الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف البائس

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


مازال سؤال الثورة يطرح نـفـسه عند المثـقـفـين بدرجاتهم المختـلفة. هل ما يشهده الوطن العربي ثورة أم هي مؤامرة امبريالية؟
نتساءل في البدء هل ان مباركة الأنـظمة الأوربية و الولايات المتحدة تعني مباشرة ان الأمر مؤامرة؟ ثم هل ان هذه الأنظمة قد باركت فعلا انـتـفاضة الشعـوب العـربية ضد أعتى أنواع الإذلال للفرد العربي التي لم يشهـدها على مدى تاريخه؟ ثم هل ان العـرب يعيـشون في كوكب خاص بهم بحيث لا يخضعـون لمبدأ التأثير و التأثر في العالم؟
هل العرب فعلا طينة خاصة؟ هل العربي في عمقه لازال يعتـقـد راسخا انه سليل الآلهة أو ابن الرب أو على أقـل تـقـديـر ذو رسالة خاصة عبر التاريخ كلفه بها الله و تميزه تميـيزا فعـليا عن بقية الشعوب؟
انك فعلا أمام ظاهرة مواربة متوارية و مخادعة إلى الدرجة التي لا يعتـقـد فيها المرء بتلك الصفات. يبدو انه يوجد عامل أساسي يوحد كل ذلك و هو الخوف من العالم. الخوف يتوارى خلف الغضب و مجمل التوترات. انه يتوارى خلف الكره و الحقد مثلما يتواريان خلفه.
هناك عـدم إيمان بالذات و الإنسان و قـدراته الخارقة التي تـنـفجر في اللحظات الاستـثـنائية و هناك عـدم إيمان بأي شيء. عدم الإيمان ناتج طبعا عن عدم التدرب على التـفكير صوب طلب الحـقيقة. جل ما هنالك من تـفـكير هو مجرد عـدة حرب.
حين ترى مثـقـفـين ينزعون إلى فـسخ تحركات الشعـوب و إرادتها و انـتـفاضتها فانـك تتسائل عن كنه هذه الكائنات. هل هي مجرد كائنات ورقية بالية؟ لا يخلو الأمر من شخصانية مقيتة. اغـلب هؤلاء المثـقـفين اطلعوا على مقولات الإرادة الإنسانية الجبارة و على قـدرات الإنسان على قـلب الأوضاع لان الإنسان وعي و تصور و تمثل قبل ان يكون ظاهرة معيشية يـومية. لكن هؤلاء الكائنات الخرافية تـنـفي على شعوبها صفة الإنسان. في عمقها لا تخرج عن منطق التـفكير في كون الشياطين و الملائكة هي التي تحرك كل شيء. لم يعـلموا أنهم هم من قـزموا أنـفـسهم بالتعالي الأجوف على الواقع الحي. كانوا يحتـقـرون الشعب لقصر في الرؤيا و تـقـاعـسا عن الدور الذي يجب ان يكونه المثـقـف .
المثـقـف الذي يجب ان يكون في المقـدمة، يستـطـلع المجهول ليحـوله إلى معلوم و يخبر أهله بحـقيقة ما رآه، و ان لم يصدقوه فيحاول بألف طريقة ان يقـنعهم. و هنا عوض ان يكون كذلك فانه يرضى بالفتات و ينسج آلاف الكلمات ليغـطي تـقـاعسه و تـقـزيمه لنـفـسه، و إيثاره للكبرياء الزائف و التميز الفارغ من المعنى الحـقيقي. ذاك المثـقـف المازوشي الذي يتـلذذ بآلامه و دموعه المراقة. المثـقـف الضعيف الهزيل. المثـقـف الذي تخـونه الكلمات لأنه لا يتعبد الكلمات و إنما يتعبد تـفـاهته التي يدأب على اعتبارها عبقرية استـثـنائية. ذاك المثـقـف مازال يعـيش صدمة تـقـدم الشعـوب عـليه و عـوض ان يقـف بشرف الذي يلامس الحقيقة فانه يستمر في مغالطة نـفـسه و مغالطة الآخريـن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني. هل اشترت سيارة بوغاتي


.. بعد -المرحلة الأخيرة في غزة.. هل تجتاح إسرائيل لبنان؟ | #غرف




.. غارات إسرائيلية على خان يونس.. وموجة نزوح جديدة | #مراسلو_سك


.. معاناة مستمرة للنازحين في مخيم جباليا وشمالي قطاع غزة




.. احتجاج طلاب جامعة كاليفورنيا لفسخ التعاقد مع شركات داعمة للإ