثقافة والذى هو متعارف عليه بمعنى أن الثقافة هى عبارة عن التراث الفكرى والمعرفى لكل أمة بمعنى أنها عبارة عن مجموعة العقائد والقيم والتقاليد والقواعد التى يتمسك بها مجتمع هذه الأمة ويقبلها وهى بالتالى عبارة عن المفاهيم والأفكار التى يستوعبها البشر داخل نطاق معين متجانس يسمى الأمة .
وإذا اردنا ان نطبق هذا المفهوم المعرفى على الثقافة العربية نجد أن أهم هذه القواعد هو أن الأمة تتحدث لغة واحدة جامعة شاملة وإن اختلفت لهجاتها أما فيما يخص العقائد والقيم والتقاليد سوف نجد أن هذه الأمة العربية هى الوحيدة من دون الأمم التى تملك الأصول والنابعة منها خاصة فى الديانات السماوية فاليهودية والمسيحية والإسلام وهى الديانات السماوية المرسلة من رب العرش على بشر لتوجيه وتنظيم والتحكم فى بشر هذه الأمة هى مهبطها الأمة العربية وإذا اضفنا ان العقائد فيما قبل الديانات كانت فى محيط الأمة العربية وفى ثنايا تراثها المنبع سوف نعرف مدى التجذر المعرفى والإنسانى لهذه الأمة فقد كانت الحضارات الرومانية و اليونانية وما تم من إنتاجه من تراث معرفى فى محيط وبين ثنايا الأمة العربية بل ما هو أكثر من هذا فالحضارتين اليونانية ووريثتها الرومانية قد ارتوت معارفها وثقافتها من المنبع الأصلى وهو الحضارة الفرعونية المصرية القديمة والتى هى فى الأصل الجذرى نشأت على ضفاف نيل مصر واستوعبت من هذا النيل الخير والنماء والمعرفة .
ولابد ان نذكر هنا ان اول مهبط للوحى كان على سيدنا موسى والذى نشا وترعرع فى تراث الحضارة الفرعونية كما أن سيناء هى ارض مصرية وان اللواح على سيدنا موسى والمكونة للتوارة كتاب الديانة اليهودية قد نزلت فى أرض سيناء ثم كانت الهجرة إلى أرض فلسطين فهل كانت هذه أول الهجرات أم سبقتها هجرة سيدنا يعقوب من ارض العراق إلى فلسطين ثم هجرة سيدنا يعقوب وأولاده إلى أرض مصر مع سيدنا يوسف ثم العودة مع سيدنا موسى مرة اخرى إلى فلسطين ةهنا لابد من الإشارة غلى ان فلسطين بالنسبة لليهود هى أرض مهجر وليست ارض أصل وأيضا لابد من الإشارة ان مقولة ارض مملكة بنى صهيون من النيل غلى الفرات قد نشات من فكرة إستيعاب التراث بداية من منشأ سيدنا إبراهيم حتى ظهور بشارة الديانة فى مصر وهنا يظهر مدى تجذر الثقافة اليهودية من واقع عاشته .
لقد نشأت المسيحية كديانة فى فلسطين لتهذيب التشوهات البشرية التى لحقت بالديانة اليهودية وكان سيدنا عيسى إمتداد لسيدنا موسى فى الأصل والمعرفة .
كما كان ظهور الإسلام فى شبه الجزيرة العربية نابعاً من نفس المنهل الإبراهيمى الممزوج بالأصل الفرعونى فسيدنا إسماعيل ابن سيدنا إبراهيم من هاجر المصرية ولكن من ربته وترعرع فى كنفها كانت أمه هاجر ولما كان استيعابه الحضارى من واقع معيشته فكان التاثير الفكرى من الثقافة المصرية مع تراث ثقافة الصحراء فى البادية .
لقد كان ظهور الإسلام فى شبه جزيرة العرب كدين جامع شامل مكملاً حلقة الربط بين اليهودية والمسيحية ايضاً جامعاً بين مثلث بيت الله فى الكعبة المشرفة فى قلب الصحراء وبين الحضارتين العربيتين فى مصر والعراق حضارة النيل وحضارة مابين النهرين .
فكما هبطت الألواح على سيدنا موسى فى سيناء الصحراوية المباركة كذلك هبط الوحى على سيدنا محمد فى صحراء شبه الجزيرة العربية بجوها القائظ والأشد قسوة فقد كان القرآن هاديا ومنجيا لبشر ثقافتهم المعاشة والمكتسبة هى ثقافة الغلظة فقد كان الرسول الأكرم رحمة للعالمين كما كان القرآن الكريم تعليمات إلاهية لتهذيب إنسان خلق ظلوما جهولاً.
ومن هنا لابد ان يكون مدخلنا للثقافة الصهيونية وبداية تبلورها التاريخى فالنزعة الصهيونية لم تكن وليدة مؤتمر بازل بسويسرا فى سنة 1897 م ولكن هذه النزعة قديمة قدم الديانة نفسها وعندما نقول أن الله ارسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين هنا فقط وبهذه الأيه الكريمة يبدو الفرق واضحا فالعالمين يعنى ديانة عالمية لاتحتاج إلى ارض ولا تحتاج إلى شعب فى المقابل تظهر النزعة القومية عند اليهود فى أن الله الواحد هو إله اليهود فقط بعنى تم إختزال الله عند اليهود فى شعب هو الشعب اليهودى وفى ارض هى ارض كنعان أو فلسطين وهذا هو المدلول فى النزعة الصهيونية نزعة إثنية قومية .
إذاً الثقافة العربية والتى افترشت الأرض آنذاك من مصر القديمة والشام وشبه الجزيرة حتى إمتدادها الرومانى لتشمل البشرية فهى ثقافة للإنسانية جمعاء ولا تقتصر على عالم معين ولكنها لكل العوالم وهنا ينتفى منها العنصر القومى كما يختفى منها العنصر الإثنى أو العرقى الأمر الذى يتناقض مع الثقافة الصهيونية والتى حصرت الله فى انه رب اليهود فقط كماحصرت القومية فى فلسطين ارض كنعان التى وعد بها الله نبيه إبراهيم وربما هنا تناقض آخر يجب الإشارة إليه فوعد الله لسيدنا إبراهيم ابو الأنبياء بأن أرض كنعان ستكون لمن ينحدر من صلبه فهذا لايقتصر على اليهود وحدهم فالعرب ايضاً من صلب سيدنا إبراهيم أحفاد إسماعيل كما أن اليهود والمسيحية احفاد سيدنا غسحاق وكلاهما من ينحدر من صلب سيدنا إبراهيم .
لقد أعاد هرتزل فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إحياء النزعة الصهيونية لدى اليهود المطاردين فى اربعة أرجاء المعمورة وكان التركيز على الثقافة اليهودية وبالتالى النزعة القومية الإثنية لليهود ثم التسلل لأرض الميعاد فى فلسطين فقد عمل هرتزل على مر سنوات متعاقبة على تنمية النزعة الصهيونية لدى اليهود بالتركيز على فكرة معادة اليهود وكراهيتهم وتعرضهم للإضطهاد ( وهى الفكرة التى ولدت منها فكرة معادة السامية ) .ثم تنمية روح التعصب الجماعى والتضامن مع المستوطنين اليهود فى فلسطين بالمبالغة فى سوء احوالهم ومن هنا كانت هناك جماعات الهاجانة بكورة تكوين الجيش الصهيونى .
إذاً الثقافة الصهيونية هى ثقافة عمادها حصر العقيدة الصهيونية فى ان الرب هو رب اليهود فقط وتوحدهم على هذه العقيدة وايضاً القومية بان الأرض أو الوطن هى فلسطين او ارض كنعان ثقافة التعصب والتوحد .
إذا عندما نتحدث عن صهينة الثقافة العربية والتى نبعت من الدين الإسلامى فى العقيدة نقول انه أصبح هناك تعصب إقليمى من ناحية ايضاً هناك جماعات تعصبت فى العقيدة من ناحية اخرى بمعنى لقد تم إضفاء صفة الصهيونية على الإسلام والأمة العربية فكانت ظهور حركات فى الإسلام كالحركة الوهابية فى شبه الجزيرة العربية كمركز لها وتعصبها فى الدين الإسلامى لفئة اطروحات من أئمة المسلمين فى فترات غابرة قد أنفى عنها صفة العالمية واصبحت حصرية حتى حصرت الدين الإسلامى لديها فقط ومن على غير عقيدتها الوليدة فهو غير مسلم وكانت اولى هذه العنصرية فى العقيدة هى الحرب على المسلمين الشيعة ثم من بعدهم المسلمين السنة بداية من المتصوفة ونهاية بالإسلام المعتدل الأشعرى وبدات تظهر روافد هذه الجماعات من السلفية حتى السلفية الجهادية وصولً الى التكفيرية وكلها جماعات قد حصرت بداخلها الله واصبح لها وحدها وكل من هو على غير عقيدتها اصبح كافراً .
لقد كان ظهور جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وحصرها المسلمين فى ماهم أعضاء الجماعة مظهراً آخر من مظاهر التعصب فى العقيدة وهو مظهر ىخر من مظاهر الثقافة الصهيونية والذى تم إتباعه من هذه الجماعات والتى اصبحت تقسم الأمة العربية غلى فرق متعددة وشرازم كثيرة فلم يقتصر المر على الوهابية والإخوان بل خرج النبت الكثر تاثرا بالثقافة الصهيونية بدايةمن القاعدة ثم داعش والنصرة وجيش الإسلام وغيرهم الكثر ولكن هنا هل كان التاثر بالثقافة الصهيونية متماهيا مع هذه الثقافة ؟ .
هنا لابد ان نوضح الغرض من هذا الغزو الثقافى الصهيونى للثقافة العربية الإسلامية فبينما كانت العقيدة الصهيونية عاملة على تجميع اليهود تحت صقف واحد على ان يكونوا مجمعين نحو رب واحد خاص بهم وارض واحدة مصوبين عليها انظارهم على انها أرض الميعاد نجد ان ثقافة الصهينة للأمة العربية قد تناقضت مع الفكرة الصهيونية الصيلة فاصبحت ثقافة الصهينة تعمل على تفكيك الأمة الواحدة إلى العديد من الأمم وتفكيك العقيدة افسلامية إلى العديد من العقائد الإسلامية وكان الدين الإسلامى أصبح مجموعة من الأديان ولكل دين منهم حبر او إمام ومن هنا نستطيع ان نقول ان مظهر الثقافى الصهيونية اصبح طاغيا على عموم المة العربية كما نستطيع ان نقول ايضاً ان كافة الروافد التى تصهينت من الأمة العربية اصبحت لصيقة الصلة بالأصل الصهيونى فأصبحت السلفية الوهابية صديقة حميمة للصهيونية ومتمتهية معها كذلك جماعة الإخوان المسلمين وخاصة ظهر هذا التلاصق عندما حكم افخوان مصر فى غفلة من الزمن وكانت الخطابات بين الطرفين ما بين صديقى العزيز وصديقك الوفى ثم كافة الروافد سواء كانت داعش او النصرة او جيش الإسلام واخواتهم لايدارون إرتباطهم الثقافى بالكيان الصهيونى حتى اصبحت الكاميرات تنقل صور علاج الجرحى من هذه الجماعات فى مستشفيات الكيان الصهيونى .
وهنا لابد من الإشارة مرة اخرى فى مفهوم الثقافة والتى الآن اصبحت قوة مؤثرة فهى القوة الناعمة التى تبث الأفكار حتى تترسخ هذه الفكار فى وجدان امة ما وتصبح هذه الفكار تثل الفعل فى الواقع ومن هذا المفهوم نقول ان ثقافة الصهينة قد وصلت بالأمة العربية بعد ترسخها فى وجدان تابعيها حتى التضحية بالنفس فى الأعمال التفجيرية الإنتحارية وان هذا مدلول آخر يبعد بمن أعتمد هذه الثقافة الصهيونية عن الأصول الإسلامية والتى تجرم الإنتحار او أذى النفس بالإقصاء حرمة التكفير لأن الإنسان المسلم أمين على جسده ولا يملكه .
إذاً لقد نجحت الصهيونية فى تفكيك الأمة العربية والإسلامية بواسطة غزوها للثقافة العربية والإسلامية ونشر روح التعصب والإثنية والتى هى منبع الصهيونية فى الأمة امة العالمين والتى اصبحت فرق متعددة بل وصل الأمر إلى بناء حلف عربى – صهيونى واصبح هذا الحلف عقيدته القتالية هو إجماعه ضد من يحارب الكيان الصهيونى حتى ولو بالكلمة كما أن هذه الحلف يعمل على تفكيك ووأد كل من يعمل على تجميع الأمة فى كيان واحد يسمى الوحدة العربية او القومية العربية وكانت العراق ولبنان اولى الضحايا فتفككت العراق ثم خربت ليبيا والآن رحى الحرب دائرة فى سوريا البعثية رائدة الفكر القومى العروبى وايضاً اليمن العربى الحضارى الشقيق حتى أصبح الكيان الصهيونى يحارب الأمة العربية بواسطة الأمة العربية واصبحت السعودية الوهابية هى الأداه المنفذة للثقافة الصهيونية واصبحت الأمة العربية الآن خالية من ملامح الأمةوثقافتها بعدما تمكن منها الحلف الصهيو – أمريكى السعودى القطرى التركى والتى تجذرت فى ثقافته ثقافة الصهينة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس تسلم -بري- الورقة الفرنسية المتعلقة بوقف إطلاق النار ب


.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن| #أميركا_ال




.. الخارجية الأميركية: 5 وحدات في الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتها


.. تراكم جثامين الشهداء في ساحة مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنو




.. بلينكن: في غياب خطة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين لا يمكننا دعم